تغلبا على الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة، وتحديا لجبروت المحتل الذي يمعن التضييق على سكان القطاع المحاصر، ورفضا للبطالة المنتشرة في قطاع غزة، تواسي سنارة الصيد عشرات الخريجين، فبين هاوٍ أو ممتهن لها الكل في حضرتها مذهول، فهي تعتمد على الصبر الذي اعتاد عليه الغزيون منذ أمد بعيد.
ومع إطلالة شمس كل صباح، يخرج المواطن الغزي ماجد الرواغ إلى بحر مخيم النصيرات حيث مهنته الجديدة التي امتهنها بعد فرض قوات الاحتلال الإسرائيلي، حصارها على قطاع غزة منذ ما يزيد عن 10 أعوام.
بسنارة صيد صغيرة، ومع انتظار ساعات معدودة، ينتظر الرواغ رزقه كغيره من عشرات الصيادين الشباب الذين عج بحر غزة بهم، والذين يبحثون جميعهم عن رزقهم وقوت عيالهم، وسط تفاوت في رزق صيدهم.
ويشير الصياد الرواغ إلى أنه يعتمد بشكل كبير على مهنة الصيد في توفير قوت أبنائه، حيث يمثل بحر غزة المتنفس الوحيد لأهل غزة، والمنفذ البحري لمئات الصيادين طالبي الرزق.
السنارة من الهواية للعمل
من المتعارف عليه في قطاع غزة ومنذ عشرات السنين، أن "سنارة الصيد" لا يستخدمها إلا هواة الصيد، للترفيه عن أنفسهم، ولإشباع رغبة تعودوا عليها منذ الصغر.
غير أنه وفي ظل تدهور الوضع الاقتصادي الصعب في قطاع غزة أصبح للسنارة مهنة يتقنها عشرات الغزيين، نظرا لسهولة استخدامها، إلا أنها تحتاج لصبر كبير، وقنوع بالرزق، وتحمل لأشعة الشمس الحارقة.
فلسطين الآن تجولت على شاطئ بحر مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وجالت بين عشرات الصيادين الذين اختلفت أسباب ممارستهم للصيد، فمنهم بدافع الرزق، ومنهم بدافع هواية مارسها منذ سنوات.
الصياد ياسر العصار "44 عامًا" أشار خلال حديثه لمراسلنا أنه مارس هواية الصيد منذ عام 1986، منوها إلى أنه قابل خلال السنوات الأخيرة عشرات الصيادين الذين يبحثون عن رزقهم ورزق عيالهم من خلال صنارة الصيد.
واعتبر الصياد العصار أن موسم الصيد الجيد باستخدام السنارة يبدأ مطلع شهر سبتمبر من كل عام، حيث يكثر سمك الدنيس خلال هذه الفترة، ويقدر كيلو سمك الدنيس بما يزيد عن 50 شيقل.
وفي ذات السياق شارك الصياد مازن أبو دلال أقوال زميله، موضحا أن الصيد يتطلب صبر كبير، وقناعة بما كتب الله لك من رزق.
وبحثا عن الرزق والهواية معا يرتاد الطالب الجامعي عماد أبو العمرين بحر النصيرات بشكل شبه يومي بحثا عن توفير مصروفه الجامعي، ولإشباع هواية مارسها مذ كان بالصف الأول الابتدائي.
رزق يعتمد على الصبر
الشاب حسين خطاب "20 عامًا" أكد أنه مارس مهنة الصيد بالسنارة منذ 6 سنوات، حيث يقدر دخله الشهري من " 500 إلى 600 شيقل" من خلال بيعه للسمك الذي يصطاده بالصنارة.
وبين الصياد الشاب أن السمك الذي يصطادونه بالسنارة يتراوح بين أنواع، "سمك الصروس ويباع ب 30 شيقل، وسمك الدنيس ب 50 شيقل، وسمك البط ب 20 شيقل، وسمك المرمير ب 20 شيقل".
واعتبر خطاب إلى أن أفضل أوقات الصيد بالنسبة له بعد الحروب، نظرا لانقطاع الصيادين فترة طويلة عن الصيد، بفعل استهداف الاحتلال لكل من يقترب من الشاطئ.
وشدد على أن مهنة الصيد بالصنارة تكمن بها خطورة "السنارة حادة جدا"، إضافة إلى أنها تحتاج قوة في رميها، وصبر على الصيد، والرضا بما قسم الله لك.
وتتكون سنارة الصيد من " بوصة، ماكينة، صنارة " تباع بما يقارب 100 دولار أمريكي، باتت مصدر دخل لعشرات الأسر التي عطل الاحتلال حياتها وأتعب بطون عيالها.