منذ ثاني أيام عيد الأضحى والحركة التجارية في مختلف الأسواق بالضفة الغربية مزدهرة، حيث لوحظ إقبال النساء تحديدا على ارتياد المحال التجارية، التي تبيع الملابس والمجوهرات.
لكن قد يسأل أحدهم، ألم يكتفي المواطنون بما اشتروه قبل العيد من الملابس والحلويات ليعودوا لها من جديد؟.. الإجابة تكمن في "العيدية".
تشرح أم محمد التي التقيناها وهي تشتري ملابس جديدة ثالث أيام العيد من إحدى محال طولكرم، فتقول "هذا ما افعله منذ سنوات طويلة، وأعياد سابقة، إذ أجمع ما أحصل عليه من "عيديات" من والدي وأشقائي وزوجي وأشقاء زوجي وأقاربي لأشتري بها ما لم أستطع شراءه قبل العيد، إذ أن زوجي يعمل عاملا في ورشات البناء ولا نستطيع أن نعتمد على ما يحصل من أجر مالي في توفير كل يلزمنا في العيد".
وتتابع "لدينا أربعة أبناء.. وقد أكتفينا بقطعة ملابس لكل واحد منهم، ومن احتاج لحذاء جديد أبدلناه بالملابس، لذا ننتظر أن نجمع مبلغا ماليا جيدا من العيديات لنشتري به ما كان فعلا يلزمنا ولم نستطع الحصول عليه قبل العيد".
وتقول في حديثها لـ"فلسطين الآن": "أسكن قرب السوق الرئيسي في طولكرم، لذا مع انتهاء اليومين الأول والثاني من العيد يكون كل أقاربنا قد زارونا، لذا نذهب بعدها لشراء ما كان يلزمنا من خلال "العيديات".
وتقدر أم محمد المبلغ الذي تحصل عليه هي وأبنائها وبناتها بنحو 800 شيكل، وهو مبلغ يمكنهم من شراء ملابس جديدة، ليعيشوا العيد من جديد.
ومن يتجول في أسواق نابلس وطولكرم وجنين والخليل ورام الله، يعتقد أن العيد لم يأتي بعد، وأن الآلاف الذين يراهم في الشوارع والأسواق إنما يستعدون له من خلال شراء الملابس تحديدا.
فرصة لا تعوض
بالمقابل، يعتمد عدد كبير من التجار على زبائن العيد أكثر من اعتمادهم عليهم قبل هذه المناسبة. إذ باتوا يعرفون سلوك شريحة من المواطنين الذين ينزلون للتبضع أيام العيد.
يقول أبو أحمد صاحب محل "الكروان" للألبسة إن الشراء أيام العيد باتت عادة لدى كثير من النساء تحديدا، معتمدات على ما جمعنه من "عيديات"، موضحا أن الأمر مربح جدا، لا سيما أن المشتريات يملكن المال اللازم الذي يودون صرفه.
ويشير في حديثه لـ"فلسطين الآن" إلى أنه فعلا يعرض للزبائن بضائع جديدة، ولم تكن معروضة خلال الفترة التي سبقت العيد.. "أنا أُخزن جزءا من البضاعة التي اشتريها قبل العيد ولا أعرضها للزبائن، إذ أخصصها فعلا للواتي يأتين أيام العيد لشرائها".
سوق الذهب
أما لبنى فهي تعمل سكرتيرة في عيادة طبيب أسنان بمدينة جنين، تستغل "العيديات" التي تحصل عليها من أقاربها لابتياع الذهب.
تقول "لدي عدد كبير من الأشقاء والأعمام والأخوال، وتجمعنا علاقات طيبة، ويعتبرونني ابنتهم المدللة، لذا لا يبخلون عليّ بالعيديات التي تبدأ بـ 10 دنانير، وتصل في بعض الأحيان لـ100 دينار، وهذه احصل عليها من والدي.. بحيث تصل العيدية في كل مرة لنحو ألف دينار تقريبا (5.500 شيكل)".
لكن لبنى لا تفكر بشراء الملابس كغيرها، بل تطير عيونها نحو قطعة من الذهب، سواء الخواتم أو الأقراط والأساور، وهو فعلا ما تقوم به.. إذ تتوجه إلى سوق الذهب بنابلس وتشتري ما تريده، مستغلة ما معها من عيديات.
تقول لبنى في حديثها لـ"فلسطين الآن": "ورثت هذه العادة عن أمي وجدتي.. قد تستغرب هذا، لكن والدتي حتى اليوم تذهب لمحلات الصاغة وتشتري خاتما أو حلقا أو حتى عُقدا من الذهب، وكنّا نذهب معها ونحن صغار واليوم نشتري معا".
وعن السبب تقول إن الذهب سعره ثابت أو أنه يرتفع في كل عام، ونادرا جدا ما ينخفض، لذا هو أفضل طريقة لحفظ المال، وأنا الآن لا أحتاج له كثيرا كوني أعمل واتقاضى راتبا، وليس مطلوب مني الانفاق على أحد، لأن وضع والدي المادي ممتاز - بفضل الله-، لذا أنا أفكر بشراء سيارة، وحينها سأبيع الذهب وأشتريها بثمنه.
إقبال ملحوظ
أبو منير الحواري صاحب محل لبيع المجوهرات يؤكد أن الإقبال على شراء المصاغ الذهبي أيام العيد يوازي فترة الصيف وموسم الأعراس. ويشير إلى أن غالبية النساء اللواتي يأتين لشراءه هن من سكان البلدات والقرى، وحديثا انتقلت الفكرة لسيدات المدينة أيضا.
ويرى أبو منير أن الفكرة جيدة، بحيث تشتري السيدات بما حصلن عليه من "عيديات" قطعا ذهبية، لأن الذهب يربح دوما، وسعره مرتفع ولا ينخفض إلا قروشا معدودة، مشيرا إلى أن النساء اللواتي يتعيدن بالدينار الأردني، هن الأكثر إقبالا على شراء الذهب الذي يباع بالدينار.
وعن موقف حصل معه أشار إلى أن شقيقتين اشترين منه في عيد العام الماضي بأكثر من ثلاثة آلاف دينار أردني مجوهرات، وعدن إليه هذا الصيف بالقطع ذاتها لبيعها، وربحن أكثر من ألف دينار لأن الذهب سعره ارتفع، وعلمت منهما أن هذا سيكون جزءا من الدفعة الأولى لقطعة أرض يفكرن بشرائها.