بغض النظر عن لغة الأرقام التي تشير بحسب آخر الاستطلاعات إلى أن هناك حالة غليان تحت القدر، خصوصا في الضفة الغربية، فإن الأنفاس الساخنة الخارجة من أنوف الناس تلفح وجوه من يقترب منهم، فالأمور وصلت إلى "مناخيرهم".
نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية بين 10-12 من هذا الشهر في الضفة الغربية وقطاع غزة تعبر عن حالة إحباط من جانب، ووعي بضرورة التغيير من جانب آخر، فعلى سبيل المثال تواصلت نسبة الرضا عن أداء محمود عباس في الانخفاض من 38% قبل ثلاثة أشهر، إلى 35% في الاستطلاع الحالي.
وأظهرت الأرقام أن "67% يعتقدون أن (إسرائيل) غير ملتزمة بأوسلو وأن الرئيس غير جاد في التخلي عن اتفاق أوسلو بينما طالب 65% باستقالة عباس.
في الضفة كان هناك أيضا تعبير عن الرأي بطريقة مختلفة غير لغة الأرقام.. التعبير بالدم، إنها مرحلة أولية قابلة للاتساع والتطور، رغم أن سلاحها سكين وحجر لكنها رسالة مضمونها بين السطور:
هذا حجري يوشك بالصياح أفضحهم...
قد غسلوا وجههم ببولهم
بولوا عليهم...
علّهم يصحون من غبائهم
ولست مازحا
إرادة الشعوب تكره المزاح.
في غزة تدفع حالة الحصار وشعور المواطنين بأنهم أسرى، وارتفاع معدلات البطالة بين صفوف الشباب إلى البحث عن منافذ للحرية والحياة، لهذا كان تعبير الأرقام في نفس الاستطلاع يكشف عن رغبة نسبة كبيرة من المستطلعة آراؤهم في الهجرة من الوطن حيث ظهرت النسبة في القطاع (41%) بالمقارنة مع الضفة (24%).
في المثل الشعبي قالوا "اللبيب بالإشارة يفهم" ومن لا يؤمن بلغة الأرقام عليه أن يخرج من مكتبه ويغادر كرسيه، ويترجل من سيارته ويندمج بين الناس، ليتحقق من صدقية وحقيقة الأرقام.
ليس المهم أن نعظ هؤلاء بمخاطر الهروب والهجرة، الأهم أن نعالج حالة الاغتراب داخلهم والا انطبق عليهم قول الشاعر:
مواطنون دونما وطن
مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن
مسافرون دون أوراق
وموتى دونما كفن
في لحظة ما تتلاشى الفجوة بين الغربة والحياة في الوطن، إذا شعر المواطن أن بيته منفى عندها سينشد:
كل المنافي لا تبدد وحشتي
ما دام منفاي الكبير.. بداخلي