ثمانيةُ أيامٍ كانت أكثرَ من مجَرّد مواجهةٍ بين المقاومة الفلسطينيةِ والاحتلال الإسرائيلي، فلقد غيرت قواعد اللعبة في المنطقة، وقلبت المعادلة رأسًا على عقبٍ، ففيها أذّلت المقاومة الاحتلال الإسرائيلي، فوصلت نيرانُ صواريخها إلى أماكنَ لم يتوقّعها الاحتلال، كما خضع ملايين الإسرائيليين لأوامر صواريخ المقاومة بالنزّول إلى الملاجئ صاغرين.
اندلعت الحربُ فعليًا في الرابع عشر من شهر تشرين الثاني/نوفمبر لعام 2012 عندما أقدمت الطائرات الإسرائيلية، على اغتيال القائد الكبير في كتائب القسام، أحمد الجعبري، وانتهت التاسعة مساءً من يوم الأربعاء الحادي والعشرين من الشهر نفســه، بعد عقد المقاومة هدنة مع الاحتلال برعايةٍ مصرية، ولذلك هي الحرب الأقصر من بين الحروب الثلاثـة.
شهداءٌ وجرحـى
وخلال الحرب الإسرائيلية الإجراميّة على قطاع غزة، شن الطيران الحربي الإسرائيلي مئات الغارات الشرسة على الأطفال والنساء، في محاولةٍ منه لإخضاع المقاومة لشروطه، لكنه باء بالفشل الذريع، وارتقى في المعركة 162 شهيدًا، من بينهم 43 طفلًا، و15 امرأة وعدد من كبار السن، وأكثر من 1200 إصابة، جراء الغارات الإسرائيلية.
واعترف الاحتلال الإسرائيلي إبان الحرب بمقتل 5 إسرائيليين، بينهم جندي، وإصابة 240 آخرين بين مدنيين وعسكريين
صواريخ المقاومة
وردّت المقاومة، بسلسلةٍ من الرشقاتِ الصاروخية، على المستوطناتِ الإسرائيلية المحاذية لقطاع غزة، واستهدفت بئر السبع وعسقلان واسدود، وتل الربيع ونتيفوت وكريات ملاخي والعين الثالثة، بصواريخ عديدة أبرزها فجر 5، وكاتيوشا، وقسام، وهاون، وفجر 3، وصاروخ 107.
وأطلقت كتائب الشهيد عز الدين القسام 1573 صاروخًا، كما أطلقت سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي 620 صاروخًا، وألوية الناصر صلاح الدين 33 صاروخًا.
فشل القبّة
أثبتت الحرب أن مشروع القبة الحديدية فاشل بامتياز في تحقيق الهدف الذى أنشيء من أجله وتكلف مئات الملايين من الدولارات، كما أكد على زيف قادة الاحتلال، وكذبهم وتضليلهم لأبناء شعبهم فالقبة الحديدية التي أنشئت لصد صواريخ المقاومة التي استهانت بها الدولة الصهيونية من قبل فشلت في التصدي لتلك الصواريخ ولم تنجح سوى في صد 30% منها فقط، وهذا باعتراف أصوات من داخل الاحتلال نفسه، هذا وقد أثار سقوط الصواريخ على ما يسمى بتل أبيب أسئلة في أذهان الإسرائيليين حول نجاح هذه التقنية في حمايتهم من ضربات المقاومة بغزة.
خسائر اقتصادية
وهدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال العدوان 200 منزل بشكل كامل، ليصبح أصحابها بلا مأوى ومعظم هذه البيوت تأوي أكثر من عائلة ومتوسط سكانها من (5 - 20) شخصًا.
كما تعرض 1500 منزل لتدمير جزئي، بالإضافة إلى مئات المنازل التي تضررت بتحطيم النوافذ والأبواب جراء القصف المجاور لها.
واستهدف الاحتلال خلال عدوانه عشرات المساجد، حيث دمر اثنين منها تدميرًا كليًا، بينما تضررت عشرات المساجد بشكل جزئي لكنه كبير.
وتم رصد قصف العديد من المقابر خلال العدوان الأخير، منها مقبرة الطوارئ غزة، مقبرة حطين غزة، مقبرة الشيخ شعبان غزة، المغبرة الغربية (تل زعرب) رفح، مقبرة بني سهيلا خان يونس، مقبرة آل أبو طعيمة خان يونس.
وحول خسائر قطاع التعليم، أفادت وزارة التربية والتعليم أن معظم الأطفال الشهداء كانوا من الطلبة أو رياض الأطفال، لافتة إلى استشهاد 5 موظفين من قطاع التربية والتعليم، وإصابة 300 طالب وعامل في قطاع التربية والتعليم، و تضرر 50 مدرسة بين أضرار جسيمة ومتوسطة، فيما بلغ مجمل الخسائر 4 مليون دولار.
وخلال الحرب، انتهك الاحتلال الاتفاقيات الدولية التي تنص على حماية الصحفيين والإعلاميين، واستشهد وأصيب عدد كبير من الصحفيين، فيما استهدف الاحتلال عددا كبيرا من المؤسسات الإعلامية في أنحاء القطاع.
وأدى العدوان إلى توقف شامل في الحركة الاقتصادية في قطاع غزة, وقدرت الخسائر اليومية المباشرة الناتجة عن توقف كافة الأنشطة الاقتصادية 5 مليون دولار تقريبا بناءً على قيمة الإنتاج اليومي لكل الأنشطة الاقتصادية المختلفة أي بإجمالي 40 مليون دولار خلال فترة العدوان.
وأعلنت وزارة الزراعة في غزة إبان الحرب عن نتائج أولية لخسائر مباشرة وغير مباشرة في القطاع الزراعي تزيد عن 120 مليون دولار نتيجة استهداف الاحتلال المباشر للأراضي الزراعية بهدف التأثير على السلة الغذائية والأمن الغذائي لسكان قطاع غزة وتدمير ما تم تحقيقه في السنوات الأخيرة من اكتفاء ذاتي.
الضفة الغربية
اندلعت مواجهات عنيفة ومظاهرات عارمة في القدس وبيت لحم والخليل ورام الله وقلقيلية وجنين وطولكرم ومناطق أخرى من الضفة المحتلة ردًا على جريمة اغتيال قائد أركان المقاومة الشهيد أحمد الجعبري حيث طالبت الجماهير القسام بالانتقام لدماء الشهيد.
وكان أبرز أوجه التضامن مع غزة عملية تل الربيع التي أربكت كل حسابات العدو في اليوم الثامن من الحرب، عندما تم استهداف حافلة ركاب بعبوة ناسفة مخبأة داخل حقيبة مما أسفر عن إصابة أكثر من 20 إسرائيليا بينهم 5 إصابات بين المتوسطة والخطيرة.
ردود الفعل
إيران
طالب وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، المنظمات الدولية والإقليمية بالتحرك الفوري لوقف اعتداءات الاحتلال على الشعب الفلسطيني الأعزل.
کما دعا مجلس تنسيق الإعلام الإسلامي في الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى تنظيم تظاهرات عارمة في جميع المدن الإيرانية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني بغزة وتنديدًا بالاعتداءات الوحشية ؛ يوم الجمعة بعيد صلاة الجمعة.
تركيا
وصف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الغارات الإسرائيلية بأنها "أعمال وحشية"، ونقلت عنه وكالة أنباء الأناضول قوله عقب صلاة الجمعة في إسطنبول إن حكومة الاحتلال تسعى "لتوظيف الهجمات في الانتخابات المقبلة".
مصر
أدانت الحكومة المصرية برئاسة محمد مرسي العدوان منذ بدايته وكانت أول المبادرين للوقوف في صف المقاومة الفلسطينية.
وفي زيارة تضامنية إلى غزة هي الأولى من نوعها أكد رئيس الوزراء المصري هشام قنديل أن بلاده تعمل على تحقيق التهدئة في قطاع غزة وإيقاف العدوان الإسرائيلي عليه، وشدد على أن "مصر الثورة لن تتوانى عن تكثيف جهودها وبذل الغالي والنفيس لإيقاف هذا العدوان وتحقيق الهدنة واستمرارها".
تونس
وصل وزير الخارجية التونسي رفيق عبد السلام مع وفد رفيع المستوى يتضمن 12 وزيرًا أبرزهم وزير العدالة الانتقالية سمير ديلو وعدد من أعضاء الحكومة إلى غزة للتضامن مع الفلسطينيين، وأشار بيان رئاسي إلى أن الرئيس المؤقت منصف المرزوقي أبلغ رئاسة الحكومة الفلسطينية المقالة في غزة أن تونس بصدد الإعداد لإرسال معونات إنسانية "للأشقاء الفلسطينيين في غزة، تأكيدًا لموقفها المبدئي في تقديم كل المساندة السياسية لغزة"، كما أن العلاقات التونسية الإسرائيلية أصبحت 0% بعد أن وصلت الترويكا للحكم حسب قول المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية.
المغرب
عرفت عدة مدن مغربية مسيرات مليونية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني تحت شعار "الشعب يريد تحرير فلسطين" وأطلقت حملة تضامنية شاركت فيها عدة جمعيات لجمع التبرعات لأجل فلسطين، كما أدان البرلمان المغربي الهجمات الإسرائيلية على غزة وأدانتها الحكومة المغربي على لسان وزير الخاريجة سعد الدين العثماني ودعت المقاومين إلى الثبات وعدم الاستسلام، وأقام المغرب جسرًا جويًا نحو العريش لإيصال المساعدات إلى حيث تضم مستشفى ميدانيًا يضم كافة التخصصات وأدوية ومواد غذائية نظرًا للصعوبات التي تواجه المستشفيات بغزة.
الأمم المتحدة
عقد مجلس أمن الأمم المتحدة اجتماعًا طارئًا لبحث الأوضاع في قطاع غزة ليلة 14-15 نوفمبر ولم يتم التوصل إلى حل.
الاتحاد الأوروبي
أكدت رئيس المفوضية الأوروبية كاثرين آشتون على حق الكيان الصهيوني في الدفاع عن نفسه ضد صواريخ المقاومة
السـعودية
طالبت السـعودية مجلس الأمن وقف الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة.
الولايات المتحدة الأمريكية
كانت الولايات المتحدة الحليف الأول للاحتلال منذ بدء العملية.
بنود التهدئة
مفاوضات التهدئة
قامت مصر برعاية مفاوضات التهدئة غير المباشرة بين الاحتلال والفصائل الفلسطينية توجت بالإعلان عنها مساء اليوم الثامن للحرب وبنودها هي:
تقوم "إسرائيل" بوقف كل الأعمال العدائية في قطاع غزة برًا وجوًا.
تقوم الفصائل الفسلطينة بوقف كل الأعمال العدائية من قطاع غزة تجاة "إسرائيل" بما في ذلك إطلاق الصواريخ والهجمات عبر الحدود.
فتح المعابر وتسهيل حركة الأشخاص والبضائع وعدم تقييد حركة السكان والتعامل مع إجراءات تنفيذ ذلك بعد 24 ساعة.
يتم تناول القضايا الأخرى إذا ما تم طلب ذلك.
آلية التنفيذ:
حصول مصر على ضمانات من كل طرف بالالتزام.
التزام كل طرف بعدم القيام بأي أفعال من شأنها الخروج عن هذه التفاهمات، وفي حال وجود أي ملاحظات يتم الرجوع لمصر باعتبارها راعية للتفاهم.