شح المياه مشكلة تعاني منها محافظات الوطن بشكل عام، ومحافظة الخليل بشكل خاص، الخليل التي تعتبر كبرى محافظات الجناح الشرقي الجنوبي للوطن، مساحة وسكاناً، ويقطنها نحو ثلث سكان الضفة الغربية، معاناة المواطنين من شح المياه فيها لا تستثني أحداً، لا في حاضرتها مدينة خليل الرحمن، ولا في ضواحيها وقراها وبواديها.
تلك المعاناة التي سجلت أعلى معدلاتها في صيف 2012م، وها نحن في شتاء 2016/2017، وما زالت النقص الحاد حاضران بقوة، ومع تذبذب أمطار الموسم الحالي، فالمواطنون في المحافظة يحبسون أنفاسهم في انتظار ما تخبئه لهم الأيام المقبلة، بين متفائل بالوعود، وغاسل يديه بالصعيد تيمماً!!.
حالة سياسة أم مفتعلة
بلدة السموع، الواقعة جنوب مدينة الخليل، شأنها شأن معظم بلدات فلسطين، تعاني من أزمة مياه مستفحلة؛ والمسئول الأول عن هذه الأزمة هو الاحتلال الإسرائيلي، وسيطرته على المياه، وحرمانه السكان الفلسطينيين من التمتع بها، أو حتى بالتصرف بالحد الأدنى من حقهم الطبيعي فيها؛ والذي من المفترض أن تكفله القوانين والاتفاقيات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ومعاهدات السلام. البعض يرى أن أزمة المياه في فلسطين مفتعلة، والأخر يؤكد إنها أمر سياسي بامتياز.
وتتجدَّد أزمة المياه في السموع بشكل سنوي ومتكرر، وتعدّ من أقسى المشكلات التي يعانيها السكان ، ويصل السموع منسوب قليل من مياه الأمطار، والمياه التي تزوّدها الشركات الإسرائيلية والمصادر الفلسطينية للبلدة محدودة جداً. حيث يفترض أن يكون معدل استهلاك الفرد في السموع في الوضع الطبيعي حوالي 75 لتر يوميا ، وفعليا على الأرض اليوم تقريبا الكمية 25-30 لتر يوميا فقط.
وأكد المزارع موسى خلايلة لمراسلة "فلسطين الآن"، بأن مشكلة المياه، مستشرية في كل البلدة من شمالها لجنوبها، مشيراً إلى أن الزراعة باتت في خطر جراء اعتمادنا على مياه البلدية، سيما أننا نقوم بري أكثر من 700 شتلة خيار وأكثر منها من محصول البندورة في الدفيئات البلاستيكية.
وقال خلايلة: "المشكلة الأكبر التي نواجهها، هي سرقة المياه من بعض أشخاص في المنطقة، وبالتالي فإن عملية التوريد تقل نتيجة عدم سداد الديون، وذلك حسب ردود البلدية عند استيضاحنا للأمر".
رد البلدية
بدوره، قال يوسف السلامين رئيس بلدية السموع في حديثه لـ"فلسطين الآن": "إن البلدية لم تقف يوماً مكتوفة الأيدي بما يجري من نقص للمياه، وتسربها من نقاط كبيرة في خطوطنا الواصلة من وإلى السموع، حيث السرقات وتأخر مجيء حصة البلدة بداية كل شهر من المصادر الفلسطينية، بدعوى قطعها من الاحتلال الإسرائيلي".
وأكد السلامين على أن المواطن في هذه البلدة يعاني الأمرين، حيث انقطاع دائم للمياه من مصادرها الموردة للبلدة، وتذبذب الأمطار، فنسبة الأمطار قليلة نتيجة الموقع الجنوبي والقريب من الصحراء.
وأضاف السلامين، شح المياه بدأ يسبب مشكلة أخرى هي التصحر، حيث بات التهديد الأول للأراضي الزراعية، فالجفاف يحول كل التربة الطينية إلى رملية مع قربها للمناطق الصحراوية، وبالتالي تصبح غير صالحة لكثير من المشاتل الزراعية.
وحسب السلامين، فإن حاجة الأرض إلى المياه يكاد يتساوى مع حاجة الفرد في اليوم، حيث تتجاوز الحاجة لأكثر من 80 لتراً من المياه الصالحة للشرب والريّ، وبالتالي، يبقى المواطن يعاني منها سنة بعد سنة ولا حلول قريبة بالأفق على حل المشكلة من جذورها لأن الحل بيد من يسيطر على مصادر المياه في وطننا وآخرين يتصرفون دون قانون ودون أي وجه حق في توزيع المياه على المناطق.