المشهد يتكرر بالمكان ذاته، بفارق 10 سنوات.. لكنه في المرة الأولى أصيب بجراح خطرة، وفي الثانية استشهد.
ففي عام 2006، كان هيثم العائد وقتها حديثا من الجزائر التي أمضى فيها سني طفولته وشبابه-، يقف بانتظار دوره في المرور على حاجز كان يعرف وقتها بـ"حاجز 17" شمالي نابلس في طريقه لبلدته عصيرة الشمالية المجاورة.
جندي إسرائيلي تحرش بفتيات فلسطينيات وحاول نزع حجاب إحداهن، فتحركت الشهامة والنخوة لدى هيثم الذي هجم على الجندي ووجه له لكمة حادة بقبضته فهوا على الأرض، فأطلق أخر النار عليه، فأصيب بجراح خطيرة أبقته طريح الفراش في مستشفى داخل فلسطين المحتلة بين الحياة والموت لأكثر من ثلاثة أشهر. ولاحقا تسببت الإصابة له بإعاقة حركية وحالة نفسية صعبة.
شهامة كبيرة
يقول شقيقه حازم لـ"فلسطين الآن" إن "والده ووالدته عملوا لعقود مدرسين في الجزائر، وكانت العائلة تعيش هناك.. وتعود خلال الإجازات السنوية لمسقط رأسها بلدة عصيرة الشمالية".
تدريجيا بدأت العائلة تشيد بيتا وتستقر تباعا في البلدة، وفي عام 2004، قرر الشهيد البقاء في عصيرة وعدم السفر مجددا.
ويتابع "وقعت الحادثة معه على الحاجز فأصابته بنكسة كبيرة، لكن أثبته شهامة قل نظيرها وبات مضرب المثل في دفاعه عن بنات بلده".
وعن حياته أوضح شقيقه أن الشهيد كان ملتزما بالصلاة ومعروف بحسن الخلق وبعلاقته الجيدة مع جيرانه ومن حوله.
وعن حادثة استشهاده، يشير إلى أنه تلقى اتصالا من أحد السائقين على خط عصيرة- نابلس يبلغه أن أخيه هيثم ملقى على الأرض بعد أن أصيب برصاص الاحتلال على مدخل البلدة قرب المكان الذي كان عليه الحاجز السابق.
هب حازم وعائلته لمعرفة ما الذي جرى.. لكن الجيش الإسرائيلي منعهم كما منع سيارات الإسعاف من الوصول إليه وتركه ينزف -أسوة ببقية شهداء فلسطين- لأكثر من ساعة، حتى أُعلن عن استشهاده.
كانت صدمة كبيرة يؤكد حازم، "فليس من السهل أن تفقد أخيك الذي عشت معه سنوات طويلة".
وما زاد من ألم العائلة أن الوالدين كانا في الجزائر، وقد سافروا قبل أسبوع واحد فقط. لكنهما عادا فجر أمس الجمعة لحضور جنازة ابنهما.
جريمة إعدام
رئيس بلدية عصيرة الشمالية ناصر جوابرة، نقل عن شهود عيان قولهم إن "هيثم كان ينتظر على قارعة الطريق سيارة تقله لنابلس. فمرت دورية للجيش الإسرائيلي ونزل منها الجنود وحاولوا استفزاز الشهيد، وعندما حاول الدفاع عن نفسه أطلقوا عليه الرصاص وأعدموه".
وتابع "ما جرى مع هيثم صورة طبق الأصل مع ما جرى مع عشرات الشهداء.. الرواية جاهزة "محاولة طعن"، ومن ثم رمي السكين إلى جانبه".
ويطالب جوابرة بضرورة التحرك العاجل لمنع تكرار مثل هذه الجرائم، مؤكدا أن مقاومة الاحتلال لن تتوقف يوما طالما بقي فوق أرضنا.
جنازة غاضبة
الآلاف هتفوا غاضبين في جنازة الشهيد الذي لف بعلمي فلسطين والجزائر، مطالبين بالرد على جرائم الاحتلال وعدم ترك العزل فريسة سهلة لجنوده الذين يحاولوا إشباع غرائزهم الدموية بقتل أبناء الشعب الفلسطيني.
كما استذكروا موقفه ونخوته حينما أراد حمى وشرف الفلسطينيات.