القصة بدأت قبل أعوام قليلة، حين أصدر رئيس السلطة محمود عباس قرارا بتعيين الرائد أسامة عقل حسن منصور -بعد إحالته للتقاعد المبكر- في منصب "مسؤول ملف تسريب الأراضي في ديوان الرئاسة"، وجرى دعمه ماليا ومعنويا لملاحقة السماسرة ومن يقومون إما بالبيع المباشر للإحتلال، وإما من يسهلون تلك العملية أو تسريبها بطرق ملتوية للصهاينة. وحسب مصدر مطلع جدا قال لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]" إن عمل منصور تركز على عمليات تسريب الأراضي في منطقة القدس وضواحيها، وكذلك محافظة الخليل، اللتان تشهدان أكبر عمليات بيع وتسريب، لكن الجهد الأكبر لمنصور تركز في منطقة البلدة القديمة في كلتا المنطقتين، كونهما تتعرضان لعملية تهويد غير مسبوقة، ويعيش الفلسطيني إلى جانب الصهيوني والمستوطن جنبا إلى جنب، ما قد يُسهل عملية البيع أو التسريب. المصدر المطلع قال إن منصور يحمل هوية زرقاء (إسرائيلية) كونه من سكان الداخل المحتل عام 48، وقد خرج من فلسطين في فترة شبابه وإنضم للثورة الفلسطينية، وبعد توقيع إتفاقية "أوسلو" كان ضمن العائدين، حيث سرعان ما إنضم للسلطة وإرتقى في المناصب حتى وصل إلى منصبه الحالي. عمل منصور في ملاحقة السماسرة، ما عرّضه في مرحلة معينة للإعتقال على أيدي سلطات الاحتلال الصهيوني، خلال عملية نفذتها قوة خاصة صهيونية وسط مدينة رام الله قبل نحو ثلاث سنوات. [title] خبر يديعوت[/title] وخلال بحث مراسل "[color=red]فلسطين الآن[/color]" عن أية معلومات سابقة بشأن أسامة منصور، وصل لخبر كانت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية قد نشرته بتاريخ 15-8-2009 يفيد أن الجيش الصهيوني اعتقل قبل شهر ونصف الشهر، (أي في أوائل تموز 2009) في عملية عسكرية سرية في رام الله، أسامة منصور أحد مستشاري رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بداعي "ضلوعه في مؤامرة للسيطرة على أراض" في القدس المحتلة و"خطف سمسار أراض مقدسي" باع أراضي لليهود. وجاء في الخبر أن منصور الذي نٌقل سراً إلى معتقل داخل الكيان الصهيوني، للتحقيق معه بشأن تكليفه من طرف عباس بمهمة التحقيق في عمليات تزوير وبيع أراض فلسطينية في القدس ليهود، متهم بخطف سمسار أراض من القدس الشرقية المحتلة يدعى أحمد المصري إلى رام الله، حيث تعتبر (إسرائيل) المصري (إسرائيلياً) لأنه يحمل الهوية (الإسرائيلية)، كما تتهم منصور ورفاقه بابتزاز تحت التهديد لسماسرة آخرين اشتبه بقيامهم ببيع أراض ليهود. وتابعت الصحيفة أن محققي جهاز الأمن الداخلي "شاباك" هم الذين تولوا أمر التحقيق مع منصور، وأنه أنكر كل التهم المنسوبة إليه. [title]عمل وطني!![/title] إلى هنا لا مشكلة مطلقا، فالرجل يقوم بعمل وطني ويتعقب الجواسيس الذين يبيعون الأراضي للاحتلال. لكن ما الذي جرى بعد ذلك..؟؟ أفرج الكيان الصهيوني لاحقا عن أسامة منصور، الذي عاد إلى عمله في ديوان الرئاسة. لكن قبل نحو شهر من الآن، وفي إطار الاعتقالات التي تنفذها أجهزة السلطة بحق قيادات أمنية وفتحاوية في الضفة الغربية بعد أحداث جنين ووفاة محافظها بعد إطلاق النار على بيته، جرى إعتقال منصور بتهمة الفساد، وتم تحويله للتحقيق في سجن "بيتونيا" التابع للأمن الوقائي. هناك خضع منصور لتحقيق قاس وتعذيب شديد. [title]تهمة العمالة والجاسوسية[/title] المعلومات تشير إلى أن التحقيق لم يكن يرتكز على قضايا فساد مالي او أداري كما أشيع، بل بتهمة العمالة والجاسوسية للاحتلال. فقد أوضح المصدر المطلع أن الشكوك حول منصور بدأت فور الإفراج عنه عقب إعتقاله عام 2009، لكن لم يثبت بحقه أي دليل. لكن حادثة جرت مع رجل مقدسي سرّعت في توقيفه. الرجل المقدسي تفاجئ بسيطرة المستوطنين على أرضه، فذهب إلى منصور وطلب منه رفع قضية في المحاكم الصهيونية ضد المستوطنين الذين سرقوها وقدموا أوراقا تثبت ملكيتهم لها، مؤكدا له أن الأوراق مزيفة، فهو لم يبع أرضه لأحد ولم يتنازل عنها لكائن من كان. بالفعل، رفع منصور قضية لصالح الرجل المقدسي، لكن منصور أهملها ولم يكلف احدا من المحامين بتتبعها وحضور جلسات القضاء. وعندنا كان الرجل المقدسي يتصل على منصور، كان غالبا لا يجيبه، أو يطلب منه عدم الاكتراث فالملف مضمون والنتيجة في جيوبهم. الصدمة كما قال المصدر لـ"[color=red]فلسطين الآن[/color]" كانت يوم الجلسة الحاسمة التي سيصدر فيها الحكم، حيث فوجئ الرجل المقدسي بعدم حضور منصور أو أيا من المحامين المكلفين بمتابعة الملف، وعندما اتصل عليه، صعق بطلب منصور منه أن يتنازل عن القضية أو يصل إلى تسوية مع المستوطنين. خسر الرجل أرضه، لكنه لم يستسلم، فحمل الملف كاملا وذهب به إلى مقر الرئاسة في رام الله، عرض قصته كاملة على المسؤولين هناك. حينها صدر قرار اعتقال منصور. المصدر يرجح أن منصور يملك معلومات مخيفة عن تورط شخصيات فلسطينية كبيرة في ملفات تسريب الأراضي للصهاينة، حيث كانوا على إطلاع كامل على عمله ودوره في التعاون في سبيل ذلك، ما أثار مخاوف لديهم من أن يقوم بكشف أسرارهم، فقضوا عليه، مستبعدا أن يكون قد أقدم على الانتحار. [title]لجنة تحقيق[/title] وكانت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان (ديوان المظالم) قد طالبت بتشكيل لجنة تحقيق محايدة للاطلاع على ظروف وفاة منصور لدى نقله للمحاكمة في مركز توقيف تابع لجهاز الاستخبارات العسكرية بمدينة رام الله. وقالت الهيئة في بيان وصل "[color=red]فلسطين الآن[/color]" نسخة عنه اليوم الاثنين إنها تنظر بقلق بالغ لظروف وفاة المواطن من سكان مدينة رام الله في مكان الاحتجاز التابع لجهاز الاستخبارات العسكرية في مدينة رام الله يوم أمس الأحد. ووفقاً لمعلومات وتوثيق الهيئة فإن منصور كان قد احتجز بتاريخ 19/6/2012، على ذمة النيابة العسكرية، كونه عسكريًا متقاعدًا، وذلك على خلفية شبهات تتعلق بتهم فساد. وتوفي منصور حسب التوثيق الأولي نتيجة سقوطه من الطابق الثاني للمقر العام لجهاز الاستخبارات الكائن في شارع الإرسال بمدينة رام الله، وفي أعقاب وفاته جرى تشكيل لجنتي تحقيق في ظروف الوفاة. واللجنة المشكّلة الأولى داخلية وتتكون من أعضاء من جهاز الاستخبارات العسكرية، أما اللجنة الثانية فشكلت من قبل وزارة الداخلية. وعبرت الهيئة المستقلة عن قلقها من وقوع حالة الوفاة، مطالبة بتشكيل لجنة تحقيق محايدة للاطلاع وفحص ظروف وفاته، ودراسة كافة البيانات المتوفرة وصولاً للحقيقة. كما طالبت بالعمل على نشر نتائج وتوصيات اللجنة على الملأ، واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المخالفين في حال ثبوت أية مخالفة بحق المواطن المتوفي. [title]زوجته تنفي[/title] وكانت زوجته قالت في تصريحات إعلامية إنها "زارته يوم الجمعة 13-7-2012 دون أن تلاحظ أية علامات للانهيار النفسي أو العصبي، بل على العكس تماما -كما تقول- كان يضحك ويداعب من حوله ولم يشتك من أي شيء". وطالبت الزوجة بتشريح الجثة للتأكد من سبب الوفاة وهي تشك انه تم قتله ولم ينتحر ولم يموت بشكل طبيعي، متسائلة "ألا يحق لعائلة المتوفي في السجن أن تبلغ بوفاته، لكننا سمعنا بالخبر من الناس".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.