المقال للكاتب المصري جمال سلطان -رئيس تحرير المصريون رغم حالة إحباط وقتية أصابت قوى الثورة وملايين المصريين عندما علموا أن رأس حربة الفلول "أحمد شفيق"، سيدخل جولة الإعادة، بينما خرج من السباق مرشحون لهم قبول شعبي كبير مثل حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح، رغم أن القراءة الصحيحة للنتائج تكشف أن قوى الثورة قد انتصرت وسحقت الفلول وأن المشكلة كانت في تفتيت أصواتها فقط في مواجهة مرشح تكتل حوله كل الفلول والكنيسة، ومع ذلك كان ما حصله لا يصل لثلث ما حصلته قوى الثورة، رغم ذلك إلا أن حملة شفيق قرأت النتائج بشكل صحيح منذ اللحظة الأولى، وفهم مرشح الفلول أنه ـ عمليا ـ أصبحت فرصه ضعيفة للغاية في أن يصل إلى كرسي الرئاسة، ومعلوماتي أن حالة من الإحباط هيمنت على حملة شفيق أمس، وهو ما دعاه إلى عقد مؤتمر صحفي عاجل، حاول فيه أن يغسل سمعته، وأن يتراجع عن كل المواقف والآراء والتصورات التي قدمها قبل الانتخابات مباشرة، وحاول إخراج جلده بسرعة من الفلول، حيث اكتشف أنه لن يساعده على الفوز، فأكد أنه لن يعيد إنتاج النظام القديم، وذلك ليمسح تصريحه العلني في مؤتمر أسوان الذي قال فيه: سنعيد مصر إلى ما كانت عليه، وأشار إلى أنه قد يوكل إلى الإخوان تشكيل الحكومة الجديدة، وكأنه "خلاص" قعد على قلب مصر، ويمنح ويمنع من الآن، وذلك ليمحو خطابه السابق ضد "ظلامية" التيار الديني، كما كان يردد وأنه لا مكان لهم في الدولة المدنية المزعومة، "ويعنى بذلك الدولة العسكرية والأمنية". وراح يغازل شباب الثورة ويتحدث كما لو كان وائل غنيم وأحمد حرارة، بأن الثورة اختطفت يا جماعة ومسؤوليتي أن أعيدها للشباب!!، ولو قيل لمن لم يشاهد المؤتمر الصحفي، إن هذه الجملة قالها عادل إمام مثلا في مسرحية كوميدية لكان أقرب إلى تصديقها من أن يتصور صدورها عن أحمد شفيق عدو الثورة، والرجل الذي سخر من الثورة من أول يوم وكان يقول لشباب الميدان "خليكوا وهاجيبلكم بونبونى"، كما هدد قبل الانتخابات من يعترض عليه من شباب الثورة باستدعاء الجيش لسحقهم وضرب لهم مثلا بما حدث في العباسية كنموذج، وكل هذه التراجعات تكشف عن أن شفيق أدرك أن خطاب "الفلول"، الذي راهن عليه لم يسعفه، وأنه لم يحصل في النهاية سوى على أقل من ربع عدد الأصوات، التي شاركت بالانتخاب وأقل من عشرة في المائة من مجمل أصوات الشعب المصري المسجلة للانتخابات. ولذلك يحاول أن يصحح الأمر ويتودد إلى الثورة وأحزابها وقواها، وهذا بالتأكيد إدراك منه ومن داعميه بأن الثورة هي الأقوى، وأن تيار الثورة الجارف ما زال حاضرًا بقوة في مصر، وأن الثورة أكبر منه ومن الفلول ومن الأجهزة والمؤسسات التي تدعمه في الخفاء، ونحن في المقابل نؤكد لشفيق أن زمنه وزمن الفلول قد انتهى، وأنه إذا كان قلقًا من ملفات الفساد المترعة الآن والمتهم فيها بنهب المال العام وإهداره على المحاسيب وأنجال مبارك، والتي وصلت إلى أكثر من خمسة وعشرين بلاغًا لدى النائب العام لم يتم التصرف فيها حتى الآن مجاملة له، فإن قوى الثورة تؤكد لشفيق أنها ستضمن له محاكمة عادلة بعد الانتخابات، وستطلب تعهدًا من الرئيس المصري الجديد الدكتور محمد مرسى، أن يلتزم بتقديم أحمد شفيق إلى محكمة مدنية، وليس محكمة عسكرية، وأن تكون وقائع المحاكمة على الهواء لضمان الشفافية، كما أتعهد أنا شخصيا أن أرسل إلى أحمد شفيق على عنوان مقر حملته الانتخابية صبيحة يوم 18 يونيه المقبل قطعة بونبونى باسم شباب الثورة وشهدائها، عرفانًا بجميل "البونبونى" الذي وعد بإرساله إلى شباب ميدان التحرير أثناء الثورة فكان وقودا جديدا للغضب الذي أسقط مبارك وأسقط فلوله، وأخيرًا أسقط ممثل الفلول الأخير في انتخابات رئاسة الجمهورية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.