فرحة عارمة تملّكت الناجحين بالثانوية العامة هذا العام، ورغم علو موسيقى النجاح ظهرت أصوات خافتة تبعث رسائل إحباط للناجحين بألا تفرحوا كثيراً "فمصيركم في النهاية كآلاف الخريجين العاطلين عن العمل".
هذه الأصوات، وإن كانت في غير وقتها، إلا أنها تعبّر عن حالة وصل لها كثير من الخريجين في قطاع غزة تحديدًا، فنسبة البطالة تعدّت حاجز الـ 50%، واحتلت الصدارة فيها عدد من التخصصات أشارت لها المركز الفلسطيني للإحصاء على الترتيب: "الصحافة والاعلام، العلوم التربوية واعداد المعلمين، العلوم الاجتماعية والسلوكية، العلوم المعمارية والبناء".
فإذا ما أردنا مناقشة أسباب تفشي ظاهرة بطالة الخريجين، وجدنا الإجابة التي لا تحتاج إلى كثير من العناء: "الحصار والاحتلال وما خلقه ذلك من حالة تعطل".
صحيح أنّ الاحتلال هو السبب الرئيس في نكباتنا كلها، وأنّ الغمّة لن تزاح إلا بإزالته والتحرر منه، لكن هناك أسباب أخرى أيضا بأيدينا التخلص منها وحلّها، فشمّاعة الاحتلال لا تعفينا من ضرورة التفكير الجاد بالخلاص وأن نحكّ جلدنا بأظافرنا لأن لعن الظلام لن يشعل لنا النور.
وهنا، يتناسى الكثير منا أن الخريج نفسه قد يكون سبباً في وجوده بين صفوف العاطلين من خلال عدم اختياره التخصص المناسب واحتياج سوق العمل ابتداءً، ثم عدم عمله على تطوير قدراته في الجوانب المتعددة "حاسوب، لغات برمجيات"، خصوصاً أن بيئة الندرة التي نعيش بها ترفع الحاجة إلى الكفاءة حيث شراسة المنافسة، وهنا يكون لا مكان للأقل كفاءة.
ومن واقع إطلاع، فإنّني أنصح اخواني واخواتي خريجي الثانوية العامة أن يبدؤا من اللحظة في التفكير في عملهم الحر والخاص، واختيار التخصص المناسب بناءً على احتياجات عمله ومشروعه الحر ابتداءً، مع الأخذ بعين الاعتبار احتياج السوق، والعمل على تطوير المهارات المتعددة واكتشاف الذات باكرا.
ونقول ختاماً، ارسم مستقبلك من الآن حتى لا تقع في الفخ، واعلم أن الوظيفة غدًا تنتظر القرار السليم اليوم، وألف مبارك للناجحين.