17.22°القدس
16.81°رام الله
16.08°الخليل
22.81°غزة
17.22° القدس
رام الله16.81°
الخليل16.08°
غزة22.81°
الجمعة 04 أكتوبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.2يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.2
دولار أمريكي3.8

تهاوي "صفقة القرن" يعري سلطة عباس

صالح النعامي
صالح النعامي
صالح النعامي

لم يعد تشبث قيادة السلطة الفلسطينية بنمط سلوكها الحالي القائم على رفض التواصل مع الإدارة الأمريكية بزعم مواجهة "صفقة القرن" مجديا، بعد أن أكدت إدارة دونالد ترامب تراجع فرص تطبيق هذه الخطة من خلال التعاون الفلسطيني.

فكل من واشنطن وتل أبيب تتجهان إلى تطبيق بنود الصفقة على الأرض بدون الحاجة إلى صفقة..

لقد بات واضحا أن رفض التواصل مع الإدارة الأمريكية لن يعيق مفاعيل التوافق الأمريكي الإسرائيلي على تطبيق بنود الصفقة من خلال حسم القضايا التي تشكل لب الصراع مع الاحتلال.

إن نمط السلوك الأبرز الذي سيقلص من قدرة واشنطن وتل أبيب على استنفاذ الطاقة الكامنة في التعاون بينهما لتكريس الحقائق على الأرض، يتمثل في فعل نضالي مقاوم يسهم في جباية أثمان من تل أبيب تجعلها مستعدة لإعادة تقييم سياساتها من جديد.

ومما لا شك فيه أن اعتماد نمط المقاومة الشعبية الجادة في جميع أنحاء الضفة الغربية والقدس، سيكمل حراك مسيرات العودة في قطاع غزة وسيمثل النمط الأمثل القادر ليس فقط على إعاقة السياسات الإسرائيلية، بل أيضا سيؤثر سلبا على البيئتين الإقليمية والدولية لإسرائيل. وسيقلص من اندفاع بعض الأطراف العربية لتطبيع مع إسرائيل.

ومن الواضح أن اعتماد هذا النمط من المقاومة يتطلب تطبيق مقررات وتوصيات المجلس المركزي الفلسطيني في دورتيه الأخيرتين بوقف التعاون الأمني مع سلطات الاحتلال.

في الوقت ذاته، فإن انهاء الانقسام الداخلي فورا يعد متطلبا أساسيا من متطلبات مواجهة مخاطر التوافق الأمريكي الإسرائيلي على تصفية القضية الفلسطينية. وإن كان الهدف الأمريكي والإسرائيلي من الانشغال بواقع غزة الإنساني والاقتصادي يهدف إلى تكريس الفصل السياسي بين الضفة والقطاع، فإن قرارا من رئيس السلطة محمود عباس برفع العقوبات التي فرضها على القطاع كفيل بأن يجفف البيئة التي يعمل فيها الأمريكيون والإسرائيليون لتحقيق هذا الهدف.

إن الوفاء بهذه الاستحقاقات بات أمر الساعة لأن الإقرار الأمريكي بتراجع التوصل لاتفاق بشأن صفقة القرن سيكون مقدمة لسلسلة من الإجراءات التي يمكن أن تقدم عليها واشنطن، وتهدف إلى تطبيق بنود "صفقة القرن" من خلال تعزيز قدرة إسرائيل على حسم مصير القضايا الرئيسة التي تشكل الصراع مع الشعب الفلسطيني.

فقد حرص على جاريد كوشنير، كبير مستشاري ترامب وصهره في المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "القدس" خلال جولته في المنطقة على التمهيد لأنماط سلوك وإجراءات أكثر وضوحا في إسناد سياسات حكومة اليمين المتطرف في تل أبيب.

فكوشنير لم يحرص فقط على توجيه انتقادات لاذعة لقيادة السلطة وتحميلها المسؤولية عن الطريق المسدود التي انتهت إليه الجهود الهادفة لحل الصراع، ولم يكتف بالتشبث بالسلام الاقتصادي، كمسار وحيد لحل الصراع، بل تجنب أيضا نقد سياسات حكومة نتنياهو ومواقفها المعلنة، التي يستحيل معها التوصل لتسوية سياسية للصراع.

ولن يكون من المستبعد في المستقبل القريب أن تعمد الإدارة الأمريكية إلى توفير إطار سياسي يترجم إلى أفعال التصريحات التي أدلها بها دفيد فريدمان، السفير الأمريكي في القدس المحتلة، الذي رفض أن تكون إسرائيل تمارس الاحتلال في الضفة الغربية والقدس، علاوة على أنه هاجم المطالبين بتفكيك المستوطنات اليهودية هناك، بزعم أن مثل هذا الإجراء سيكون مقترنا باندلاع "حرب داخلية إسرائيلية".

وفي هذا السياق، فإنه من المرجح أن تحظى مخططات الأحزاب والحركات المشاركة في ائتلاف نتنياهو الحاكم لحسم مصير الضفة الغربية وضمان خارطة المصالح الإسرائيلية هناك، بدعم أمريكي رسمي. ولن يكون من المستهجن أن تمنح إدارة ترامب حكومة نتنياهو الضوء الأخضر لضم التجمعات الاستيطانية الكبرى في الضفة الغربية لإسرائيل، كمرحلة أولى من مراحل تصفية القضايا الرئيسة للصراع؛ على أن تكون هذه الخطوة مقدمة لضم منطقة "ج" التي تشكل أكثر من 60% من المستوطنات، والتي تضم جميع المستوطنات اليهودية.

إلى جانب ذلك، فإن ترامب يمكن أن يقدم على إسناد الموقف الإسرائيلي الرافض حق العودة للاجئين، مع العلم أنه اعتبر خلال مؤتمر "دافوس" الاقتصادي أن قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس يعني أن مصير المدينة لم يعد مادة للتفاوض بين الفلسطينيين وإسرائيل.

في الوقت ذاته، فإن استمرار الاهتمام الأمريكي بمعالجة الواقع الاقتصادي في قطاع غزة، لا يخدم إسرائيل فقط من خلال إسهامه المتوقع في تقليص فرص اندلاع مواجهة مع حماس، بل أيضا يسهم بشكل غير مباشر في تحقيق أهداف اليمين الإسرائيلي المتمثل في تكريس الفصل بين الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويعزز تخلي إدارة ترامب عن "خطة الطريق" من فرص استقرار حكومة اليمين في تل أبيب، حيث إن أوساطا داخل الائتلاف الإسرائيلي الحاكم ترفض أن يتم الإعلان عن أبو ديس والبلدات الفلسطينية المجاورة لها في محيط القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية.

من هنا، فإن مواجهة هذا الخطر الداهم يوجب على قيادة السلطة إحداث تحول جذري على نمط سلوكها الداخلي، وفي مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة والبيئة الإقليمية.