24.68°القدس
24.3°رام الله
23.3°الخليل
25.42°غزة
24.68° القدس
رام الله24.3°
الخليل23.3°
غزة25.42°
الجمعة 04 أكتوبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.2يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.2
دولار أمريكي3.8

ما بعد عباس.. محاولات أمريكية لإعادة تدوير الاحتلال وهيكلته

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

بعد انتهاء الرئيس محمود عباس من القاء كلمته امام مجلس الامن اول امس الثلاثاء، انسحب من الجلسة ليفجر غضبا امريكا واسرائيليا؛ فالمندوب الصهيوني قال في تعليقه على مغادرة الرئيس للجلسة لأبو مازن بأنه «انتهى»؛ عبارة تحمل الكثير من التهديد والوعي لرجل تجاوز الثمانين عاما.

المرحلة الجديدة لما بعد حقبة الرئيس محمود عباس تثير الكثير من القلق والتوتر دافعة اطراف المعادلة الى التفكير الجدي بالمرحلة التي تتبع غياب الرئيس الفلسطيني؛ باعتباره عراب اوسلو بل المتزعم للحل المرحلي والسلمي منذ العام 1968 والذي تبلور في العام 72 وتم اقراره في العام 77- 78، ولعل هذا التوتر وذلك القلق بات بالامكان تلمسه من خلال التخبط الحاصل في المشاريع والصفقات السياسية المقترحة امريكياً.

وللدلالة على اهمية الرجل، اشير الى احد التعليقات اللافتة للانتباه على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» لمواطن امريكي داعم للوبي الصهيوني، ففي تعليقه على خبر نقلته صحفية امريكية تعد مناصرة بقوة للكيان عن خطاب عباس في مجلس الامن قوله «هذا هو الرجل الذي بشرتم به وروجتم له منذ السبعينيات من القرن الماضي!»؛ ذلك ان ابو مازن كان رقما مهما ولافتا للانتباه للدوائر الامريكية منذ تلك الحقبة والرهان على دوره السياسي وتوجهاته البراغماتية كانت عالية جدا؛ تم استثمارها بقوة في التسعينيات من القرن الماضي، وبعيد وفاة الزعيم الفلسطيني الشهيد ياسر عرفات.

محمود عباس ادرك ان العملية السلمية التي كرس حياته لها منذ سبعينيات القرن الماضي الى الان وصلت الى طريق مسدود، ورهانه على الامريكان بات سرابا وصحراء مقفرة، ورغم ذلك فإنه لم يتخل عن خطابه السياسي التقليدي مع نزعته الواضحة بالتحذير من السياسة الامريكية التي لم تلتزم بتعهداتها رغم التزام عباس وانصار التيار ما سمي بالسلام ومن ورائهم الفلسطينيين بأوسلو حتى العام 1999 وما بعده (مشروع دايتون).

النقاش حول مستقبل السلطة ما بعد محمود عباس بات اكثر جدية الان، ليس فقط بسبب انهيار العملية السلمية بل لأن الرقم المهم والعراب والمنظر لهذا التوجه في الساحة الفلسطينية بلغ من الكبر عتيا، وبات اكثر عنادا واكثر تشاؤما من امكانية الوصول الى حل سياسي بالادوات السلمية، مستنبطا النتائح المترتبة على ذلك بعقلية الباحث والاكاديمي لا بعقلية السياسي وصانع القرار.

الشعور بنهاية هذا النهج لم تقتصر على الرئيس الفلسطيني عباس إنما نجد لها ترجمة في تصريحات كبير المفاوضين صاحب المقولة الشهيرة «الحياة مفاوضات» صائب عريقات بقوله ان «الرئيس الحقيقي للسلطة هو ليبرمان».

في خضم هذه الحالة لم تتمكن الفيدرالية الامريكية والكيان الاسرائيلي من فرض كامل شروطهما وتصوراتهما على السلطة، سواء من خلال صفقة القرن لإعادة ترتيب اوراق الاحتلال وهيكلته أم اعادة تدويره التعبير الادق عن الجهود الصهيونية والامريكية القائمة. كما لا يبدو في الافق ان الدول العربية الصديقة والمتعاونة والمتحالفة مع امريكا قادرة فعليا على انتاج حالة فلسطينية تمثل امتدادا لنهج التفاوض اللانهائي، لم تنجح الجهود نتيجة الخلاف والتنافر بين الدول العربية، وهزالة البدائل السياسية المقترحة في تقديم بديل ولو مرحلي لحقبة ما بعد الرئيس محمود عباس.

لعل هذا ما دفع مسؤول العلاقات الدولة في حركة حماس الى القول: «نُعد لمرحلة ما بعد عباس ودحلان ليس خيارنا»، كما انها تفسر تصريحات ابو مرزوق من المصالحة التي حمل فيها الرئيس عباس مسؤولية التأخر في تسريع خطوات المصالحة التي بدت اكثر من قبل مرهونة بقدرة قيادة السلطة في رام الله على طرح بدائل ممكنة للرئيس عباس، لتوحي بأن الرئيس يرغب في نقل الملف للرئيس القادم ليستثمر في الاوراق التي يمتلكها لتعزيز مكانته في السلطة ولتسريع خطوات المصالحة كإنجاز ممكن للمسؤول الجديد.

في كل الاحوال لم تعد مسألة خلافة الرئيس عباس قضية من الممكن نقاشها في الغرف المغلقة، فهي الان تطفو على السطح باعتبارها القضية الاهم، وفي ضوئها ستقرر الكثير من الحقائق والتغيرات وسيحدد المسار العام الذي سيتطور فيه ملف القضية الفلسطينية فهي معركة تقرع ابواب البيت الفلسطيني بقوة وإلحاح.