27.79°القدس
27.55°رام الله
26.64°الخليل
26.62°غزة
27.79° القدس
رام الله27.55°
الخليل26.64°
غزة26.62°
السبت 07 يونيو 2025
4.74جنيه إسترليني
4.93دينار أردني
0.07جنيه مصري
4يورو
3.49دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.74
دينار أردني4.93
جنيه مصري0.07
يورو4
دولار أمريكي3.49

خبر: بالصور..أبو غضيب.. معاق لم يسلم من الوقائي

كان يمشي في إحدى شوارع نابلس البعيدة عن مركزها، فجأة نزل شخص من سيارة، اقترب منه وبشكل سريع قام بضربه على وجهه وقدمه اليسرى التي يعاني من ضعف شديد فيها، ما تسبب بوقوعهِ على الأرض. نهض بصعوبة، وتناول هاتفهِ ليرد على متصل قال له: "هذا درس بسيط لك من الأجهزة الأمنية حتى تتعلم كيف تزور الأسير المحرر زهير لبادة في المشفى!!، والقادم أسوأ". ليس مشهداً من فيلم سينمائي، إنما هو واقع غريب يثير التساؤل والاستغراب من مغزى الأجهزة الأمنية في ملاحقة إنسان من ذوي الاحتياجات الخاصة لا حول له ولا قوة، بدءا من الإستدعاءات مروراً بالتحقيق ثم العنف والضرب وفي النهاية حرمانه من الوظيفة. محمود أبو غضيب (33 عاما) من ذوي الاحتياجات الخاصة يسكن في مدينة نابلس، يعاني من إعاقة إثر تشنجات في عضلات الجسم وضعف في التحكم بالحركة بشكل واضح، لم يأخذ من الحياة سوى الإعاقة، ومن الناس سوى القسوة، ما جعله يلجأ لعدة وسائل إعلام لطرح مشكلته، وهذه الأخيرة ليست بالأفضل، إذ رفض الكثير من الإعلاميين طرح مشكلته الإنسانية تلاشياً لمشاكل سياسية. [color=red][b][title]استدعاءات مستمرة[/title][/b][/color] لم تقتصر معاناة محمود على الإعاقة وتَقُبل المجتمع لوجود إنسان بحركة صعبة ومشية مختلفة غاضاً البصر عن فكره المميز وذكاءه الذي لا مثيل له بين أبناء سنه، بل تطورت المعاناة إلى انتهاك حريته وحقوقه بشكل علني ودون أي حرج أو احترام لوضعه الصحي، البعض كانت انتهاكاته له واضحة كفصله من عمله في بلدية نابلس، والبعض الآخر أرسل بتهديداته من خلف الكواليس كجهاز الأمن الوقائي. يقول "في آذار 2012 تلقيت مكالمة هاتفية من الضابط في جهاز الأمن الوقائي (خ.ق) كانت بمثابة تحقيق هاتفي سأله خلالها عن علاقته بصحافية معروفة بانتقادها للسلطة، فأجابه أنها مجرد صديقة وأقوم بإخبارها عن بعض الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة لتكتب عنهم للصحافة، وبعد نقاش طويل قال له الضابط "دير بالك على حالك" بنوع من التهديد. يضيف: "في اليوم الثاني اتصل نفس الضابط واستدعاني للتحقيق في مقر الأمن الوقائي، وعندما سألته إن كان هناك استدعاء ورقي، أجاب بالنفي وقال بحزم: عليكَ الحضور، ولسنا بأغبياء كي نرسل لك استدعاء ورقي حتى تقوم بنشره وتضعنا في موقف محرج أمام وسائل الإعلام. [color=red][b][title]تهديدات وطلب العمل معهم[/title][/b][/color] استمر التحقيق لثلاث ساعات، ما أرهق محمود وأتعبه نظراً لحالته الصحية التي لا تتحمل هكذا جلسة، وكان محور الحديث عن علاقته بالصحافية، ومن ثم عرض عليه المحقق (أ.ع.ب) العمل معهم كمندوب ونقل أخبار الصحافية وجمع معلومات عنها. يقول "عندما رفضت بشدة طلبهم، وقلت لهم لن تستطيعوا تجنيدي للتجسس على أصدقائي كما فعلتم مع إخوة لي من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأعطيتهم اسم شاب كفيف يعمل كمندوب لصالحهم مقابل مبلغ مادي بسيط في الشهر، غضب المحقق مني وهددني بأنه سيسعى لفصلي من وظيفتي حيث كنت أعمل في البلدية بعقد سنوي، كما هددني بأنه سيضغط على وزارة الصحة لقطع العلاج الذي يقدمونه لي، وهو عبارة عن إبرة Potex للعضلات آخذها كل عدة شهور وثمنها خمسة آلاف شيكل". ويضيف: "أشعر بمراقبتهم الدائمة لي وخاصة عندما أكون برفقة الصحافية، حيث كنتُ أساعدها في إيجاد حالات من ذوي الاحتياجات الخاصة لتقاريرها الإنسانية التي تكتبها عنهم وتساعدهم من خلال كلماتها، ومرة ذهبت معها لبيع اللابتوب الخاص بها، وكنت أحمل جهازي الخاص، فحملته عني نظراً لثقلهِ وعدم قدرتي على حمله، وكان هناك شخصاً ما يراقبنا، وكنا قد لاحظنا ذلك وتابعنا سيرنا ساخرين من هذا الوضع الغريب، وفي نفس اليوم هاتفني شخص من الأمن الوقائي وطلب مني أن أحضر جهاز اللابتوب الخاص بي إلى مقرهم للإطلاع على ما بداخله، ولكني رفضت ذلك". ويتابع: "استمروا بإزعاجي ومهاتفتي بشكل يومي وتهديدي بأنه عليّ أن أحضر لهم المعلومات التي طلبوها عن صديقتي الصحافية، وإلا سيستمرون بملاحقتي وقطع العلاج عني، وفي كل مرة كان هناك شخص جديد يتحدث معي عبر الجوال من رقم خاص". ويؤكد محمود أن (ج.م) وهو ضابط في جهاز الأمن الوقائي جاء لغاية منزله برفقة جاره وطلب منه أن يريه اللابتوب الخاص به بشكل شخصي دون أن يأخذه للمقر، وأنهم سيكفون عن ملاحقته إن تعاون معهم". [color=red][b][title]الضرب وسيلتهم للانتقام[/title][/b][/color] "ماذا يريدون من شخص لا حول له ولا قوة؟ هل يعاقبوني نتيجة صداقتي وأخوتي مع صحافية عَرفتُ فيها معنى الإنسانية التي افتقدتها من مجتمعي؟". هذه الأسئلة وغيرها كانت تشغل بال محمود وملامح الحيرة ترافقه لا يدري لمن يتوجه خاصة بعدما اعتدوا عليه بالضرب. يقول: "أثناء سيري في شارع منتزه جمال عبد الناصر بنابلس، وهو شارع خال من الحركة، فوجئت بشخص ينزل من السيارة وبسرعة البرق توجه إليّ وضربني على وجهي وعلى قدمي اليسرى حيث أعاني من ضعف شديد فيها، ما أدى إلى وقوعي على الأرض، وبعد مدة بسيطة اتصل بي شخص عرف عن نفسه أنه من الأمن الوقائي وقال: "هذا درس بسيط لك حتى تتعلم كيف تصبح إنسانا وتزور أسرى حماس"، وكان يقصد عن زيارتي للشهيد زهير لبادة أثناء وجوده في المستشفى الوطني. لاحقا، علم محمود من المرشدة النفسية التي يتعامل معها في جلسات إرشادية أن الأمن الوقائي قام بالاتصال بها للسؤال عنه ومعرفة القدرات النفسية والعقلية ومدى الاتزان النفسي لديه، وبحكم مهنتها رفضت المرشدة الإدلاء بأي معلومات عنه. [color=red][b][title]رد الوقائي[/title][/b][/color] توجه محمود بشكوى إلى الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان خلال فترة تهديده وضربه، عله يجد من ينصفه ويقف بجانبه، وبدورها قامت الهيئة بإرسال كتابين إلى اللواء زياد هب الريح مدير جهاز الأمن الوقائي الأول بتاريخ 1462012 والثاني بتاريخ 2382012 وتلقت ردا على الشكوى بتاريخ 992012 جاء فيه ما يلي: "أنه لم يتم الاتصال مع المذكور من الجهاز ولم يتم تهديده أو المساس بأي من حرياته وحقوقه على الإطلاق، ولم يتم الاعتداء عليه في أحدى شوارع نابلس ولا علاقة للجهاز بهذه الحادثة مُطلقا، وسيقوم الجهاز باتخاذ كل ما يلزم من إجراءات في حال تبين أن هناك من يدعي بصفة الجهاز في مثل هذه التصرفات الخارجة عن القانون". وتعقيبا على الرد قال محمود: "بتُ على قناعة تامة بأن العدل فقط من رب العالمين، ولو رغب الجهاز بالإعتراف أنه وراء كل ما حصل لي لكان أرسل لي استدعاء مكتوب بدلا من استدعائي عبر الهاتف ومن أرقام خاصة، ولكن القضية الآن أمام المواطن الفلسطيني، يُصدق ويُكذب من يشاء، وستستمر الانتهاكات بحقي ما لم يكن هناك نخوة في ضمير أحد المسؤولين وعلى رأسهم رئيس بلدية نابلس، فهو الوحيد القادر على إعادة بعض حقوقي المسلوبة". [color=red][b][title]طَرد من العمل[/title][/b][/color] من مجمل الانتهاكات بحق ذوي الإعاقة كانت قصة طرد محمود من عمله في بلدية نابلس قبل انتهاء مدة العقد بينه وبين البلدية، وهو أمر غير قانوني حسب ما أفاد به أحد المحامين، والمتتبع للأحداث التي حصلت مع محمود يجد أن الأجهزة الأمنية نفذت تهديدها وكان لها يد في طرده من وظيفته كما تفعل مع الكثيرين، وانتهاك أبسط حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة، ولكن أين البلدية من هذا الانتهاك الذي يعاني منه ذوي الإعاقة؟ هكذا يتساءل محمود. يقول: "أكبر انتهاك حصل بحقي هو طردي من عملي قبل انتهاء مدة العقد ومعاملتي كإنسان غير مرغوب به، هذا إن ارتقيت لمستوى إنسان بنظرهم خاصة وأنهم لم يكلفوا نفسهم بمنحي مُسمى وظيفي حتى على بطاقة عملي في البلدية". ويتابع: "اتخذت البلدية قرار فصلي بأثر رجعي كما هو واضح في الأوراق التي بحوزتي، وأخذت تبرر السبب كثرة الإجازات المرضية والإعاقة، مع العلم أنهم جددوا لي عقد عملي معهم من 112012 لغاية 3112012 مع أن إجازاتي المرضية كانت خلال عملي في العقد الأول ومعي تقارير طبية تُثبت ذلك، فلماذا تم تمديد العقد ما دام هناك إجازات؟ وهل اكتشفوا إعاقتي فيما بعد؟ ما الذي تغير حتى اتخذوا هذا القرار وعلى أي أساس تم تعيني في البلدية ما دمتُ معاقا؟ أستغرب عن أي وضع صحي يتحدثون! وهم لا يفرقون بين المرض والإعاقة". ويشير محمود إلى أخطر الانتهاكات بحقه التي تتمثل في عدم منحه لمسمى وظيفي (كما هو واضح بالصور) قائلا: "خلال فترة عملي في مركز حمدي منكو التابع للبلدية، لم يقوموا بإعطائي أي مهام وظيفية، وكانت معاملة مدير المركز معي لا إنسانية، لدرجة أنه أراد يوما أن يضعني في غرفة داخلية كأي شيء مقرف وغير مرغوب به، بالإضافة إلى أن بطاقة عملي لا يوجد عليها أي مسمى وظيفي، وهذه أخطر الانتهاكات بحقي مع أنني قادر على العمل والإنجاز واستخدام الكومبيوتر والقيام بعدة مهام تخدم مجتمعي وتشعرني بإنسانيتي وثقتي بنفسي". [color=red][b][title]أين الإنسانية؟[/title][/b][/color] "إنهم يكسرون قلب ذوي الإعاقة وكأنهم لم يرتقوا لمرتبة البشر، ولو تم إعطائي مهام محددة ولم أقم بها على أتم وجه وقتها يحق لهم محاسبتي، وهنا أتساءل لماذا كانوا يغضون البصر عن غياب زملائي في العمل، وهل كان توظيفهم لي من دافع الشفقة؟ إذا كان الأمر كذلك فأنا لا أريد العمل". توجه للإعلام بعدما فقد الثقة بمصطلح "الإنسانية" الذي لا يقرأ عنه إلا بالكتب، ذلك الذي تبخر من مجتمع يعاقبه على إعاقته، ولا يتقبله وفوق هذا وذاك تلاحقه الأجهزة الأمنية، وتفصله البلدية من عمله وكأنه خطر على أمن الدولة. محمود صاحب الإرادة القوية قال لي يوماً ما "لن أختلط بهذا المجتمع أكثر، فأنا لم أرتقي لمستوى إنسان بنظرهم بعد"، عبارة بصقها في وجه ضميرنا النائم ومضى مواصلا تحديه وعناده الذي لا يستطيع العيش في معركة الحياة دونهما. [img=122012/re_1356113883.jpg]أبو غضيب لم يسلم من مضايقات وقائي الضفة[/img] [img=122012/re_1356113895.jpg]أبو غضيب لم يسلم من مضايقات وقائي الضفة[/img] [img=122012/re_1356113901.jpg]أبو غضيب لم يسلم من مضايقات وقائي الضفة[/img] [img=122012/re_1356113917.jpg]أبو غضيب لم يسلم من مضايقات وقائي الضفة[/img] بالصور..أبو غضيب.. معاق لم يسلم من الوقائي بالصور..أبو غضيب.. معاق لم يسلم من الوقائي بالصور..أبو غضيب.. معاق لم يسلم من الوقائي بالصور..أبو غضيب.. معاق لم يسلم من الوقائي