25°القدس
24.61°رام الله
23.86°الخليل
28.09°غزة
25° القدس
رام الله24.61°
الخليل23.86°
غزة28.09°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

هل ما يعرض على شاشاتنا يعكس الذوق العام للجمهور؟

533
533
دينا عصام

تشغلني دائما جملة "الذوق العام للجمهور"، وأسأل نفسي هل حقا ما يقدم على شاشاتنا هو ما يعجب الجمهور ويناسب ذوقهم العام؟! هل أصبح الجمهور لا يتفاعل إلا مع كل ما هو يحتوي على الابتذال وفقر الفكرة وانحطاط الحوار الإنساني؟ ويبرر أنها لغة البساطة وتدخل إلى القلب لأنها عامية وعفوية وتشبه شوارعنا! هل يعجب الجمهور الأسر المحطمة والزوجة التي لا تطيق زوجها ولها منه درزينة أطفال أو الزوج المتنمر الذي لا يرضى بما في يده وينظر لما ليس له وكل منهم يخوض في العلاقات المحرمة بحجة أنهم مكرهين أن يعيشوا سويا وينجبوا هؤلاء الأبناء الذين بدورهم ينتقمون من أهلهم ويفسدون على طريقة جيلهم..

هل يناسب الذوق العام للجمهور تلك النقلات النوعية من الفقر المدقع إلى الغنى الفاحش عن طريق الخيانة والسرقة والرشوة والربا واستحلال الحرام والاستيلاء على أموال الناس بالباطل والطعن في الظهر من أقرب الأقرباء فالأخ خائن والأب فاسد والقريب حاسد وقاطع رحم والأم تتستر وتطعم أبنائها الحرام وهي تعلم أنه حرام بحجه أنها ليس في يدها شيء أو أنها ترى سقوطهم وتبرر أنه جزاء أعمالهم؟ هل القتل وسفك الدماء والتخريب والتعذيب والانتقام بدون قوانين ولا عدل يستهوي روح المشاهد ويشفي غليله ممن تسببو له في آلامه.

هل يتناسب مع الجمهور العشق الممنوع، والعشق الأسود، وحرب القلوب، واختلاط الأنساب، هل الحب الحلال الذي يبدأ بالزواج والحياة في سعادة ورضا أصبح شيئا نادرا لهذه الدرجة.. ألا يمكننا أن نجد أن هناك عائلة نشأت على الحب والتفاهم وتسعى للاستقرار بالرغم من مواجهتها بعض المشاكل الطبيعية التي نألفها في مجتمعاتنا، فيكون هناك حلول منطقية ودروس واقعية مستفاده تساعد الناس في العالم الواقعي على تجاوز مشكلاتهم والحفاظ على قيمهم والبقاء على معنى الأسرة أو العائلة وبنائها المقدس! هل من الصعب جدا عرض المواقف الإنسانية التي نمر بها يوميا ويحتار فيها العقل والوجدان ويصبح الكثير منا بحاجة لمرشد أو مستشار يكترث لحقيقة ما نمر به ويساعدنا بالنظرية والخبرة والقصة الواقعية أن نتجاوز ما يحذونا من أزمات!

كيف أصبح ذوقنا العام هكذا؟ وإذا لم يكن هكذا لمن يفعلون تلك السيناريوهات ومن يستهدفون بها؟ وما دورها في علاج مشاكل المجتمع الحقيقية التي أصبحنا غارقين فيها حتى أنوفنا؟ وما علاقة عرض هذه السيناريوهات في رمضان.. وارتباطها بحفنة مقدسة من الأيام القليلة التي تمضي سريعا وفيها وعد من الله عز وجل بالرحمة والمغفرة والعتق من النار؟ لست من محبي الميديا بأنواعها لا سيما العربية.. نادرا ما أتابع أعمالا درامية وقد يحدث ذلك بعد ترشيحات الأصدقاء واقتراحاتهم لشيء ما قد يطابق اهتماماتي وقد أتابع شيئا لأفهم سبب شهرته وانتشاره والتفاف الجمهور حوله وحديث الناس عنه.. وأهتم كثيرا بالقضايا المجتمعية التي تسلط الضوء على حياتنا أو التي ينبغي لها أن تكون كذلك!

أعتقد أن الأمر ليس له علاقة بفقر المحتوى وإنما هو أمر متعلق بكيفية جني المال من تسويق أكثر فكرة شاذة ومبتذلة وبعيدة عن الواقع.. ثم يأتي الموسم لهذا التسويق في أكثر شهور السنة قدسية لدى العالم العربي والإسلامي.. هذا في حد ذاته تناقض لا تفسير له! بعض الأعمال الدرامية تحتاج لتحليل كامل ومقارنة بالواقع وتصحيح مفاهيم مغلوطة تهدد الفطرة البشرية.. والبعض منها يحتاج منا قطعا.. المقاطعة. لابد لنا التصدي لهذا الهراء الإعلامي الذي يدمر العقول ويستهزأ بالإنسان وقدرته التي منحه الله إياها في حل المشكلات وجعل العالم مكانا أفضل.. وعلينا أن نحارب الفكر بالفكر! بوعينا بأن تلك المواد لا يمكن أن تدخل منازلنا وتغزو عقول أبنائنا، وهذه ليست بالمهمة الهينة ولكنها ليست مستحيله.. علينا أن نعترف أولا بمشاكلنا وأن نعي خطورة ما أصبحنا عليه ونقرر ما ينبغي علينا فعله لاستبدال تلك الأفكار الفاسدة بأخرى تنفع أبناءنا ومجتمعاتنا.. وإلا لن نكون مجبورين أو مظلومين وإنما مشاركين في نفس المعركة ضد أنفسنا مشاركين في عملية الهدم للفطرة الإنسانية سنكون حقا الجمهور المستهدف وهذا ما يناسب ذوقنا!