فقدت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" سيطرتها تماما على أسواق الخام العالمية، وأصبحت مقاليد الأمور بيد ثلاثة رجال فقط، وفقا لتقرير وكالة "بلومبرغ".
تشير الوكالة في تقرير صدر، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين وولي العهد السعودي محمد بن سلمان —وهم قادة لثلاث أكبر دول منتجة للنفط في العالم- هم من سيحددون مسار أسعار الخام في العام المقبل (2019) وما بعده، عبر قراراتهم أو (تغريداتهم)، لكن كل واحد منهم يريد شيئا مختلفا عن الآخر.
الوحوش الكبيرة
وبينما تناضل المنظمة من أجل إيجاد هدف مشترك، تهيمن أمريكا وروسيا والسعودية على الإمدادات العالمية من النفط، حيث تنتج مجتمعة ما يفوق إنتاج 15 عضوا في المنظمة. فواشنطن وموسكو والرياض تضخ النفط بمعدلات قياسية، وكل واحدة منها قادرة على زيادة الإنتاج في العام المقبل، رغم أنها لا ترغب في هذا الخيار.
ويشير التقرير إلى أن معدل إنتاج النفط من الثلاثة الكبار، سيعتمد على كلمات وأفعال ترامب وبوتين وابن سلمان.
وأوضح التقرير أن السعودية وروسيا هما من دفعتا أوبك والمنتجين خارجها إلى تخفيف القيود المفروضة على الإنتاج والمطبقة منذ بداية العام 2017، وبعد ذلك رفعتا إنتاجهما إلى مستويات قياسية أو قريبة منها، ثم ارتفع الإنتاج الأمريكي بشكل غير متوقع، حيث تغلبت الشركات التي تضخ من حوض بيرميان في تكساس على اختناقات خط أنابيب لنقل نفطها إلى ساحل الخليج.
وذكر التقرير أن هذه الزيادات —بالإضافة إلى توقعات بنمو أقل للطلب، ومنح ترامب إعفاءات من العقوبات لبعض مشتري النفط الإيراني- قلبت معنويات السوق من مخاوف بشأن نقص الإمدادات إلى مخاوف من تخمة في المعروض في غضون ثلاثة أشهر.
ولفت التقرير إلى أن السعودية أعلنت أنها ستخفض إنتاجها من النفط بـ500 ألف برميل يوميا اعتبارا من الشهر المقبل، ودعت باقي المنتجين إلى ضرورة خفض نحو مليون برميل يوميا عن مستويات إنتاج أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مشيرا إلى أن كل هذا أثار ردة فعل فاترة من جهة بوتين وتوبيخا من جانب ترامب.
وقال إن محمد بن سلمان بحاجة إلى عائدات النفط لتمويل خططه لتنفيذ إصلاحاته بالسعودية، في حين يتوقع صندوق النقد الدولي حاجة المملكة إلى سعر نفط بحدود 73.3 دولارا للبرميل في العام المقبل لتحقيق التوازن في ميزانية البلاد، وهو سعر أكبر بخمسة دولارات من سعر خام برنت في الوقت الحالي.
ويضيف التقرير أن إطالة أمد خفض الإنتاج للسنة الثالثة هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع بها السعودية تحقيق السعر الذي تحتاجه.
تحديات عديدة
ويوضح أن ولي العهد السعودي سيواجه العديد من التحديات من جانب بوتين وترامب، فالأول لا يظهر حماسة لتقييد إنتاج بلاده من النفط مرة أخرى، بينما ستكون معارضة الثاني أكبر بكثير.
وبحسب التقرير، لا يظهر الرئيس الروسي حماسة كبيرة لتقييد إنتاج بلاده مرة أخرى، إذ إن ميزانية موسكو أقل اعتمادا على أسعار النفط مما كانت عليه عندما وافقت روسيا على الانضمام إلى الجهود التي تقودها أوبك لإعادة توازن سوق النفط في عام 2016 ، والشركات النفطية في البلاد تريد أن تنتج من الحقول التي استثمرت فيها.
ويرى التقرير أن بوتين ربما يقرر الحفاظ على علاقته السياسية الجيدة مع ولي العهد السعودي، الذي يستحق تضحية صغيرة، ولكن ليس من المسلم به أن روسيا ستوافق على تمديد خفض الإنتاج عندما يجتمع المنتجون في فيينا الشهر المقبل، إذ يعتقد بوتين أن أسعار النفط عند حوالي 70 دولارا للبرميل تناسبه تماما.
التهديد الأكبر
أما المعارضة من ترامب —بطبيعة الحال- فستكون أعلى صوتا، وتأتي في وقت يحاول فيه هو وولي العهد الحفاظ على علاقتهما السياسية، بينما يفكر أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في فرض عقوبات أشد على المملكة ردا على الحرب في اليمن ومقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي.
ويؤكد التقرير أن التهديد الأمريكي الأكبر للخطط السعودية سيأتي من منتجي النفط الصخري الذين قد يرفعون إنتاجهم إلى 12 مليون برميل يوميا بحلول أبريل/نيسان المقبل.
وختم بالقول إنه سيتعين على السعودية أن تخاطر بغضب ترامب وعدم مبالاة بوتين وما تشهده صناعة الصخر الزيتي الأمريكية من ازدهار إذا كانت تأمل تحقيق توازن في سوق النفط عام 2019.