26.66°القدس
25.9°رام الله
26.54°الخليل
27.21°غزة
26.66° القدس
رام الله25.9°
الخليل26.54°
غزة27.21°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

نتنياهو في أفريقيا: رهانات كبيرة

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

حرص رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو على وصف جولته الأفريقية التي انتهت أمس الجمعة وشملت كلاً من أوغندا وكينيا وراوندا وأثيوبيا بـ «التاريخية»، لأنها، وفق تقديره، ستفضي إلى تحسين المكانة الاستراتيجية والأمنية والدولية للكيان الصهيوني.

وقد شمل جدول جولة نتنياهو في أفريقيا لقاءات مع قادة أفارقة لم تشمل دولهم الجولة، حيث التقى في العاصمة الكينية بقادة جنوب السودان، وتنزانيا والنيجر، علاوة على أنه أجرى اتصالاً مع رئيس تشاد إدريس ديبي، حيث تباهى نتنياهو بشكل خاص بهذا الاتصال، على اعتبار أن تشاد دولة إسلامية.

وقد هدفت جولة نتنياهو إلى تحقيق أربعة أهداف رئيسة، وهي: تعزيز التعاون الأمني والاستخباري، اقناع الدول الأفريقية بتقديم المزيد من الخدمات اللوجستية لأسلحة الجيش الإسرائيلي المختلفة أثناء تنفيذها مهامها، ولا سيما سلاح البحرية، وتجنيد الأفارقة لصالح إسرائيل في المحافل الدولية، وتحسين قدرة تل أبيب على محاربة المقاومة الفلسطينية، إلى جانب تعزيز التبادل التجاري مع هذه الدول الذي يميل بشكل كبير لصالح الصهاينة.

وعلى الرغم من أن الكيان الصهيوني تربطه علاقات وثيقة مع الدول التي زارها نتنياهو وغيرها في القارة السوداء، إلا أنه حرص على محاولة إغراء قادة هذه الدولة بوعدين أساسيين، وهما، أولاً: استعداد تل أبيب للشراكة معه هذه الدول في الحرب على «الإرهاب الإسلامي» وإمكانية إفادة أفريقيا من «تجربة» الصهاينة الخاصة و»الغنية» في هذه الحرب. وثانياً: التعهد بتقديم مساعدات كبيرة لأفريقيا في مجال التنقيات المتقدمة، ولا سيما على صعيد الصحة وتحلية المياه وغيرها.

وقد تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية والدولية كثيراً حول طابع التعاون الأمني والاستخباري والعسكري بين تل أبيب والدول الأفريقية، ولا سيما التي تواجه أو تخشى أنشطة الجماعات الإسلامية، مثل نيجيريا وغيرها.

وعلى صعيد الخدمات السرية ذات الطابع اللوجستي التي تقدمها الدول الأفريقية لتمكين جيش الاحتلال الصهيوني من تنفيذ عملياته السرية والخاصة، فإن أرتيريا تقع على رأس هذه الدول، حيث إن الرئيس الأرتيري أسياس أفورقي منح سلاح البحرية الصهيوني موطأ قدم في الموانئ الأرتيرية، حيث إن السفن والغواصات الصهيونية تعسكر في القواعد الأرتيرية للتزود بالوقود والمراقبة. في الوقت ذاته، فإن جنوب السودان تقدم خدمات متعددة للأمن الصهيوني، ولا سيما في مجال مراقبة حركة تهريب السلاح للمقاومة الفلسطينية، حيث إن السلاح المهرب يأخذ طريقه من البحر الأحمر للسودان ومنه إلى مصر وإلى قطاع غزة. وقد ذكرت صحيفة «هارتس» مؤخراً أن حكومة جنوب السودان والجيش الشعبي التابع لها ساعدا المخابرات الصهيونية في تتبع ارساليات السلاح للمقاومة، علاوة على أن جنوب السودان زودت تل أبيب بمعلومات مكنتها من القيام بعمليات اغتيال وتصفية لسودانيين تتهمهم تل أبيب بالضلوع في عمليات تهريب السلاح.

ومما لا شك فيه أن الاعتبار «الدبلوماسي» يمثل اعتبارا مهما جداً في التحرك الصهيوني داخل أفريقيا، حيث يتوقع نتنياهو أن يسفر تعزيز العلاقات مع أفريقيا إلى تعاظم مظاهر دعم دولها لتل أبيب في المحافل الدولية، ولا سيما في الأمم المتحدة. وقد سبق لبعض الدول الأفريقية أن تجندت لإحباط مشاريع القوانين التي تقدم في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ولا تقبلها تل أبيب. فخلال الحرب الصهيونية على غزة في صيف 2014، صوت ممثلا كل من رواندا ونيجيريا في مجلس الأمن ضد مشروع قانون قدم للمجلس ويدعو لوقف الحرب لأن الصهاينة عارضوه.

ولا خلاف على أن تعزيز العلاقات الاستراتيجية مع أثيوبيا وقف على رأس اهتمامات نتنياهو بسبب الطاقة الكامنة في التعاون مع أديس أبابا. ويدرك الصهاينة أن «شهر العسل» بينهم وبين نظام السيسي في مصر قد لا يدوم طويلاً، حيث يرجحون رحيل السيسي عن المشهد في أي وقت، وبالتالي فإن تل أبيب تأخذ بعين الاعتبار أن يخلف السيسي نظاما معاديا، مما يجعل تل أبيب في حاجة لخدمات دولة تكون في حالة عداء مع مصر. وتعد أثيوبيا «الشريك المثالي» الذي بإمكان الصهاينة الركون إليه بسبب العداء التاريخي مع مصر والذي تفاقم بفعل مشروع سد النهضة.

المضحك المبكي أن الاستنفار الصهيوني في القارة السودان الذي هو بكل تأكيد ضد المصالح العربية وعلى وجه الخصوص المصالح المصرية، لم يؤثر على طابع العلاقة والشراكة بين نظام السيسي والكيان الصهيوني. فقد كان من المفارقة، أنه في الوقت الذي كان نتنياهو يعقد اجتماعاته الحاسمة مع لقيادة الأثيوبية كان السيسي يمارس رياضة ركوب الدراجة الهوائية في حي «العجوزة» في الإسكندرية.