منذ أسبوع وسمير زعبي من نابلس يسعى لتعبئة أسطوانات الغاز المنزلي دون جدوى، إذ استنفذت معظم محطات الغاز في الضفة ما تملكه من اسطوانات غاز، جرّاء زيادة الطلب بسبب الأوضاع الجوية، ونقص توريد الغاز لها من سلطات الاحتلال منذ بداية العام الحالي.
يقول زعبي إنه يستخدم ثلاث جرات غاز في بيته، واحدة لإعداد الطعام، والثاني لسخان الماء "بويلر"، والثالث للصوبة، وكان ينقل واحدة مكان الأخرى كلما فرغت، "فعندما أنتهى الغاز في الطباخ، نقلت إليه الأنبوبة التي كنا نستخدمها للصوبة، كوني أملك واحدة تعمل بالكهرباء، وعندما فرغت استخدمت المربوطة بالسخان.. لكنها فرغت أيضا، فماذا افعل!!".
يتابع "اتصلت كالعادة على مورد الغاز الذي كان يحضر عادة بعد أقل من نصف ساعة ومعه الجرة المليئة، لكنه هذه المرة تأخر لنحو 6 ساعات اتصلت خلالها عليه أكثر من مرة.. وعندما رد حاول تبرير تأخيره، ليبلغني أخيرا أنه يعتذر عن توفير طلبي، فلا مجال لاستبدال الأنبوبة الفارغة، نظرا لعدم وصول الغاز من الوكيل".
اعتقد سمير أن البائع يتحايل عليه ويريد أن يرفع السعر شيكل أو شيكلين، لكنه صعق عندما علم أن المشكلة حقيقية وأن البلد برمتها تعاني منها، منذ مدة طويلة، لكنها انكشفت للرأي العام مع دخول المنخفض وتضاعف الإقبال على الغاز.
وعلى صفحات التواصل الاجتماعي طرحت مجموعة من الأسئلة من قبيل: هل هناك أزمة غاز حقيقة أم أنها مجرد تخوفات و"لعبة" من التجار لرفع الأسعار نظرا للحاجة الماسة إليه في الشتاء؟ وهل ما يضخه الاحتلال للسوق الفلسطيني يكف حاجاته؟ وهل سيرتفع ثمن اسطوانة الغاز في الأيام المقبلة؟..
المشكلة قديمة
عضو نقابة محطات تعبئة وتوزيع الغاز مصطفى الطريفي، أوضح أنه منذ بداية العام الجاري يوجد نقص ملحوظ في توريد الغاز، حيث ما يصل للشركات الفلسطينية والوكلاء لا يكف حاجات الشارع الفلسطيني.
ولم يجد الطريفي مبررا لما يجري معربا عن أسفه لعدم قدرته على تفسيره، سوى ما تقوله هيئة البترول دائما بان النقص سببه تأخر البواخر، وهي الحجة التي تسوقها منذ ثلاث سنوات.
وقال إن شركته -على سبيل المثال- تستهلك في الوضع الطبيعي 45 طن من الغاز يوميا، إلا أنه لم يصلها بالأيام الأخيرة إلا (10-15) طن فقط، مضيفا أن الشركات تحاول توفير الخدمة اللازمة للمواطنين وهي تعمل (24) ساعة إلا أن نقصان كميات الغاز يعطل عملها ويهددها بالإغلاق.
ولفت إلى أنه يوجد (26) محطة غاز في الضفة، تعطل جزء كبير بشكل كامل بسبب نقصان كميات الغاز، قائلًا "علينا أن نقف عند مسؤولياتنا، نقصان الغاز أمر خطير يهدد مزارع الدجاج والمشافي، وإذا تفاقمت سيشكل أزمة صعبة وخانقة".
وعن احتمالية ارتفاع سعر اسطوانة الغاز البالغة (52) شيقل، أكد على أنه حتى الآن لم يطرأ أي ارتفاع على ثمن اسطوانة الغاز، فيما يتخوف الأهالي من ارتفاع ثمنها بالأيام القادمة إذا تواصلت الأزمة، لافتًا أنه منذ أكثر من (20) يوم لا يمتلك أي إجابة واضحة من السلطة التي تقول دائما إن التأخير من الاحتلال وبسبب بواخر النقل.
الاحتكار وارد
بدوره، طالب رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية بالنظر إلى الأزمة بموضوعية، وأن يتحمل كل طرف مسؤوليته بما فيها هيئة البترول وإدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني.
وأكد أن الازمة بدأت منذ اليوم الأول من العام الجاري وأخذت تتفاقم حتى بلغت ذروتها هذه الأيام، ما خلق حالة من الارباك والفوضى خاصة في محطات تعبئة الغاز التي أصبحت قبلة للمواطنين للحصول على الغاز بما يخالف قرار الدفاع المدني الذي يمنع ذلك.
وقال هنية: "هناك رائحة احتكار بهدف رفع السعر، واستغلال واضح للمواطن، وهناك كميات كافية من الغاز ولكن يوجد سوءا في التوزيع، إضافة إلى إخفاء لكميات الغاز الموردة للسوق، وهذا يفتح باب التلاعب بالأسعار، لأن سعر الاسطوانة 52 شيقلا، وفي هذا الوضع أصبح الوكيل يوصلها بسعر 65 وبعض الوكلاء لا يردون على الهاتف، وربما يصل سعرها إلى 70 شيقلا.
وطالب هنية إدارة حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد الوطني إلى تحمل مسؤوليتها لأنها جهة رقابية وتنفيذية، وتحمل صفة الضابطة القضائية ويحق لها توقيف ومحاسبة أي وكيل يثبت احتكاره للغاز.
البواخر تأخرت
من جهته، نفى نائب رئيس هيئة البترول، محمد أبو بكر، وجود أزمة غاز في ضفة وغزة، مؤكدا على أن ما يدور هو شيء طبيعي نتيجة الحالة الجوية التي تعيق وصول البواخر التي تنقل الغاز لميناء أسدود.
وتابع "نقل الغاز في البواخر هو أمر معقد وخطير، ويستغرق وقت طويل وخاصة في الاجواء الجوية غير المستقرة، إذ يعيق ارتفاع الموج حركة البواخر ووصولها للموانئ".
وبيّن أبو بكر أن ما تنتجه مصفاتي "حيفا" و"أسدود" يتم استغلاله من الاحتلال وتزود به الضفة وغزة، لتسد 30% من الحاجة فقط، ويتم استيراد 70% من الخارج، مشيرا إلى أن حالة الهلع التي تسود بسبب الأحوال الجوية خلقت إلحاح لدى المواطن للحصول على عدة اسطوانات غاز فوق حاجته، مؤكدا أنه يتم توريد الغاز إلى السوق المحلي بشكل يومي بمقدار 500-550 طن غاز للضفة، أي ما معدله 45500 إسطوانة يوميا.