18.34°القدس
19.08°رام الله
17.19°الخليل
24.3°غزة
18.34° القدس
رام الله19.08°
الخليل17.19°
غزة24.3°
السبت 05 أكتوبر 2024
5.01جنيه إسترليني
5.39دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.19يورو
3.82دولار أمريكي
جنيه إسترليني5.01
دينار أردني5.39
جنيه مصري0.08
يورو4.19
دولار أمريكي3.82

إغلاق بعثة منظمة التحرير في واشنطن ابتزاز جديد

عبد الناصر عيسى
عبد الناصر عيسى
عبد الناصر عيسى

شكل الموقف الأمريكي الأخير والقاضي بإغلاق بعثة منظمة التحرير الفلسطينية في الولايات المتحدة الامريكية من خلال عدم تجديد الترخيص لها إلا إذا امتنعت السلطة الفلسطينية عن اتخاذ اجراءات للملاحقة القضائية لقادة وشخصيات اسرائيلية متورطة في جرائم ضد الفلسطينيين والعودة الى طاولة المفاوضات أحد أهم قمم الوقاحة والاستخفاف بحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة والرازح تحت نيران الاحتلال.

لقد انخفض الأمريكان بهذا القرار درجة أخرى في انحيازهم لصالح الكيان الصهيوني وذلك من خلال حمايتهم من الملاحقة القضائية المشروعة ومحاولتهم نزع أهم الوسائل النضالية السلمية التي يستخدمها الفلسطينيون - وبتردد كبير -وذلك بمحاولة للتوفيق بين حماية الشعب الفلسطيني من ممارسات الاحتلال اليومية وبين الرغبة في عدم اثارة غضب أنصار اسرائيل وخاصة في الكونغرس الامريكي.

يعتبر هذا الموقف على نطاق واسع نوعا من مكافأة اسرائيل على استمرار سياساتها الاحتلالية والقمعية والمخالفة لكل الأعراف والقوانين الدولية، وصفعة في وجه السلطة الفلسطينية التي تستمر في الالتزام بالخطوط العامة والأساسية للسياسة الامريكية في المنطقة من خلال استمرار التعاون الامني مع اسرائيل واعتبار العملية السلمية رغم فشلها الطريق الوحيد لاستعادة الحقوق الفلسطينية.

ان المطلوب امريكيا وبشكل عام من السيد أبو مازن والسلطة الفلسطينية هو التوقف عن كل اشكال النضال السلمي القانوني والشعبي والرضى بما يحدده المحور -الامريكي -الاسرائيلي -العربي في المنطقة والذي يرى ان واجب الوقت والأولوية الاولى في هذه المرحلة هو مواجهة الخطر الايراني المتزايد.

أما بشكل خاص فإن المطلوب من الرئيس ابو مازن تحقيق جملة من الاهداف المتناقضة، والتي لم تستطيع اسرائيل تحقيقها سابقا مثل عدم التعرض للسياسة الاسرائيلية في الاراضي المحتلة حتى من خلال التوجه للمحاكم الدولية وعدم الاسراع في انجاز المصالحة الوطنية، والعمل على وقف تعاظم المقاومة الفلسطينية من الناحيتين العسكرية والسياسية، والعمل على التهدئة في جبهة غزة، واخيرا ضرورة ابعاد حركة حماس والجهاد الاسلامي عن المحور الايراني من خلال معاقبتهم، وفي مقابل ذلك رفع المعاناة الانسانية عن غزة وتخفيف العقوبات عنها؟!

يرى الكثير من المراقبين ان لا خيار امام الرئيس ابو مازن سوى الاصرار على حق الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال على الأقل من خلال رفع قضايا في محكمة الجنايات الدولية لوقف ما يمكن وقفه من ممارسات اسرائيلية خطيرة على الأرض كطرد السكان الفلسطينيين من المناطق المحيطة بالقدس والاغوار.

يعتقد الكثير من المحللين أن الموقف الامريكي يشكل مؤشرا واضحا على رفض ابو مازن لبعض الضغوطات التي مورست عليه في زيارته الاخيرة للرياض، من أجل ان يقدم المزيد من التنازلات في العملية السلمية التي سيتم طرحها في خطة ترامب المتوقعة، كما يعتقد آخرون أن ضرورات السياسة الواقعية والدبلوماسية الهادئة يقتضيان عدم الاعلان عن هذه الضغوطات.

وباختصار يمكن القول ان الموقف الامريكي الاخير بإغلاق بعثة المنظمة الدبلوماسية في واشنطن جاء ليؤكد موقف ادارة الرئيس ترامب المنحازة بشكل صارخ لاسرائيل والتي تمثلت سابقا برفضها تكرار الموقف الامريكي السابق والقاضي بالموافقة على إقامه دولة فلسطينية في حدود 1967 وبأن الاستيطان عقبة في وجه العملية السلمية، كما يؤكد عدم التوافق التام بين مواقف ابومازن والمشاريع الخطيرة المطروحة في المنطقة.