في البداية دعونا نسأل من هو المؤثر؟ هل يطلق على من يملك متابعين بأعداد كبيرة؟ أو من يعرض تفاصيل حياته على هذه المنصات؟ وما المحتوى الذي يعرضه المؤثر؟ وما هي مميزات المؤثرون؟ وما علاقة المؤثرين بالتسويق والعلامات التجارية؟ ربما ثمة أسئلة أخرى ستدور في ذهنك عن المؤثرين. إن ظاهرة المؤثرين موجودة منذ بداية الإنسانية، إذ كان الإنسان ينظر إلى شخصيات بارزة في المجتمع كشيخ القبيلة أو كبير العائلة أو الأمراء أو الملوك وغيرهم، بأنهم الشخصيات التي يتأثر بها، لما لهم من دور كبير في متابعة شؤون الناس، والفصل فيما بينهم من خلافات، والوقوف على مصالحهم، وصولا إلى المطربين والممثلين الذين تأثر الناس بهم من خلال وسائل الاتصال التقليدية.
وشهدت الطريقة التي يحصل بها الناس على معلوماتهم ومنتجاتهم تغيرا هائلا مع ظهور الإنترنت، وبروز وسائل التواصل الاجتماعي كأحد أبرز وسائل الاتصال الحديثة، حيث ظهر مصطلح جديد وهو المؤثرون، ويطلق على من يملكون عدداً من المتابعين على هذه الوسائل بصرف النظر عن السبب الذي تابعوه من أجله.
وساهمت هذه الشبكات في سرعة انتشار وإبراز المؤثرين، حيث مكنتهم من المشاركة المتواصلة والسريعة مع الجمهور، وتفاعله مع ما ينشرونه ويعرضونه من صور أو معلومات أو فيديوهات من خلال حساباتهم على هذه المنصات، فمكنت المؤثرين من طرح الأحداث التي تهم المجتمع مجاناً. يمكن القول إن المؤثر هو شخص مميز في طرحه للمحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي، باستخدام أسلوب قريب من جمهوره ومتفاعل معه، وبمشاركتهم المواضيع التي يحتاجونها ومناسباتهم المختلفة، فالمؤثر متجدد في طرح المواضيع التي تهم المجتمع، مما يساهم في زيادة متابعيه.
وهناك من ينظر إلى المؤثرين بأنهم من يملكون أعدادا مهولة من المتابعين، ولكن ما قيمة هذه الأعداد إن لم يكن تفاعل مباشر بين المؤثر والجمهور، غير أن هناك العديد ممن يطلق عليهم مؤثرين لا يقدمون محتوى هادف مقتصرين على عرض تفاصيل حياتهم اليومية. فالمؤثر من يكون له قدرة على التأثير في وجهات نظر وسلوكيات واختيارات الآخرين بشكل مباشر والحفاظ على ذلك في نمط الحياة، وقيمة المؤثر تأتي من تفاعل متابعيه، وبدون تفاعل لا يضيف شيئا له ولما يقدمه من أفكار وتأثير حقيقي. ويتطلب من المؤثرين تطوير مهاراتهم وقدراتهم لتحقيق التأثير على متابعيهم، وتقديم أنفسهم كما هم في الطبيعة، والاقتراب منهم ووجود ثقة في الموضوعات التي يتم طرحها، من خلال التفاعل المباشر بينهم.
وما يميز العاملون في هذا المجال إعداد المحتوى الذي يرغبون به، وفي الموضوع الذي لديهم اهتمام كبير به، إلا هناك منافسة كبيرة بين المؤثرين ما يدفعهم إلى التفكير خارج الصندوق في جذب جمهورهم، والموازنة في المواضيع التي يحبها المؤثر والمواضيع التي تنال اهتمام الناس، مع المحافظة على النشر باستمرارية. لا بد وإن كنت من مستخدمي الإنترنت شادهت مؤثرا أو أكثر، يحاولون التأثير في سلوك الأفراد بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال عرضهم لمحتوى مميز ومثير لانتباه المتابعين، مما يساهم في زيادة أعدادهم.
نلاحظ من خلال متابعة العديد من المؤثرين، وجود تطور في طبيعة المحتوى الذي يعرضونه وصولا إلى ارتباطه بالعلامات التجارية أو الترويج لخدمات معينة، فينتقل من عرض موضوع أو قضية ما إلى تسويق المنتج من خلال تجربتهم له، مما يؤثر على ثقة المتابعين ويدفعهم إلى التجربة. وأصبحت العلامات التجارية تلجأ بشكل منتظم إلى منهجية التسويق عبر المؤثرين من أجل ترويج منتجاتها وخدماتها، لما لهم من دور في جذب انتباه الجمهور لما ينشرونه، ولقردتهم على إيصال الرسالة إلى جمهور واسع وعريض، بدوره وفر فرص عمل للعديد من الأفراد وأصبحت مكسب للأموال.
وفق الحالة الفلسطينية، يوجد عدد وفير ممن يطلق عليهم مؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن أبرزهم عرين ريناوي ومحمود زعيتر ومعتصم عليوي، فالأخير هو رحالة يقوم باستكشاف مدن وريف فلسطين عن طريق التجوال والترحال، لتعريف متابعيه بهذه المناطق، وحصل على لقب أو مؤثر فلسطيني يتسلق قمة إيفريست برعاية الوطنية موبايل. وأما عرين ريناوي ومحمود زعيتر فتعتمد عليهم وعلى غيرهم العديد من الشركات في الترويج لخدماتها، ويقوم المؤثرون على شبكات التواصل الاجتماعي، بمشاركة محتويات الشركة أو التحدث عنها، أو إنتاج برامج خاصة لها عبر صفحاتهم، وبالتالي تتيح لتلك العلامات الوصول إلى جميع عملائها المحتملين بأقل جهد ممكن.