مع مطلع شهر مايو من كل عام، وعلى أعتاب فصل الصيف تنتشر في شوارع وأحياء قطاع غزة ظاهرة بيع الذرة المسلوقة، حيث تعتبر مصدر رزق لمئات الأسر التي وضعها الحصار ضمن قائمة البطالة المنتشرة في القطاع المحاصر.
لا فرق بين خريج ولا طالب ولا عامل، فجميعهم في غزة يقتسمون البطالة، ويتجرعون مرارة الحرمان، ويعانون ظلمة وعتبة انقطاع الكهرباء، فلا يرحمهم حر الصيف، ولا يعطف عليهم برد الشتاء، الكل في البحث عن العمل سواء.
على ناصية شوارع قطاع غزة يجلس بائعو الذرة، يفترشون الأرض، ويطهون الذرة المسلوقة بإناء على النار، يقضون نصف أوقاتهم في البحث عن الكرتون والخشب لإشعال النار المخصصة لطهي الذرة كون غزة تعيش أزمة غاز الطهي بالتزامن مع عشرات الأزمات المرافقة لها.
يعتبر الحصول على الكراتين المخصصة لطهي الذرة جهد كبير وعناء يصاحبهم طيلة الوقت، فتحت أشعة الشمس المتزايدة حرارتها يعكف الغزيون على كسب لقمة عيشهم بعرق جبيهم، في محاولة لإيصال رسالة تطالب الجميع بكسر الحصار، وتتويج صمود الغزيين بمستقبل مشرق يليق بتضحيات شعب بأكمله.
البطالة تجمع الغزيين
الكل في البطالة سواء في قطاع غزة، حيث أنهك موضوع الحصول على العمل خريجي قطاع غزة، علاوة على تزايد نسبة البطالة بمنع الاحتلال الإسرائيلي إدخال الاسمنت المخصص للبناء إلى قطاع غزة، ليضيف عشرات المهن إلى بطالة مؤقتة لحين السماح بدخول الاسمنت من جديد.
الخريج يحيى محمد، حصل على شهادة التربية الرياضية من جامعة الأقصى، طرق أبواب البطالات والجمعيات والمؤسسات غير أنه كما باقي الخريجين لم يتمكن من الحصول على عمل، فلجأ إلى مهنة مؤقتة سرعان ما تنتهي بانتهاء الموسم، فانضم إلى ركب بائعي الذرة المسلوقة في قطاع غزة.
وأشار الخريج يحيى إلى أنه لا يشعر بالإحراج من بيع الذرة المسلوقة، موضحا أن العمل بالنسبة له مقدس، ومطالبا جميع المسئولين بالوقوف عند مسئولياتهم، والعمل الفعلي على رفع الحصار، وإيجاد فرص عمل مناسبة لخريجي القطاع المحاصر.
وعبر بائع الذرة المؤقت عن سعادته بتوفر مصدر دخل يومي غير ثابت له من خلال بيع الذرة المسلوقة، متمنيا أن يحصل على فرصة عمل تتناسب مع شهادته الجامعية التي كلفته مصاريف كبيرة، وجهد متعب خلال أربعة أعوام.
سبيل الفقراء
على ناصية شارع الفاروق يمارس العامل رمضان الدشت مهنة بيع الذرة المسلوقة، حيث يخرج إلى عمله المؤقت صبيحة كل يوم ويستمر فيه حتى ساعات متأخرة من الليل، كون ذروة البيع تكون في ساعات المساء.
وأوضح الدشت أن عمله في بيع الذرة يجنبه سؤال الغير ويوفر مصدر رزق لأطفاله في ظل انعدام فرص العمل في قطاع غزة.
ونوه بائع الذرة أن موسم الصيف يعتبر مصدر رزق لمئات الأسر التي تمتهن بين الذرة المسلوقة، والأسكمو، والبرد، في شوارع القطاع وعلى شاطئ البحر.
وعبر الدشت عن سعادته بتوفير دخل يومي وإن كان قليلا لعائلته، متمنيا دوام النعمة وزيادتها، ومطالبا الجميع بالاهتمام بطبقة العمال التي أرهقها الفقر، وأتعبها الحصار، وحرم أطفالهم من أبسط حقوقهم، فكان الحرمان حالهم، والبكاء مآلهم، والغصة بعدم الحصول على طفولة تلائم براءتهم تلازمهم، في ظل استمرار الحصار.