كثيرون هم الآباء الذين يبالغون في مراقبة أولادهم والاعتناء الزائد بهم..غير مدركين كم الخطأ الذي يرتكبونه والآثار السلبية لتلك المعاملة على أبنائهم اليوم وغدا ومستقبلا ..فقد تؤدي إلى ضائقة نفسية لدى الأطفال ونرجسية وضعف التكيف مع الآخرين عندما يشبون ..ومجموعة أخرى من المشاكل السلوكية..تتضح حين تتراوح أعمارهم بين 18 و 25 عامًا .عن خطورة تلك المعاملة وخطأ أسلوب التربية تحدثنا الأستاذة فؤاده هدية طبيبة نفس الأطفال بجامعة عين شمس
1-هناك طريقتان في التربية
الاهتمام بالطفل مع إعطائه مساحة من الحرية
الأولى: تكمن في الاهتمام بالأطفال ورعايتهم صحيا وبدنيا ونفسيا وعلميا.. مع إعطائهم مساحة كافية للاعتماد على أنفسهم وتلبية متطلباتهم..من دون التقرب منهم أو الالتصاق بهم وبتفاصيلهم الصغيرة والكبيرة
والطريقة الثانية : تتركز في المراقبة الكاملة لهم ..أشبه بمن يحلق بطائرة كاشفة لكل تفاصيل ما يفعله ويقوله أبنائه .. مروحية تطير يستقلها الآباء حول وفوق أبنائهم دون ترك لهم مساحة كافية للاعتماد على أنفسهم
ليبق السؤال :هل يمكن للإفراط في القلق والمراقبة والاهتمام أن تصيب بعض الأبناء بنتائج عكسية؟!
2-لماذا يبالغ الآباء في الاهتمام بأطفالهم؟
الحماية الزائدة بسبب جعل الأبناء مثاليين
أسباب عديدة للحماية الزائدة و منها
تقليد الآباء لسلوك والديهم الذين قدموا لهم الحماية الزائدة خلال تربيتهم
رغبة الوالدين في التعويض عن الإهمال ونقص العناية التي تعرضوا لها في الطفولة من قبل أحد الوالدين أو كليهما
وجود اضطرابات نفسية عند الآباء مثل اضطراب القلق، و انعكاس ذلك على خوفهم المبالغ فيه على أطفالهم
ميل الآباء لجعل أطفالهم كماليين بدون أخطاء، أو رغبة منهم في الظهور أمام الآخرين كآباء مثاليين، لا ينقص أبناؤهم شيئاً
الخوف من فقدان الطفل بعد تعرضه لحادثة أو موقف معين مثل إصابته بمرض أو تعرضه لحادث شكل خطراً على حياته
وجود طفل وحيد أو أن يكون لدى الآباء صعوبة في الإنجاب، مما يجعلهم راغبين في وضع طفلهم في فقاعة بعيداً عن مخاطر وصعوبات الحياة
محاولة الآباء تعويض أبنائهم عن طول ساعات العمل التي يقضونها خارج المنزل
3-مظاهر غلو الآباء في رعاية لأطفالهم
قد يقوم الوالدان أو أحدهما بتأدية واجبات أطفالهم وما عليهم من مسؤوليات نيابة عنهم
أو قد يغالون بحمايتهم والخوف عليهم، فيخافون عليهم من أبسط الأمور ويضعون لهم نظامًا في المأكل والملبس والدراسة والخروج، كل ذلك لحمايتهم
وقد يرغمونهم على ارتداء الكثير من الملابس لوقايتهم من الأمراض، أو تناول أنواع معينة من الطعام، ويمنعونهم من اللعب كي لا يقعوا
بل وقد يكتبون عنهم واجباتهم المدرسية حتى لا يرهقوا عقلهم بالتفكير أو يتعبوا
4-صور المبالغة في الإهتمام
الاهتمام المبالغ فيه معناه الاستجابة لكل طلبات الطفل، والتغاضي عما يرتكبه من أخطاء تستوجب العقاب
هذا الأسلوب في التربية يؤثر تأثيرًا سلبيًا على شخصية الطفل، فينشأ غير قادر على تحمل المسؤولية، وغير قادر على التخطيط لحياته المستقبلية
الطفل هنا اعتاد على وجود من يقوم بذلك عنه.. ولأنه اعتاد على أن يأخذ دون أن يعطي يصبح أنانيًا، ويفشل في تحقيق التوافق الاجتماعي، فيعتبر كل من لا يحقق له ما يطلب عدوًا يخبئ له الحقد والكراهية
الاتصال المفرط بالطفل
أي إطالة معاملته كطفل رضيع، فوجود الآباء بجانب طفلهم طوال الوقت وتلبية احتياجاته يجعله لا يستطيع الانفصال عنهم، وهذا بدوره يمنع نمو شخصية الطفل
هم بذلك يرسلون للطفل رسالة غير مباشرة بأنه غير قادر على العيش بدونهم وأنه لا يستطيع فعل شيء بمفرده
منع الطفل من السلوك الاستقلالي
الإفراط في إعطاء التوجيهات، والتدخل في شؤونه باستمرار، واتخاذ القرارات والقيام بالواجبات بدلًا عنه كل ذلك يمنع الطفل من تحقيق الاستقلال الذاتي
وأن يأخذا رأيه قبل فعل أي شيء يخصه بدلًا من التصرف نيابة عنه ودون علمه
5-آثار الحماية الزائدة على الطفل
التقليل من الثقة بالنفس، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات مهما كبرت أو صغرت بشكل مستقل
جعل الابن غير قادر على التفكير و حل المشكلات، مما يجعله في حاجة دائمة للاعتماد على شخص آخر لحل المشكلة
زيادة الغيرة والضغينة بين الأبناء: و ذلك عندما يقوم الوالدان بتقديم حماية زائدة لطفل معين دون إخوته
عدم امتثال الابن للتعليمات و ظهور اضطرابات سلوكية لديه (فمن أمن العقاب أساء الأدب)
خلق حالة من زيادة التوقعات لدى الابن، مما يقلل من قناعته بالفرص المتاحة له، فهو معتاد على تأمين كل رغباته بدون أي جهد مهما كانت الظروف،
و هذا قد يقوده إلى الإحباط وعدم التكيف في البيئات خارج المنزل
6-متى يلجأ الآباء للمبالغة؟
يبلغ الآباء في الرعاية إن كان الطفل وحيدا
الإنجاب بعد فترة زمنية طويلة من الزواج
إذا كان الصبي الوحيد بين بنات، أو العكس
الجهل بأساليب التربية الصحيحة
قد يكون الوالدان تلقوا في طفولتهم نفس الأسلوب في التربية
مرض الطفل بمرض مزمن