اعتبرت أستاذة الاقتصاد السياسي في جامعة كامبردج، هيلين تومسون، في صحيفة الغارديان البريطانية، أن تحرك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حين قرر إغراق السوق بالنفط “كان سوء تقدير مذهلا”، لأن الطلب على النفط يتراجع بشكل كبير جدا. وقالت إن ما فعله ولي العهد السعودي تسبب في انهيار أسواق الأسهم والسندات بداية من 9 مارس/آذار الماضي.
وحذرت الكاتبة من أن انخفاض الطلب على النفط قد يسبب أزمة مالية.
وترى أن مصدر المشكلة سيكون في الولايات المتحدة، موضحة أنه يمكن لشركات النفط التي تثقل الديون كاهلها في الولايات المتحدة أن تتخلف عن السداد، ما يهدد بمزيد من عدم الاستقرار في الاقتصاد العالمي.
وتضيف تومسون: “عندما يرغب كثير من المنتجين في بيع كميات كبيرة من النفط، يخوضون سباقا مدمرا على كل المستويات. وعندما يصل هذا السعر إلى نقطة الأزمة، سيكون من مصلحة الدول المنتجة التعاون لتقييد العرض، وهو أمر من شأنه أن يرفع الأسعار”.
تحرك ولي العهد السعودي حين قرر إغراق السوق بالنفط “كان سوء تقدير مذهلا”
وقد يكون هذا السبب وراء توجه السعودية وروسيا إلى تشكيل تحالف عام 2016، الذي يعرف باسم “أوبك+”. لكن الكاتبة توضح أن ذلك التعاون بين البلدين سمح لشركات النفط في أمريكا بالتخلي عن الأسعار الأعلى.
وتعتبر الكاتبة أنه مع تفشي وباء فيروس كورونا (كوفيد-19)، واتجاه الاقتصاد العالمي نحو التوقف، “تفكك تحالف أوبك+”. وتقول: “يبدو أنه عندما رفض بوتين خفض الإنتاج لتثبيت الأسعار، قرر محمد بن سلمان إغراق السوق، وذلك بهدف الحصول على حصة أكبر في السوق”، وهو الأمر الذي وصفته بأنه “سوء تقدير مذهل”.
وكان محمد بن سلمان تعرض لانتقادات كثيرة واتهامات بسوء التقدير والفشل؛ إذ نشرت صحيفة “ناشونال بوست” الكندية مقالا لكيلي ماكبرلاند، بعنوان “فضح ولي العهد السعودي كأسوأ زعماء العالم”، جاء فيه أن محمد بن سلمان بنى ومنذ ظهوره قبل خمسة أعوام سجلا مذهلا من الأخطاء الفادحة والفشل والجرائم الصارخة.
وكانت الكارثة الأخيرة التي ارتكبها، بحسب ناشونال بوست، هي حرب أسعار النفط مع الرئيس فلاديمير بوتين التي لم تقم على تفكير أو مشاورة، وهي الحرب التي أدت لخفض أسعار النفط، في وقت تسبب فيه كورونا بتراجع الطلب العالمي على النفط.
وكانت نتيجة إغراق السعودية السوق العالمي بالنفط الرخيص هبوطَ سعر النفط الأمريكي ولأول مرة في التاريخ إلى تحت الصفر.
وكان على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي دافع عن محمد بن سلمان شن حملة إنقاذ لصناعة النفط والغاز الأمريكية، بعد أيام من إقناعه السعودية وروسيا بوقف الحرب المدمرة التي بدأت قبل شهر.
ويرى الكاتب أن السعودية تجاوزت أزمات نفط سابقة، ومن المحتمل نجاتها من الأزمة الحالية، ولكن الثمن سيكون باهظا.
أما المعلق في صحيفة “فايننشال تايمز” ديفيد غاردنر فقال إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان قامر برأسماله السياسي في واشنطن عندما قرر إغراق السوق العالمي بالنفط الخام وبأسعار مخفضة.
وأضاف أن الصفقة التي تم التوافق عليها بين تحالف أوبك+ لتخفيض إنتاج النفط بنسبة 10% ومحاولة بناء استقرار في السوق الذي تتراجع فيه أسعار النفط الخام بطريقة حرة، لها حظ من النجاح وحظوظ من الفشل.
وأكثر من هذا فحرب الأسعار التي بدأتها السعودية الشهر الماضي مع انتشار وباء فيروس كورونا الذي ضرب الاقتصاد العالمي أدت إلى تشويه سمعة المملكة كلاعب مسؤول في تجارة النفط العالمية، وطرحت أسئلة حول صلاحية محمد بن سلمان لحكمها. ففي بداية آذار/ مارس قرر ولي العهد العنيد والحاكم الفعلي تخفيض أسعار النفط وفتح صنابير النفط بهدف إغراق الأسواق العالمية ردا على رفض روسيا تقييد عمليات الإنتاج ودعم الأسعار.
وتوصلت موسكو إلى نتيجة وهي أن هذه السياسة أعطت حصة لصناعة النفط الصخري عالية الكلفة في أمريكا. ولم يؤد قرار الرياض المتهور إلى حالة إشباع في إمدادات النفط في وقت يتراجع فيه الطلب العالمي عليه، بل وأدت إلى انهيار في الأسواق المالية لم تشهده منذ الأزمة العالمية عام 2008 وهدد بانهيار النفوذ الأمريكي كأكبر منتج للنفط في العالم.