رغم مرور عدة أيام، إلا أن بلدة كفر الديك في محافظة سلفيت لا تزال تعيش الصدمة والحزن على فقدانها لأبنها محمد زهران ابن العشرين ربيعا.
ومع افتخار كل مواطن ذكرا كان أو أنثى بالعملية البطولية التي نفذها زهران، حينما طعن عددا من جنود الاحتلال الإسرائيلي في مستوطنة "أرائيل" الصناعية، وإصابتهم بجراح متفاوتة، إلا أن دماثة أخلاقه وعلاقته المميزة بالجميع جعلت من غيابه صعبا عليهم.
حقق رغبته
والده الذي كان في سفر خارج البلاد يوم وقوع العملية الخميس 24-12-2015، لا ينفك لسانه على ترديد الحمد لله والشكر، يؤكد لـ"فلسطين الآن" أن "أهل البلد جميعا يزكون الشهيد لهدوئه وحسن أخلاقه.. ويشير إلى أنه قبل أسبوعين أدى العمرة برفقته، إذ كان إنسانا مؤمنا وخلوقا ومشهود له بذلك.
وعما حدث مع ابنه محمد قال "رغبة في نفسه أن يكون شهيدا وقد حقق الله له هذه الرغبة.. نحن تحت احتلال وعلى كل إنسان أن يفكر بالجهاد، وكلنا على هذا الدرب.. ابني لن يكون أول أو أخر شخص يقوم بهذا العمل الفدائي".
وشدد والده على أن ما قام به محمد كان قرارا داخليا لم يشاور به أحد.
وعن الأسباب قال "نحن نعيش حالة ضيق اقتصادي، ولا نشعر أننا أحرار.. لا يوجد فرصة للعمل في القطاع الحكومي، لذا لا حل إلا العمل بالمستوطنات أو داخل إسرائيل، وهذا ما كان يفعله محمد وغالبية أصدقاءه".
وعن مخاوفه من هدم المنزل ردا على العملية الفدائية التي نفذها نجله الشهيد، بدا والده واثقا من نفسه، وقال "لن نهتم لو هدموا البيت.. ذهب الفارس فما حاجتنا إلى الفرس"، وتابع "بيتي وأنا وأولادي فداء لفلسطين".
يحب فلسطين
أما شقيقه ضرار زهران، فقد رآه مساء اليوم السابق، الأربعاء 23-12. يقول "سهرنا معا، وكان طبيعيا جدا.. ما قام به هو عمل فردي، لم يشاور أحد.. جاء ودع الجميع بطريقة عادية، لم نشعر به، فمعروف عنه أنه كتوم وصامت".
وعن أثر غيابه، أكد أن العائلة مفجوعة "ففقدان الأخ أمر صعب".
وعن يوم العملية، أوضح أنه قرأ عبر موقع "الفيسبوك" أن عملية طعن وقعت في مستوطنة "أرائيل" القريبة من بلدتهم.. لكنه لم يهتم كثيرا لذلك.. لكنه استدرك "وصلت إشاعات كثيرة عن هوية المنفذ، وأتصل بي أصدقاء وسألوني عن أخي محمد.. فأبلغتهم أنه في العمل،، وقتها شعرت بشيء ما.. ولكن بعد ترديد الاسم تأكدنا أنه هو".
وأكد أن محمد لم ينتمي يوما لأي فصيل سياسي.. وقال "نحب فلسطين ونعمل من أجلها وليس من أجل فصيل".
صلة الرحم
شقيقه بهاء هو الأقرب إليه سنا، وينام معه بالغرفة ذاتها.
يقول "ليلا جلسنا معا في البيت. لم يظهر عليه أي علامة. هو كتوم جدا. كان يقرأ القران ويصلي فهو ملتزم دينيا".
ويمتاز الشهيد حسب أخيه بأنه يصل رحمه كثيرا، ويحب الناس ولا أحد يكرهه.. كما أنه بعدما عاد من العمرة ظهر عليه الزهد بشكل كبير..
وعن ذلك يشرح "أعاد الحقوق لأصحابها، حتى مخالفة سير أصر على دفعها.. وكان عليه دين بسيط لسوبر ماركت قريب من بيتنا، ذهب ودفعه، رغم أن قيمته شواكل معدودة".
"أم الشهيد"
الأم المكلومة بفقدان فلذة كبدها، تحاول أن تضبط نفسها. تقول "الحمد لله.. رفع رأسنا ورأس الجميع.. أنا اليوم "أم الشهيد"، لقب أفخر به كثيرا والفضل لله ثم لمحمد الله يرحمه".
وعن صفته تقول "شاب متدين، كان في زيارة للرسول في مكة.. الناس هنا تحترمه وتحبه.. ليس لديه مشاكل مع أحد".
وعن أخر مرة رأته، كان قبل خروجه بدقائق تحدثت معه ولم تشعر بأي شيء غريب. قال لي أنا مغادر للعمل، وطلب مني أن أرضى عنه..
كان أصعب شيء على الأم وصول خبر استشهاده.. تقول "ما في حدا أغلى من الولد.. لاحظت أن أعداد كبيرة من الناس تجتمع باب البيت، لحظتها علمت بالقصة.
تشييع مهيب
مساء الأحد 27-12، كانت كفر الديك وسلفيت برمتها على موعد مع جنازة تليق بمكانة الشهداء.. الآلاف خرجوا رغم الوقت المتأخر ليلا إلى الشوارع وساروا في وداع الشهيد الذي نعته حركة "حماس".. هتفوا للقدس والأقصى.. وطالبوا المقاومة بالرد على جرائم الاحتلال.