14.45°القدس
14.21°رام الله
13.3°الخليل
16.7°غزة
14.45° القدس
رام الله14.21°
الخليل13.3°
غزة16.7°
الأربعاء 25 ديسمبر 2024
4.57جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.79يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.57
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.79
دولار أمريكي3.65

تقرير "فلسطين الآن"

#شهداء_الإعداد.. الزّحفُ المقدّس صوبَ من قتل ودنّس

قلوبٌ مليئةٌ بالعزمِ، أجسادٌ عافتْ رغدَ الحياةِ ونعيمَها، عشقتْ التّعبَ والإرهاقَ، منْ أجلِ أن يعدّوا الموتَ الزؤامَ، لمنْ يتّم الأطفالَ ورمّل النّساء، وثكّل النّساء، فوهبُوا أوقاتَهم وجهدَهم ليلًا ونهارًا، من أجلِ الانتقامِ لتلك الآهاتِ المدويّة، والجراح
قلوبٌ مليئةٌ بالعزمِ، أجسادٌ عافتْ رغدَ الحياةِ ونعيمَها، عشقتْ التّعبَ والإرهاقَ، منْ أجلِ أن يعدّوا الموتَ الزؤامَ، لمنْ يتّم الأطفالَ ورمّل النّساء، وثكّل النّساء، فوهبُوا أوقاتَهم وجهدَهم ليلًا ونهارًا، من أجلِ الانتقامِ لتلك الآهاتِ المدويّة، والجراح
معتز عبد العاطي - فلسطين الآن

قلوبٌ مليئةٌ بالعزمِ، أجسادٌ عافتْ رغدَ الحياةِ ونعيمَها، عشقتْ التّعبَ والإرهاقَ، منْ أجلِ أن يعدّوا الموتَ الزؤامَ، لمنْ يتّم الأطفالَ ورمّل النّساء، وثكّل النّساء، فوهبُوا أوقاتَهم وجهدَهم ليلًا ونهارًا، من أجلِ الانتقامِ لتلك الآهاتِ المدويّة، والجراحِ الغائرةِ، والآلام المتبعثرةِ في شوارعِ وأزقّة غزة.

من خندقِ المدينةِ إلى أنفاقِ القسّام، نهجٌ واحدٌ، خطّه إمام المجاهدين، وسارَ على خُطاه أبناء كتائب عزّ الدّين، والمقاومة الفلسطينية، وأمامَ غربان السّماء القاتلةِ، التي تترقب عملَ المجاهدين، كانَ لابدّ من أنفاقِ تأمّن عبور المجاهدين بعيدًا عن أعين الطيرانِ الإسرائيلي، فبادر الآلاف من المجاهدين للعملِ في باطنِ الأرضِ، فصنُعوا من عظامهم معاولَ عزةٍ وفخرٍ، ووهبُوا دماءهم لتروِي عطشَ الأرضِ المباركِة، وطارتْ أرواحُهم عشقًا للمآذن المقدّسةِ هناكَ حيثُ صلّى قائد الغر المحجلين بالأنبياءِ إمامًا.

شجاعيّة البطولة

هُنا الشّجاعيّة، هنا البوابة الشرقية، التي تُنذرُ المعتدين بالذّبح، هُنا سُطرت البطولات،  وتناقلت الحكايات، وتفجّرت العبوات، وانطلقت الرّصاصات، لتغزو صدور الذين كفرُوا، هنا زغردت النّساء معلنات أن المجد للشّهداء، أن الدّم قد هزم اللّهب، وهُنا أعلن المجاهدون أن النّار باتت تصدّ النّار!

شهيدٌ ينتظرُ طفله!

أربعة وعشرون عامًا، لـابن الشّجاعيّة، شهيد الأنفاق رامي منير العرعير، الذي ارتقى في السابع من ديسمبر في الذكرى التاسعة والعشرين لانتفاضة الحجارة، بعد سنين طوال من العملِ والكّد في وحدة الأنفاق القسّامية، فشهدتْ له ساحاتُ الجهادِ، وخنادق العز، وميادين البطولة والفداء.

زُفّ عريسًا إلى حورِ الدّنيا، قبل عامٍ وخمس شهورٍ، وصعدتْ روحُه وهو ينتظرُ طفـلًا في أحشاء زوجته منذ خمسة أشهر، سيبصرُ الدّنيا وقد تجرّع مرارة اليتمِ والفقدِ، كان "رامي"  يتمنّى أن يرى طفلَه، يداعبُ قدميه، يقبّله، يلقِي به في الهواء ثم يعيده في أمانٍ إلى يديـه، أن يستمع إلى كلمة "بـابا"، أن يوزّع الحلوى فرحًا بقدومِه، لكنّ نداء الدّين والوطنِ أقوى من كل تلك المشاعر، ليتوّج حياته الجهادية، بشهادةٍ في سبيلِ الله، لطالما تمنّاها وسعـى إليها.

ويذكرُ أنّ "رامي" خريجٌ من كليةِ "الشّريعة" ومن الرّجال الذي صدقوا الله في التزامِهم بصلواتهم وعبادتهم، وقد تمّيز بحيائه الشديد، وطيبة قلبـه، جعلت جميع من عرفوه يحبونّه ويكنوا له الاحتـرام والتقدير.

رحَل "رامي" وتركَ خلفـه زوجته الصابر المحتسبة،  وطفلًا سيبصرُ الدنيا بعد أشهرٍ، سيكبرُ يومًا ويسأل "أين أبي؟" سينتظرُ أبـاه على شرفةِ المنزلِ، يغنّي لـه، لكنّه عندمَا سيعِي أن أباه شهيدُ الإعداد والتجهيز، سيسيرُ على دربـِه ويحملُ بندقيّته ويواصل المسير، فطوبـى لك يا أحمد.

الشّهيدُ المعلّم

لا يختلفُ من ارتقيا معًا في نفقٍ للمقاومةِ كثيرًا عن بعضهما البعض، وكأنّهما روحٌ في جسدين، فإسماعيل عبد الكريم شمالي، ابن الخمس والعشرين عامًا، والذي أنهى الماجستير في الحديث الشريف، كانت له صولاتٌ وجولاتٌ في كل مكانٍ للمقاومةِ والجهادِ، فكانت بصماتُه محفورة تحتَ الأرضِ وفوقَ الأرض، يُعلي راية الإسلام، ويعبّد الطريقَ نحو فجرِ التحريرِ القادم نحو القدسِ وبلادنا المحتلة، مبشرًا بأن ليل الظلم لن يطول.

الخامسُ بين إخوته، وابن عم الشهيدين عاهد وعمّار شمالي، وخالـاه يوسف وصبحي مودد، مسيرةٌ وقافلةٌ مخضّبة بدم الطّهر، ليس غريبًا عليها، أن تقدّم شهيدًا فريدًا، ترك رغد الحياةِ ونعيم الدّنيا إلى حيث الآخرة، ولسانُ حالِه يقول، وعجلتُ إليكَ ربّي لترضى، يا رب خذ من دمائنا وأشلائنا حتى ترضـى، ودّع أهله وعائلته وانطلق إلى معاقلِ الإيمانِ، ليدكّ حصون البغي والطغيانِ.

رحل الرّفيقان، رفيقا الكليّة، رفيقا النفق، رفيقا حي البطولة والفداء، نحو أنهارِ الجنّة، آن لهم أن يرتاحـا في الأبديّة، قرب الأنبياء والصديقين والشهداء، نحسبهما كذلك ولا نزكيهما على الله، رحل رجالُ الأنفاقِ بعد رحلةٍ جهاديةٍ طويلةٍ، وخرجت المؤلّفة في جنازتهمـا لتجدّد البيعة على مواصلة درب الجهاد والاستشهاد.

خرجت الجماهير، لتؤكد أن دماء الشّهداء لن تذهب هدرًا، معلنة التأييد بأن مرحلة الإعداد والتجهيز، ستؤتى ثمارها في أي جولةٍ قادمةٍ مع الاحتلال الإسرائيلي.