18.88°القدس
18.57°رام الله
17.75°الخليل
24.32°غزة
18.88° القدس
رام الله18.57°
الخليل17.75°
غزة24.32°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

حتى لا يدعس قطار الزمن أحلامنا!

533
533
وجدان شتيوي

في لحظات ما نندفع نحو أحلامنا بكل شغفنا وطاقتنا، نضع خططاً وتبدو الأمور على ما يرام، لكن شيئاً بل أشياء تعرقل سير خططنا دوماً، وتعيد حماسنا أدراجه، وتأسر طموحاتنا، وتشد الخناق عليها، كطالبٍ في نهاية عامه الدراسي يحصل على علاماتٍ أدنى من المطلوب فيعزم على التفوق فما إن يأتي العام التالي حتى تخف حدَّةَ نيَّته وغايته، ويعود لسابق عهده، ويهزل طموحه، أو يقتصدَ به. فلماذا نخططُ كثيراً ولا نلتزم؟ لماذا نحس حيناً أن طاقتنا تهبط فجأةً من قيمتها القصوى إلى نقطةٍ حرجة يكنفُها الإحباط وتخدُّرِ السَّعي؟ لماذا نمتلك مهاراتٍ ولا نتمكَّنُ من توظيفها؟ لماذا ينجحُ بعضنا في حين يخفقُ الآخرون مع توفُّر جميعِ الإمكانيات لهم؟ تفكَّرتُ كثيراً وتأمَّلتُ حولي لأحاولَ أن أستخلص أكثر ما يعيقنا، ويعيدُنا خطواتٍ إلى الوراء كلما تقدَّمنا خطوة فوجدت هذه الأسباب هي الأهم.

أولاً: الأصدقاء والبيئة المحيطة، فكم مرة كنا بأوج طاقتنا وحماسنا فانقلب مائة وثمانين درجة لما جالسنا صديقاً يائساً بائساً كثير الشكوى والتذمر، يضعُ في كلِّ حلٍّ عقدة، وفي كلِّ فرصةٍ ثغرة، وفي كلِّ منحةٍ محنة، وفي كلِّ يسرٍ عُسر، ونعلمُ أن الفشلَ والإحباط والتفكير السلبي معدٍ أكثر من الأمراض الجسدية.

ثانياً: الندم على اختيارات أو أفعال في الماضي، فالندم هو أكثر ما يعيدُ خطواتنا إلى الوراء، ويقتلُ بها الشغف، إنه القاتل الصامت الذي يبقينا عالقين بين قمقم الماضي والحاضر، فلا الماضي يعود ولا الحاضرُ يتقدَّم ولا المستقبل يتحضَّر. إنه أهم مشتتات التفكير نحو الهدف، الممتصة لطاقته.

ثالثاً: سوء إدارة الوقت، وتركه ينهش من أعمارنا دون جدوى، وعدم الالتزام بالخطط التي نضعها؛ لتركها فضفاضة غير ملزمة بوقت محدد، يأتي اليوم تلو اليوم ولا نكلف أنفسنا بوضع خطة موقتة نسير عليها، ونستمر بالتسويف فتبقى أحلامنا على الهامش تصارع الموت، وتعانقه كلَّ لحظة.

رابعاً: انعدام المحفزات في ظلِّ صعاب الحياة، وانصهار الروح في بوتقة الفراغ، وعدم القدرة على الإنجاز واستغلال ذاك الفراغ، فيكون وقت الشخص فارغاً ممتلئاً بحياة غيره، يضيع وقته في مجاملات الناس، ومشاركتهم كل مناسباتهم على حساب وقته وظروفه ومصالحه، وأقصد هنا من يسخر وقته دائماً للناس ولا يرفض لهم طلباًمهما كان مشغولاً، فينصرف عن تطوير ذاته، وتنميتها، والترويح عنها كلما احتاجت، والتفكر بها ومراجعة نهجها وتقويمه.

خامساً: ربط النجاح بالأشخاص أو الماديات، أو الحظ وانتظار أن يطرقَ بابك وأنت لم تزره يوماً، ولم تلح في طلبه، ولم تحسن وصاله، ولم تصن صداقته. فما علينا فعله لكي لا يدعسَ أحلامنا قطارُ الزمن أن نستحضرها من قشرة الإهمال والكسل، ونخرجها لحيز التنفيذ، لا ضير أن نكتب أحلامنا على ورقة ونرتبها حسب الأولوية، وفق الإمكانيات المتاحة، مع بذل أكبر طاقة ممكنة. علينا تخصيص وقت للبحث عن كل ما يتعلق بأحلامنا من قريب أو بعيد، و نبحث عن من يمتلك خبرة في مجالها إذ يمكن أن يريحنا من قطع أشواطٍ من السعي، ويقلل مسافة وصولها لبر التحقق، بدلاً من قصِّ الأحلام على أي عابر سبيل في دربنا، لن يُهدينا إلا تقليلاً من شأنها، أو استخفافاً بها، أو يبصرها بعين المستحيل، فيمدنا بشحنة سلبية فائقة الخطورة لأن عدوى الكسل والإحباط أسرع انتقالاً من الأمراض الجسدية.

كما علينا مجالسةُ الطموحين المتمسكين بشغفهم ما استطاعوا إليه سبيلاً، الذين يرون الضوء وسط عمق العتمة، ويصطادون الحظ في أي فرصة، ويلونون سماء تحدياتهم بأطياف الإرادة والصبر فطاقة النجاح معدية. ومن المهم شحن طاقتنا وأرواحنا من جديد كلما تخدرت بأمر محفز للنفس محبب لها كالصلاة، والدعاء، أو الرياضة أو مجالسة الأصدقاء، أو تنمية المواهب والهوايات. وإليكم وصفتي هذه التي جالت في خاطري يوماً.

إذا شعرت يوماً أن سنيناً من عمرك قد ضاعت سدى، فاجمع تلك السنين بذكرياتها وآلامها وأوجاعها وألقها في الردى، وارجع لنفسك كيف كانت قبلها، والحياة تعجُّ بروحك.. وأحلامك ترفرف حولها، فاستجمع قواك واقتل ضعفها، ونفسك فلا تظلمها مجدداً واعتذر لها وقل لما مضى كفى لن أبقى أسير الحزن والأسى، وسأبدأ حياتي حراً من كل ما مضى، وأنسج من جديد كل حلم اختفى بخيوط إصرار وعزم وثبات خطى وأنثر بذور الأمل في كل درب علي قد قسى، تقدم ولا تعد يوماً للورى واجتث أوجاعك من جذورها.. كن لنفسك كل شيئ وأخبرها أنك قوي جداً بها واستعن بالله واذكره كل صبح ومسا، تصنع من أخطائك جسراً ومن عثراتك نحو العلا سُلَّما لا يوهنه شيئ أو يهزه طالما كنت دوماً على يَقينٍ أنَّ كلَّ مُستَحيلٍ كانَ سيصبح ممكنا، وأن أحلامك ستتحقق إن اعتنيت بها حقاً وسعيت بكل وسعك لأجلها ستُزهرُ حتماً وتفوحُ مِسكاً وعنبرا.