19.44°القدس
19.28°رام الله
18.3°الخليل
24.47°غزة
19.44° القدس
رام الله19.28°
الخليل18.3°
غزة24.47°
الإثنين 07 أكتوبر 2024
5جنيه إسترليني
5.38دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.81دولار أمريكي
جنيه إسترليني5
دينار أردني5.38
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.81

أولى معارك المسلمين لفتح الشام وفلسطين معركة العربة وداثنة

خالد الخالدي
خالد الخالدي
خالد الخالدي

بادئ ذي بدء لا بد من التنويه إلى أنَّ قرار المسلمين بالجهاد لفتح فلسطين والشام لم يكن بنية التوسع أو الحصول على الغنائم، أو الملك والجاه والسلطان، أو اعتقاداً بأن فلسطين أرض عربية، ووطن للأجداد، وإنما طاعة لرب العالمين، الذي أمر المسلمين بأن يوصلوا دينهم إلى الناس أجمعين، وأن يقيموا حكم الله في الأرض، واعتقاداً بأنهم كمسلمين مؤمنين أولى بالأرض المقدسة المباركة من الكافرين المشركين، وفهماً لمراد الله تعالى بتحريرها، عندما جعلها قبلة أولى للمسلمين، ومسرىً لرسول رب العالمين، وبيّن أنها الأرض المباركة المقدسة، وكلف الأنبياء السابقين بدخولها وتحريرها من قبضة الباطل، وفهماً لمراد النبي صلى الله عليه وسلم، الذي بشرهم بفتحها، وأوصاهم بالإقامة فيها بعد فتحها، وبين فضلها، ومات وهو يوصي:" أنفذوا جيش أسامة" المتوجه إلى الشام، وتنفيذاً لأوامر الله تعالى بإيصال دينهم للعالمين، وجهاد كل من يحول بينهم وبين الوصول إلى الناس، وتبليغهم رسالة الله. {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (33)} [التوبة: 33]، {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)} [البقرة: 193].

كما يؤكد هذه المعاني ما سجله التاريخ من أقوال وأفعال للخلفاء والقادة والجنود. وعلى المسلمين الجادين في تحريرها في زماننا أن يصححوا مقاصدهم ونياتهم، فلا ينطلقوا لتحريرها من دوافع قومية، وإنما من دوافع إيمانية، كدوافع أجدادنا الأوائل الذين فتحوها في العهد الراشدي، ودوافع أجدادنا اللاحقين السائرين على دربهم الذين حرروها من الاحتلال الصليبي، وما فشل العرب والمنظمات الفلسطينية في تحريرها إلا لأنها حاولت تحريرها بدوافع قومية بعيدة عن الإيمان والجهاد.

كانت أولى المعارك على أرض الشام بعد سرية أسامة بن زيد هي موقعة العربة وداثنة (24-1ذي الحجة-12هـ)، لكنها معركة صغيرة مقارنة بغيرها، والعربة تقع جنوب البحر الميت، وداثن قرية من قرى غزة، تقع في الجهة الجنوبية الشرقية منها.

لم تكن قوة الروم التي واجهت المسلمين كبيرة، إذ ضمت نحو ثلاثة آلاف مقاتل، وقد التقى الروم الذين يقودهم بطْريق غزة، بقوة المسلمين التي يقودها أبو أمامة الباهلي، وعددها نحو ألف، واقتتلوا اقتتالاً شديداً انتهى بهزيمة الروم، الذين انسحب جيشهم إلى داثنة، وهي قرية من قرى غزة، فلاحقهم الجيش الإسلامي بقيادة أبي أمامة الباهلي، وخاض معهم معركة أخرى شديدة انتهت بهزيمتهم، وقتل أحد كبار قادتهم.

كانت هذه المعركة اختبار قوة، أدرك قادة الروم من خلالها خطورة الأمر، فأرسلوا كتاباً إلى هرقل، -وكان ما زال في القدس- يشاورونه، ويسألونه عن الموقف بعد أن نزلت الجيوش المسلمة بأرض الشام، وخاضت معركة العربة وداثنة وهزمتهم، فكتب هرقل إليهم:" أرى أن تصالحوا المسلمين، فوالله لأن تصالحوهم على نصف ما يحصل من الشام ويبقى لكم نصفه مع بلاد الروم، أحبّ إليكم من أن يغلبوكم على الشام ونصفِ بلاد الروم، فتفرقوا عنه وعصوه، فجمعهم وسار بهم إلى حمص، فنزلها وأعد الجنود والعساكر".

ومن الواضح أن الروح المعنوية للملك الرومي كانت تسيطر عليها الهزيمة، لقناعته أن المسلمين على دين الحق. علم الصديق بحشود الروم الهائلة، فعزم على أن يرسل إليهم بأشد قادته، سيف الله المسلول خالد بن الوليد، وقال: "والله لأُنْسِيَنَّ الرومَ وساوس الشيطان بخالد".

أرسل أبو بكر إلى خالد بن الوليد قائد الفتح في بلاد فارس، أن يتوجه بنصف قواته إلى الشام لمساعدة المسلمين الذين حشد لهم الروم أعداداً كبيرة، وقوة هائلة. وأن يتولى بعده قيادة المسلمين ضد الفرس المثنى بن حارثة الشيباني، وأوصاه أن ينتقي لجيشه الصحابة، والذين ثبتوا في اليمامة. وأن يتولى قيادة الجيش بمجرد وصوله إلى الشام.

تضايق المثنى من قيام خالد بأخذ الصحابة من جيشه، فأرضاه خالد، بإبقاء العديد منهم في العراق. لقد كان القادة المسلمون يتباركون بوجود الصحابة معهم، لأنهم يعلمون أنهم أهل الصدق والعزم، ويدركون أن تحرير الأرض المقدسة يتطلب رجالاً جادين في إيمانهم والتزامهم وجهادهم.