"كمال أبو فياض" من مواليد عام 1970، ولد في مخيم النصيرات للاجئين وسط قطاع غزة، درس تعليمه الثانوي في مدرسة خالد بن الوليد بالمخيم وحصل على معدل 95%، وكان من الطلاب الأذكياء جداً.
لم يتوقع أقرانه وأساتذته ومن صاحبه في مرحلة الدراسة أن تكون نهاية حياة الطالب المجتهد "الانتحار شنقا"، والكثير يتسأل لماذا أقدم "أبو فياض" والذي يبلغ من العمر 45 عاماً على الانتحار؟
اعتقل مهندس فخرج مختلا
الإجابة على هذا السؤال تبدأ عندما خرج "كمال" من قطاع غزة عام 1989 ليكمل تعليمه الجامعي في ألمانيا الاتحادية، بعد أن حصل على معدل 95% في الثانوية العامة مما أهله أن يسافر ليكمل تعليمه الجامعي.
وبالفعل وصل إلى ألمانيا ودرس تخصص هندسة كهربائية، في إحدى الجامعات بألمانيا، وكان من المتفوقين في مجاله داخل أروقة الجامعة.
وأنهي تعليمه الجامعي، واستقر مدة 7 سنوات بألمانيا، ثم قامت الشرطة الألمانية باعتقاله لبعض الوقت قبل ترحيله إلى مطار "بن غريون" الإسرائيلي عام 1996، ومن ثم وصل قطاع غزة، لكنه وصل شخص غير الذي كان يعرفه أهله وأقرانه، وصل "كمال" إنسان آخر ليس على ما يرام.
يقول أحد أقربائه عندما عاد إلى قطاع غزة كان انطوائي لا يريد أن يتحدث مع أحد، ولا نعرف ما الذي حل به في ألمانيا، فقط كل ما سمعناه أنه كان يتلقى العلاج بسبب حالته، وبعد أن عاد ظل كما هو، وكثيرا ما كان يجلس وحيدا داخل غرفته التي كانت مجاورة لمنزل العائلة.
بعد مرور وقت على هذه الحالة قامت أسرته بعدة محاولات للوقوف على ما يمر به "أبو فياض" فتم عرضه على الأطباء، ولكن دون جدوى، وفى النهاية تم نقله إلى مستشفى غزة للصحة النفسية لتلقي العلاج اللازم.
يروي أحد أقربائه أن "كمال" كان يستطيع إصلاح أي جهاز إلكتروني في وقت قصير، ويستطيع وضع أي إضافة على هذا الجهاز لكي يعمل بشكل صحيح.
ويتابع أنه قبل عشرة أيام من انتحاره كان يرفض أن يتحدث مع أحد، وزاد انطوائه مما دعي عرضه على أكثر من طبيب، وتم عرضه على أحد رجال الدين لينظروا حالته لكن دون جدوى.
وفي يوم وفاته ذهب إليه أحد أقربائه قرابة الساعة الرابعة والنصف مساء يوم الخميس 14/1/2016 ليتفاجأ بـ "أبو فياض" معلقاً بسلك "إستي" ملفوف حول عنقه وطرفه الآخر بأحد المواسير التي تحمل ألواح الأسبست داخل الغرفة التي كان يعيش فيها، مما دعاه أن يستدعي بقية أسرته، وقاموا بإنزاله وفك السلك من حول عنقه لعلهم يجدوا به حياة، ولكن قدر الله قد نفذ، فقاموا بالاتصال بسيارة الإسعاف، ومن ثم حضرت قوة شرطية للوقوف على الحادث.
ونقل "كمال" إلى مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة، ومن ثم تم نقله بعد ذلك إلى مستشفى ناصر جنوب قطاع غزة لعرضه على الطب الشرعي، الذي أكد أن حالة الوفاة كانت انتحار ناتج عن انهيار عصبي للمتوفي.
يشار إلى أن هذه الأيام تصادف مرور 10 سنوات على مواصلة "إسرائيل" حصارها على قطاع غزة، والذي تسبب بفقدان آلاف الفلسطينيين عملهم، حيث زادت نسبة البطالة لأضعاف أضعاف ما كانت عليه، في ظل تكدس أعداد الخريجين، واستمرار إغلاق مصر معبر رفح بوابة غزة نحو العالم الخارجي.