11.68°القدس
11.44°رام الله
10.53°الخليل
17.09°غزة
11.68° القدس
رام الله11.44°
الخليل10.53°
غزة17.09°
الأربعاء 04 ديسمبر 2024
4.59جنيه إسترليني
5.11دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.62دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.59
دينار أردني5.11
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.62

اكسروا نمطيتكم.. فأنتم أسياد قراركم!

533 (1)
533 (1)
إسماعيل الثوابتة

يُحكى أن نسراً كان يعيش في إحدى الجبال ويضع عشه على قمة إحدى الأشجار العالية، وكان عُشّ النسر يضم أربع بيضات، ثم حدث أن هزّ زلزال عنيف الأرض فسقطت بيضة من عش النسر وتدحرجت إلى أن استقرت في قن للدجاج، وظنت الدجاجات بأن عليها أن تحمي وتعتني ببيضة النسر هذه. تطوعت دجاجة كبيرة في السن للعناية بالبيضة حتى تفقس، وفي أحد الأيام فقست بيضة النسر إياها، وخرج منها نسر صغير جميل، ولكن هذا النسر بدأ يتربى ويترعرع على أنه دجاجة، وأصبح يفهم أنه ليس إلا دجاجة ودجاجة فقط.

وفي يوم ما كان يلعب النسر الصغير في ساحة قن الدجاج، فشاهد مجموعة من النسور تحلق عالياً في السماء، فتمنى هذا النسر لو يستطيع التحليق عالياً مثل تلك النسور، لكنه قوبل بضحكات الاستهزاء من الدجاج قائلات له: ما أنت سوى دجاجة ولن تستطيع التحليق عالياً مثل تلك النسور! بعدها توقف النسر عن حلم التحليق في الأعالي، وآلمه اليأس ولم يلبث أن مات مقهوراً بعد أن عاش حياة طويلة ذليلاً كأنه دجاجة! هذه القصة القصيرة للأسف الشديد تنطبق على حال كثير من الناس حولنا، هؤلاء المساكين الذين يمتلكون مقومات النجاح والإبداع؛ غير أنهم سرعان ما يتأثرون بالبيئة السلبية القاتلة التي تحيط بهم، فيُقتل عندهم الإبداع والتميز، ويقضون حياتهم كالدجاج.

قبل وصولنا إلى عصر التكنولوجيا الرقمية وقبل هذا الانفتاح الرهيب الذي جعل العالم قرية صغيرة؛ كان الاحتكاك المباشر فيما بين الناس يصبغ الشخصية بعادات وتقاليد وأعراف يجعل منها شخصية نمطية تسير على نسق وقالب من سبقوها، ولكن مع الانفتاح التكنولوجي وانتشار وسائل الاتصال الحديثة بات كثير من الناس يُكسّرون تلك الحدود النمطية، ويرسمون نجاح طريقهم كحياة الناجحين الذين يتصفحون سيرهم، فأصبحت تلك الوسائل تلعب دورا مهما في تنمية القدرات نحو الإبداع والميز والانسلاخ عن الشخصيات المُقلوبة.

يبدو أن شغف بعض الناس نحو قتل الإبداع عند الآخرين يفوق بسنوات ضوئية شغف البحث عن نجاحهم أنفسهم في حياتهم العملية، وبالتالي علينا أن ندرك بأننا إذا ركنّا إلى واقعنا السلبي فإننا سنصبح أسرى له تماما، أما إذا كنا نعلم في ذوات أنفسنا أن لنا أحلاما جميلة فإنه لا ينبغي علينا إلا أن نمضي قدما في تحقيقها والتي بطبيعة الحال ستنقلنا من واقع إلى واقع أكثر جمالا وراحة وسعادة.

وعلى الرغم من وجود صنف من الناس يعيشون حولك كالطفيليات ذات الجلد المُرقّع يأكلون ويشربون على خطأ قد يسقط منك في موقف هنا أو هناك، وعلى الرغم من تنغيصهم عليك أحياناً، واستماتتهم أحياناً أخرى للوصول إلى اللحظة التي تسقط فيها بلا رجعة؛ إلا أنك أنت سيد نفسك وينبغي عليك ألا تجعل لهم عليك سبيلا، ينبغي أن تكون لهم دائما بالمرصاد، ليس كرهاً فيهم أو ترفاً تجاههم، وإنما من أجل مساعدتهم في تجاوز مرضهم النفسي إياه ذا الذي يقضم جمال حياتهم وروعة عقولهم المنوّمة، ولعل كلماتك تجاههم ومواقفك منهم تجعل منها سلوكا نحو استقامتهم في هذه الحياة القصيرة.

هل تعلموا أنني عندما أرى مثل الأصناف السلبية تلك؛ يصيبني الحزن العميق على حالهم الذي يُرثى له؟ هل تعلموا أنني أدعو لهم من أعماق أعماق قلبي بأن يُبرؤهم الله عز وجل من هذه المصيبة المركّبة التي جعلتهم منشغلين بإقصاء غيرهم، بينما لا ينتبهون إلى جمال حياتهم النائم والذين يسكن بين ضلوعهم وأيديهم؟ يجب ألا نسمح لأنفسنا ولا لمن يدور حولنا بأن يعكس سلبيته المقيتة على حياتنا وجمالها، فلا تسمحوا لأولئك الذين يحاولون أن يثبّتوا فيكم روح الهزيمة واليأس والإحباط بل ويسعون إلى قتل طموحكم، لأنكم ببساطة أنتم أسياد قراركم، وأنتم من يرسم طريق النجاح لأنفسكم وأنتم من يطلق العنان لإبداعاتكم وليس غيركم. ستبدو الحياة جميلة إذا أطلقتم لها عنانكم، وستبدو مقيتة إذا خنعتم لسلبية غيركم.