لم يفلح كبار منتجي النفط في إبرام الاتفاق الذي كان سيصبح أول تعاون من نوعه بين منتجين من داخل منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) ومن خارجها منذ 15 عاما، إذ يبدو أن رفض إيران المشاركة في تثبيت إنتاج النفط لم يكن شيئا يسهل تجاوزه.
هذا الرفض الإيراني كان يمثل منذ طرح فكرة تثبيت الإنتاج في فبراير/شباط الماضي، الثغرة الرئيسية في الاتفاق المقترح.
وقد تعجب محللون وقتها من جدوى الاتفاق إذا رفضت إيران المشاركة وعمدت إلى زيادة إنتاجها ليصل إلى نحو أربعة ملايين برميل يوميا بحلول نهاية العام الجاري كما تقول، وهو ما يعني مزيدا من الإمدادات الفائضة عن حاجة الأسواق.
وقد صدرت إشارات متباينة خلال الفترة الأخيرة بشأن إمكانية تجاوز الموقف الإيراني واستثناء طهران من ترتيبات تثبيت الإنتاج، غير أن السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، صعّدت موقفها وأكدت أنها لن توافق على تثبيت الإنتاج إذا لم يشمل كل المنتجين الكبار.
الموقف السعودي
موقف السعودية عبّر عنه ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشكل واضح في مقابلتين مع وكالة بلومبيرغ، الأولى جرت في نهاية مارس/آذار الماضي والأخرى قبيل انعقاد اجتماع الدول المنتجة في الدوحة.
وقد تحدث محمد بن سلمان بلهجة شديدة حين قال إن بلاده لن تفوت أي فرصة لبيع نفطها إذا لم يتفق جميع المنتجين على تثبيت مستويات إنتاجهم، وهو ما يشير إلى استمرار حرب الحصص السوقية وربما تصاعدها في المستقبل، ما لم يحدث تطور في اتجاه آخر.
ويصعب استبعاد العامل السياسي عند محاولة فهم الموقفين السعودي والإيراني في مسألة النفط، في ظل تزايد الخصومة بين الجانبين.
المكسب البعيد
ويبدو أن السعودية ومنتجين آخرين لا يخشون مواجهة تحديات السوق في المدى القريب ويضعون نصب أعينهم المكسب البعيد. فقد أكد ولي ولي العهد السعودي أن المملكة لا تخشى انخفاض أسعار النفط وأن لديها خططا اقتصادية لا تتطلب أسعارا مرتفعة.
كما ألمح وزير الطاقة القطري محمد بن صالح السادة في المؤتمر الصحفي الذي أعقب اجتماع منتجي النفط بالدوحة، إلى أن التركيز يجب أن يكون على "تحسن عميق" في سوق النفط وليس تحسنا مؤقتا، وذلك ردا على سؤال عما إن كان يخشى هبوط أسعار النفط بسبب عدم التوصل إلى اتفاق لتثبيت الإنتاج.
وإن كانت هناك من نتيجة إيجابية لانخفاض أسعار النفط بالنسبة للمنتجين الخليجيين فهي أن ذلك يؤدي إلى إخراج مزيد من المنتجين الأميركيين المنافسين من السوق، إذ إنهم لا يستطيعون مجاراة غيرهم بسبب تكاليف إنتاجهم المرتفعة نسبيا.
لكن هذا الخروج الأميركي من السوق لن يصل إلى المستوى اللازم لإعادة التوازن بين العرض والطلب في أسواق النفط العالمية المتخمة قبل عام 2017 بحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية، فهل يمكن الانتظار حتى ذلك الحين؟