20.18°القدس
19.86°رام الله
19.66°الخليل
25.32°غزة
20.18° القدس
رام الله19.86°
الخليل19.66°
غزة25.32°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

فلسطين.. السيناريو الذي يستبعده حكام العرب

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

يردد الرئيس الصهيوني السابق شمعون بيريس دائما بأن الرئيس الأمريكي الحالي باراك أوباما، هو أكثر رؤساء الولايات المتحدة التزاما بمصالح الكيان الصهيوني وأمنه. وقد أضفى أوباما الأسبوع الماضي صدقية على حكم بيريس، حيث وافق على منح إسرائيل مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار، خلال العقد القادم، وهذا أكبر حجم من الدعم تقدمه الولايات المتحدة لدولة ما في تاريخها. المفارقة، أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تصرف خلال الفترة الماضية، وكأنه يسدي معروفا لأوباما بموافقته على الحصول على هذه المبلغ، على اعتبار أنه ظل يؤكد أن تل أبيب تستحق دعما أكبر بعد أن وقعت الولايات المتحدة على الاتفاق النووي مع إيران!!!

ومما يدلل على طابع العلاقة بين الكيان الصهيوني والولايات المتحدة حقيقة أن أوباما وافق على هذه الخطوة الكبيرة على الرغم من أن نتنياهو لم يتردد في إهانته والعمل ضده داخل الولايات المتحدة في سعيه لإحباط الاتفاق النووي مع إيران، وألقى خطابا في الكونغرس من أجل محاولة التأثير على النخبة السياسية والرأي العام الأمريكي ومحاولة تجنيده ضد أوباما.

وقد خيب أوباما آمال الكثير من النخب الصهيونية اليسارية التي توقعت أن يعاقب نتنياهو بتقليص الدعم لإسرائيل ردا على تدخلات نتنياهو الفجة، ولا سيما بعدما تمكنت الإدارة الأمريكية من تمرير الاتفاق في الكونغرس.

إن منح الكيان الصهيوني هذا القدر من الدعم الأمريكي، في ظل وجود حكومة نتنياهو التي تعد أكثر الحكومات اليمينية تطرفا في تاريخ هذا الكيان، والتي تتحدى صباحا مساء الإدارة الأمريكية وتخل بالاتفاقات معها، ولا سيما في كل ما يتعلق بتجميد الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية والقدس، يعني أن أوباما يغري هذه الحكومة بمواصلة تطبيق خطها الأيدلوجي المتطرف.

إن أوباما يقول من خلال هذا القرار بأنه بإمكان الكيان الصهيوني مواصلة حسم مصير الأراضي الفلسطينية المحتلة بحيث يكون من المستحيل معه الحديث عن أية إمكانية لتسوية الصراع بالوسائل السياسية.

وقد أقرت الإدارة الأمريكية ذاتها أن الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية والقدس قد زاد في عهد إدارة أوباما بشكل كبير، وفاقت وتيرة البناء في المستوطنات أثناء عهد الرئيس بوش.

إن ما تقدم يدلل أكثر من أي شيء آخر على زيف التحركات التي تقوم به بعض الأنظمة العربية والهادفة إلى إعادة صياغة البيئة السياسية الداخلية في مناطق السلطة الفلسطينية بدعوى الاستعداد لإطلاق مسار تفاوضي لحل القضية الفلسطينية، تحت رعاية الإدارة الأمريكية القادمة.

المفارقة أن التحركات العربية الرسمية بررت حماسها لإعادة محمد دحلان للمشهد الفلسطيني، بدعوى أن هذه الخطوة ضرورة من أجل توفير بيئة سياسية فلسطينية تسمح بالتفاوض مع إسرائيل.

ومن الواضح أنه في أعقاب اتفاق المساعدات الأمريكية، فإن عاقلا لا يمكنه أن يتصور أن الإدارة الأمريكية يمكنها أن تحاول، ولو من باب المحاولة الجدية، تغيير المواقف الإسرائيلية.

ولا حاجة للتذكير أن المواقف التي عبرت عنها المرشحة الديمقراطية هيلاري كلنتون تتماهى مع الخط اليميني المتشدد في إسرائيل بشكل كبير.

ويكفي فقط تفحص ما جاء في كتاب مذكراتها، الصادر عام 2014، والذي تبنت في أحد فصوله رؤية اليمين الصهيوني من القضية الفلسطينية، ناهيك عن أنها اعتمدت المنطق الصهيوني في التعاطي مع ثورات الربيع العربي.

على الأطراف العربية الرسمية أن تدرك أنه يتوجب بالفعل إعادة صياغة الساحة الفلسطينية الداخلية، لكن من أجل تحسين قدرة الفلسطينيين على مواجهة التغول الصهيوني، وليس تحسبا لعملية تفاوضية تسهم فقط في توفير الظروف أمام الصهاينة لحسم مصير الأرض الفلسطينية.

من أسف، لقد استفزت تصريحات نتنياهو الأخيرة التي شبه فيها المطالبة بتفكيك المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية بالمطالبة بتنفيذ عمليات «تطهير عرقي» حتى الولايات المتحدة وأمين عام الأمم المتحدة وقادة أوروبيين، لكن لم يصدر رد عن دولة عربية، ولو من باب رفع العتب.

من هنا، فلن يكون من المستهجن، أنه في ظل جنون التطرف الذي تتسم به الحكومة الصهيونية الحالية وفي ظل الدعم والغطاء الأمريكي الآخذ بالاتساع، أن تتطور الأمور بعكس ما تراهن نظم الحكم العربية.

لقد مثلت مجموعة العمليات التي نفذها مقاومون فلسطينيون ومقاوم أردني في الضفة والقدس الجمعة الماضي مؤشرا على أن الشعب الفلسطيني لن يرفع الراية البيضاء في مواجهة العدوان الصهيوني والغطاء الأمريكي والتواطؤ الرسمي العربي، وأن انتفاضة القدس لم تقل كلمتها الأخيرة بعد.

وبالمناسبة، فإنه بخلاف تمنيات النظام الرسمي العربي، فإن التقديرات الصهيونية تؤكد أن الأرضي الفلسطينية مقبلة على مرحلة جديدة من صعيد عمليات المقاومة.