جددت سياسة موقع تويتر الأخيرة بحذف الوسوم الأعلى تداولاً والمعارضة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واستبدالها بوسوم أقل تداولاً بكثير مؤيدة له، ومعارضة للمظاهرات العارمة التي شهدتها البلاد والمطالبة بإسقاطه وتنحيه. جددت السؤال عن الدور الذي تلعبه وسائط التواصل الاجتماعي، في دعم الاستبداد والحكومات، ترافق ذلك مع مطالبة كثيرين في الفترة الأخيرة بنقل مقر تويتر من دبي إلى غيرها من المدن، بعد أن تحدث الكثيرون عن تأثير الإمارات وسياستها عليه وعلى غيره من مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك دعماً لسياستها الخارجية في مناهضة الربيع العربي وثوراته..
لعبت مواقع التواصل الاجتماعي دوراً لا ينسى في بداية الربيع العربي بإسقاط الاستبداد وإطلاق العفريت من قمقمه، ولكن للأسف تقوم هذه المواقع اليوم بالحجر والمضايقة على كثير من الأحرار، إن كان بحذف التغريدات وعدم وصولها إلى مشاهدين كثر مما يُشعر المتابع لحسابات معينة أنه قد توقف عن التغريد فيلغي متابعته له، وقد شكى الكثير من المشاهير المؤيدين للربيع العربي من سياسات معادية لهم ولمواقفهم تقوم بها مواقع التواصل الاجتماعي على تعدد أشكالها ومنصاتها..
الأعجب من هذا اللعب بلوغاريتمات معينة من أجل التأثير على حسابات معينة، وقد حصل معي شخصياً ومع غيري ممن أعرفهم كثير من المواقف إذ إنه لأسباب تافهة يتم حظري وحظر غيري لشهر أو أكثر، والأعجب من ذلك كله أن هذه المواقع تحجبك وتحظرك لمنشور قمت بنشره قبل سنوات، وكأنها الآن تذكرت الأمر، ومنها حظري هذه الأيام لمنشور قمت بنشره في مايو من عام 2016، بينما حسابات الاستبداد والإجرام والتشبيح قائمة ومستمرة دون أي عائق أو حظر..
حذف مقاطع الثورة السورية على حساب اليوتيوب من قبل، والذي شكل أرشيف الثورة بحق، صدمة لكل متابعي الثورة السورية، وشكل حالة رعب حقيقية لدى الحقوقيين الذين عوّلوا منذ البداية على توثيق الجرائم التي ارتكبتها قوى الاحتلال وأذياله في الشام بحق الشعب السوري، بالإضافة إلى ما تعانيه وتشتكي منه صفحة الثورة السورية وغيرها من الصفحات الثورية الأخرى يؤكد ذلك كله أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تعد قاطرة تغيير كما كانت من قبل أيام الثورات، وإنما غدت قاطرة بقاء للاستبداد وشتائه بعد أن كانت إلى جانب ربيع الشعوب وثوراته وطموحاته للكرامة والحرية، والأعجب من ذلك أن تحظر صفحة الأمم المتحدة على التويتر متابعة موقع الثورة السورية على التويتر لها بعد أن انتقدتها لإعادة تغريدة للنظام السوري، وتصاحب ذلك عن فضائح المنظمة الإغاثية في مناطق العصابة الطائفية وتمويلها لها بشكل مباشر وغير مباشر كما تحدثت تحقيقات لمجلات وصحف عالمية شهيرة..
لا أدري إن كانت مواقع التواصل الاجتماعي فكرت للحظة عن تراجع تأثيرها عما كانت عليه في السابق، فكل من يتابع هذه المواقع يرى تراجعاً في تأثيرها ونفوذها لدى العامة، وكذلك تراجعاً في التفاعل حتى مع صحفات المشاهير لسبب بسيط وهو أن الجمهور بات يعتقد أن هذه المواقع مسيسة وغدت جزءاً من النظام الإعلامي العالمي المسيس ولم تعد كما كانت عليه، فمصداقيتها في تراجع، ومحاصرتها للربيع العربي وأهله غدت لا تخطئها العين، وفضلاً عن ذلك فضائح التجسس التي تقوم بها على متابعيها ومستخدميها أضرت بها كثيراً، ودفعت واشنطن لتغريم الفيس بوك بخمسة مليارات دولار والحبل على الجرار..