رغم مضي أكثر من عشرة أيام على تعيينه وزيرا أول بالجزائر، لم يتمكن حتى الآن نور الدين بدوي من الإعلان عن حكومته الجديدة. ويرى مراقبون أنه "يتخبط" بحثا عمن يقبل الانضمام للتشكيلة الحكومية المنتظرة التي ترى المعارضة أن مدة صلاحيتها لا تتجاوز الشهر.
وبينما يواصل بدوي مشاوراته الطويلة، يغيب نائبه رمطان لعمامرة في جولة قادته إلى كل من إيطاليا وروسيا والصين ودول أخرى، في مهمة لشرح ما يحدث، ومحاولة إقناع أطراف دولية بوجهة نظر الأطراف الممسكة بمقاليد الأمور.
ومع إعلان مختلف النقابات رفضها للدعوة التي تلقتها من قبل الوزارة الأولى، لحضور الاجتماع التشاوري، أكدت الأحزاب المعارضة الكبرى -في تصريح للجزيرة نت- عدم دعوتها من قبل السلطة، مشيرة إلى أن "بدوي يعلم جيدا أننا لن نحيد عن مواقفنا".
المعارضة ترفض
وقال أحمد الدان الأمين العام لحركة البناء المحسوب على المعارضة "بدوي فشل أو أفشلت مساعيه في تشكيل الحكومة، والسلطة فشلت في إدارة عملية انتقال سلس للحكم".
وأضاف المتحدث في تصريحه للجزيرة نت "لم يستطع (بدوي) خطابه في الندوة أن يقنع الشارع ولا الأحزاب السياسية، ولكن ستحصل تغييرات أكبر من الحكومة، بدءا باستقالة الرئيس وإتمام عهدته وتسليم الأمور لرئيس مجلس الأمة، ليتولى زمام الأمور تسعين يوما، أو تشكيل الندوة الوطنية في صياغة توافقية".
وأشار إلى أن السلطة فشلت في إيجاد حل لأزمة صنعتها بنفسها من خلال الإصرار على العهدة، فهي لم تحسن قراءة نفسية الجزائريين الذي صبر من أجل المصلحة العليا، ولما رأى إصرار السلطة على تجاوز الحدود المعقولة للبقاء في الحكم انتقل للتعبير المباشر عبر الشارع.
من جهته، أكد عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم (أكبر حزب إسلامي بالبلاد) أن الوزارة الأولى لم تتصل بحزبه لحضور اللقاء التشاوري.
وأضاف في تصريح للجزيرة نت "لم يتم الاتصال بنا، لأنهم يعرفون جيدا موقفنا منهم، وهم مدركون أننا لن نحيد عن قراراتنا وقناعاتنا تجاه كل ما هو باطل".
ولفت مقري إلى أن "الكرة الآن في ملعب السلطة، ولكنها تصر على تأكيد استمرارها من خلال رسالة بوتفليقة الأخيرة".
لا حوار مع السلطة
من جهته، نفى علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق والأمين العام لحزب طلائع الحريات المحسوب على المعارضة أن يكون "قد استقبل اتصالا من الوزارة الأولى" وقال "نحن نرفض الجلوس على طاولة الحوار مع السلطة وهم يدركون ذلك جيدا، لذلك لم يتصلوا بنا".
وأكد بن فليس في تصريح للجزيرة نت "نحن رفضنا الندوة الوطنية وكل موقف من السلطة غير قابل للنقاش معنا، لم يأتنا استدعاء، ولن نكون مع أناس انتهكوا الدستور".
وأضاف "لن نشارك في إفساد الجزائر، بدوي مهندس القوانين التي تحكي التزوير ورسالة بوتفليقة، واردة من قوى غير دستورية تريد السيطرة على الجزائر، كما سيطرت عليها طيلة العشرين سنة الماضية".
من جهته قال عبد الله جاب الله رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية المحسوب على المعارضة "السلطة تحاول المراوغة والالتفاف على مطالب الشعب الواضحة التي خرج للتعبير عنها ملايين الجزائريين الرافضين لنظام الحكم القائم".
بداية النهاية
وأكد جاب الله -في تصريح للجزيرة نت- أن حزبه يستحيل أن يكون ضمن حكومة تؤسسها السلطة الحالية.
وأضاف "نحن قلنا بعبارة صريحة أننا رافضون لأي وصاية يحاولون فرضها على الشعب، الأصل أن يسحبوا أنفسهم نزولا عند إرادة ملايين الجزائريين بدل المراوغة".
وتداولت وسائل إعلام محلية تسريبات تؤكد مغادرة الرئيس قصر المرادية مع انتهاء مأموريته الحالية في 28 أبريل/نيسان المقبل، وأنه اتخذ قرارا بعدم قيادة المرحلة الانتقالية، على خلفية إصرار الشارع على عدم بقائه بعد انتهاء عهدته الجارية.
وكان لافتا أن هذه التسريبات جاءت بالتزامن مع التصريحات المفاجئة للناطق باسم حزب التجمع الوطني الديمقراطي الصديق شهاب -عبر إحدى القنوات- حين قال إن الجزائر "كانت تسيرها قوى غير دستورية طيلة السنوات الماضية" معترفا بخطأ ترشيح بوتفليقة في حالته الصحية تلك.