أعلامٌ ملونةٌ تزيّن الشوارع على امتدادها من الأعلى يتخللها عددٌ من الفوانيس المضيئة، وكلماتٌ جميلة بخطها مرسومةٌ على الجدران بعد أن طلاها الدهان، ومجسمٌ صغير لمدفع يعلن إيذان دخول الشهر الكريم كما تفعل الدول، وعشرات الأطفال ابتسمت شفاههم بعد أن نقشوا على وجوههم الألوان الزاهية، هكذا بدت أول أيام شهر رمضان المبارك في أحد أحياء رفح.

في مخيم الشابورة وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة، يختلف رمضان فيها عن باقي مخيمات المحافظة، خصوصًا شارعي "أبو الصابر" و"أسدود"، بأجواء البهجة والفرحة والزينة التي استقبلوا فيها شهر رمضان المبارك بجهودهم الذاتية وأدواتهم البسيطة.

مدفع رمضان

بأدوات بسيطة جدًا وبجهود ذاتية متواضعة صمم شباب شارع "أبو الصابر" في مخيم الشابورة مدفعًا صغيرًا للإيذان بدخول شهر رمضان المبارك كما تفعل الدول، لإدخال الفرحة والبهجة على أهالي الحي وأطفاله كاستقبال للشهر المبارك.

صاحب الفكرة الشاب حسن شبانة الذي يقطن في الشارع، قال خلال حديثه لـ"فلسطين الآن": "نحن لنا مكبوتين أكثر من 10 سنين، فأحببنا أن نعمل للأطفال في شارع أبو الصابر زينة، فعلقنا لهم أعلام ملونة وعملنا مدفع رمضان مثل المدافع التي تكون في الدول، لندخل على أطفالنا كل هذه الأجواء من البهجة والفرحة والسرور، وهذا كل ما نريد أن يكون أطفالنا مبسوطين".

وأوضح شبانة أن عمل المدفع لم يستغرق أكثر من ساعة بمساعدة شباب الحي، وقال: "قعدنا فيه ساعة زمن بمساعدة شباب المنطقة، وزينا الجدران بجهود ذاتية من الناس"، مشيرًا أن "الناس ملت ولم تعد تحتمل الوضع، ونحن نريد أن تعم الوحدة بيننا ونريد من ينظر لهؤلاء الأطفال ومستقبلهم".

ولم يدع أطفال الحي المدفع موجود بصورة شكلية، بل استخدموا المفرقعات البسيطة وأشعلوها فيه، وقال شبانة:" الفانوس يبقى موجود في النهار ونقوم بإضاءته في الليل، وبسبب عدم وجود الكهرباء اضطرينا أن نحضر بطاريات لننيره".

"حالو يا حالو، رمضان كاريم يا حالو، حط الشمعة في الفانوس وقول رمضان كريم يا حالو"، بهذه الكلمات أنشدت الطفلة ياسمين حسين لـ"فلسطين الآن"، ولم تغادر الفرحة وجهها وهي تنتظر دورها ليرسم على وجهها أحد شباب المخيم ضمن عشرات الأطفال المتجمعين حوله، راغبة أن يرسم فراشة كما أحبت.

"أسدود" يتزين بالفوانيس

المواطن نضال الجرمي، الذي يقوم بتزيين المخيم خصوصًا شارع "أسدود" منذ 5 سنوات، واهتم بها من خلال زياراته لجمهورية مصر العربية، حيث وجد اهتمامًا كبيرًا عندهم في استقبال شهر رمضان، كما أفاد لمراسل "فلسطين الآن".

وحوّل الجرمي منزله الضيق لمشغل لتصميم الزينة، وأنتج أكثر من 20 فانونسًا ورقيًا من الدفاتر والكُتب المدرسية والجامعية غير مُستخدمة وعلّق بعضها في الشوارع، وصنع فانونسًا كبيرًا بطول مترين من الكرتون، ومدفع رمضاني من خراطيم بلاستيكية وكرتون.

وقال: "كل عام أقوم بتزيين أمام منزلي استقبالاً لشهر رمضان لإدخال السرور على قلوبنا، نحن كباقي الدول قمنا بوضع الأنوار، التي تحتوي على هلال رمضان، والفوانيس، وغيرها، والناس سعيدة لذلك، وتُسمعنا كلامًا جميلاً كل يوم".

وتابع بقوله: "قمت بتصميم مدفع رمضاني بإمكانيات بسيطة من الخردة، ودهانه بشكل جميل، ووضع إنارة بداخله، وسيُطلق كل يوم بموعد الإفطار، إلى جانب فوانيس من مُخلفات سخانات المياه، وأغطية المراوح".

ولم يدع كذلك المواطن عبد الله جاد الله 52 عامًا الطريق المؤدي لمنزله دون زينة، وعلّق خلال الزينة خمسة فوانيس صنعها من مُخلفات أغطية المراوح والغسالات والكرتون، وقصها بطريقة فنية، ووضع إنارة بداخلها.

وقال": "بدون هذه الزينة لا نشعر برمضان؛ الناس لديها تقبُل لذلك، وتشجعنا عليه. ما زلت أواصل صناعة المزيد، بإمكانيات بسيطة، وغير مُكلفة؛ فكل واحد منها لا يحتاج أكثر من ساعة أو ساعتين عمل".