يطل شهر رمضان المبارك من كل عام ويطل معه جملة " تسهيلات"، تمنحها دولة الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين، تمكن من خلال فلسطينيين بشروط خاصة من التنقل بين مناطق في فلسطين التاريخية والوصول إلى أماكن يمنع على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة الوصول إليها سائر أيام السنة، فما هي حقيقة هذه "التسهيلات".
بلال الشوبكي محاضر العلوم السياسية في جامعة الخليل، يرى في حديث خاص لـ"فلسطين الآن" أنّ ما تعارف النّاس على تسميته بالتسهيلات، هي سياسة ليست جديدة من قبل الاحتلال، هي في حقيقة الأمر ليست سوى احتواء وامتصاص لأي نفس مناوئ للاحتلال. يدرك الاحتلال بعد كل هذه السنين أنّ شهر رمضان هو فترة يُشحن فيها الفلسطيني المسلم عاطفياً بشكل مكثف، ويترافق مع ذلك أنماط خاصة من العلاقات الاجتماعية، بحيث تصبح مواجهتها مجازفة إسرائيلية باندلاع مواجهة مفتوحة وقويّة، تستمد طاقتها من بعد إيماني في هذا الشهر.
وأضاف الشوبكي "إسرائيل" وكما هو معلوم ليست معنية في أي تصعيد مع الجانب الفلسطيني في الضفة الغربية، وقد بدا ذلك واضحاً خلال المواجهات الأخيرة التي شهدت أوجها في نهاية 2015. فقد استخدمت أسلوب الاحتواء والمعالجة الأمنية المركزة، ولم تكن معنية في توسيع المواجهات، حتى تحافظ على المكتسبات التي تحقّقت في السنوات الأخيرة، من حيث البنية الأمنية والاقتصادية في الضفة الغربية.
ويكمل "هناك قراءة أخرى في هذا السياق، أنّ إسرائيل ومن خلال هذه السياسة لا تسعى فقط لتخفيف الاحتقان في الشارع، بل تريد خلق نموذج حياة للفلسطيني يناقض حياة الفلسطيني الذي يعيش في بقعة مريحة لفصائل المقاومة، بحيث يغدو نموذج غزة هو العصا ونموذج الضفة هو الجزرة، وفي الحالتين يبدو الفلسطيني في المكانين تحت وطأة الاحتلال، لكنّه في الضفة يعيش هذا الظروف دون إحساس بالمأزق ممّا يكبّل أيّ حراك نحو المواجهة".
"سميرة الحلايقة" النائب في المجس التشريعي، ترى هذه التسهيلات المزعومة عادة ما يكون مقابلها استحقاق سياسي يدفعه الفلسطينيين، وغالبا ما يحاول الاحتلال بذلك أن يزين وجهه القبيح، وهو في كل مرة يقدم هذه التسهيلات يحاول أن يضفي نوعا من الشرعية على وجودة بأنه صاحب الحل والربط وهذه التسهيلات هي حقوق واجبة للشعب الفلسطيني وليست منه من أحد، والاحتلال يدرك أن الشارع الفلسطيني محتقن وهو يحاول أن يخفف من هذا الاحتقان لذوي الحاجات والمضطرين من جهة فيما يحاول أن يرسخ لدى العامة أنه صاحب الحل والربط.
النائب في المجلس التشريعي عن كتلة التغيير والاصلاح "عبد الرحمن زيدان" يرى التسهيلات هي قصة خداع، فالعدو يمنح بعض الحقوق المسلوبة ويسميها تسهيلات، ولو نظرنا إلى الأعمار نجدها في الأغلب لكبار السن أو للشباب وهناك عدة أهداف يحققها الاحتلال مما يسوق له، أولها/ دعائي إنساني لتجميل صورة الاحتلال الذي يمنع الأقارب من التواصل ويحاصر البلدات والمدن ويمنع المصلين من الوصول إلى الأماكن المقدسة للعبادة (مسلمين ومسيحيين) طوال العام ولكنه يمسح ذلك بحملة دعائية عن إنسانيته وتسامحه في هذا الشهر.
وأضاف زيدان أن الاحتلال يسعى لتحقيق هدف اقتصادي حيث أن الأموال الطائلة التي تصرف من قبل الزوار في الأماكن السياحية والمواصلات والمشتريات تصل إلى مئات الملايين تصب في عجلة الاقتصاد من جهة وتحرم السوق الفلسطيني وتضعفه من جهة أخرى، كما يسعى الاحتلال لتحقيق هدف أخلاقي وأمني لأن الفئة المستهدفة بالتسهيلات (ما عدا زوار الأقصى) قليلة التدين في الأغلب وتهرب من الواقع المحافظ في الضفة إلى واقع منفلت على شواطئ "تل أبيب" وحيفا ونهاريا وأسواق المدن ومرافقها السياحية ولن تكون بعيدة عن أعين الأمن بل سيسهل اصطياد الكثيرين منهم وتجنيدهم لخدمة الأمن لاحقا في مناطقهم ، بل إن (التسهيلات المزعومة) توفر غطاء للتواصل المباشر مع بعض المرتبطين بحجة السياحة.