دعا مركز الميزان لحقوق الإنسان، اليوم الأحد، إلى ضرورة أن تقترن الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الفقر في قطاع غزة بضغوط جدية وحقيقية وفعالة على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء الحصار الذي طال أمده، وضمان احترامها لقواعد القانون الدولي.
جاء ذلك في بيان للمركز، بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على الفقر والذي يصادف 17 تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، والذي اعتمدته الأمم المتحدة لتسليط الضوء على معاناة الفقراء، واختارت إحياء هذه المناسبة في عام 2021 تحت شعار "البناء قدمًا إلى الأمام: إنهاء الفقر المتواصل، واحترام الناس وكوكبنا".
وقال المركز "بالرغم من الجهود الدولية المبذولة لمكافحة الفقر، والتحذير من عواقبه الوخيمة على حقوق الإنسان، تتفاقم مشكلة الفقر بين سكان قطاع غزة جراء استمرار الهجمات الحربية الإسرائيلية التي تستهدف السكان المدنيين وممتلكاتهم، واستمرار الحصار والقيود المشددة على حرية حركة وتنقل البضائع والأفراد، هذا بالإضافة للتحديات التي فرضتها جائحة كوفيد- 19 على اقتصاد القطاع المتهالك وساهمت في تعميق مشكلة الفقر ومعاناة الفقراء".
وتشير أعمال الرصد والتوثيق التي قام بها المركز، إلى استمرار تدهور مستويات المعيشة في قطاع غزة؛ جراء استمرار الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال للعام (14) على التوالي، كما تواصلت الهجمات الحربية، وشهد أعنفها شهر أيار/مايو 2021، حيث دمرت قوات الاحتلال عشرات آلاف المساكن والمنشآت الاقتصادية والأعيان المدني الأخرى الخاصة والعامة وألحقت ضررًا جسيما بالخدمات العامة والبنية التحتية كما أودت بحياة عشرات المدنيين من بينهم (93) هم أرباب أسر ويعيلون (500) فرد من بينهم (193) طفلًا.
وتدهورت الأوضاع الإنسانية المتردية أصلاً، بعد تعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف ومهاجمة الأبراج السكنية وتدمير (1504) وحدة سكنية بشكل كلي، و(6373) وحدة سكنية بشكل جزئي لتهجر آلاف السكان قسريًا وتحيل حياتهم إلى جحيم، كما دمرت قوات الاحتلال (851) منشأة عامة، (427) منشاة تجارية، و(51) منشأة صناعية، علاوة على تدمير (673) قطعة أرض زراعية، ينتفع منها حوالي (6696) فردًا في قطاع غزة، ما ساهم في فقدان مئات الموظفين والعمال وحتى أصحاب العمل لمصادر دخلهم ليصبحوا فقراء وفي حالة عوز.
وتركت جائحة كوفيد-19 آثارًا خطيرة على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، حيث تسببت في وفاة (1506) مواطن، وإصابة (179635) آخرين، وأسهمت الإغلاقات والتدابير الوقائية الأخرى في زيادة في أعداد العاطلين عن العمل وارتفاع معدلات الفقر وتراجع مستوى الأمن الغذائي، بحيث انضم آلاف الأشخاص الجدد إلى جيش الفقراء والعاطلين عن العمل. كما جاء في تقرير المركز.
وكشفت جائحة كورونا عن ثغرات كبيرة في قطاع الحماية الاجتماعية في قطاع غزة، حيث ظلت فئات كثيرة خارج مظلة الحماية مثل: العمال، والمسنين والنساء، الأمر الذي يتطلب تصميم نظام حماية فعال وشامل، مشيرًا إلى المعاناة الحقيقية التي يتكبدها الفقراء خاصة ممن يحصلون على المساعدات النقدية من برنامج التحويلات النقدية وذلك جراء تقليص وتأخير صرف المساعدات النقدية الدورية ويقدر عدد الأسر المستفيدة بنحو (79,629) أسرة في القطاع. بحسب التقرير.
وأسهم استمرار الحصار والهجمات الحربية في ارتفاع معدلات البطالة في صفوف القوى العاملة والتي سجلت (45%)، علاوة على ارتفاع معدلات الفقر، حيث توقعت المؤسسات الدولية أن ترتفع من (53%) – وهي النسبة التي أعلنها الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطينيين عام 2017- إلى (64%)، فيما ارتفعت معدلات انعدام الأمن الغذائي إلى ما نسبته (62.2%)، وجراء تدهور الأوضاع الاقتصادية بات حوالي (80%) من السكان يعتمدون في مقومات المعيشة الأساسية على المساعدات الدولية. وفق ما ورد في التقرير.
وقال إن "الإجراءات التقييدية التي تواجهها المؤسسات الأهلية، خاصة في حرية تكوين وتشكيل الجمعيات، والإجراءات المتعلقة بسلطة النقد الفلسطينية من جهة، وخفض التمويل الدولي للبرامج الإنسانية التي تنفذها هذه المؤسسات من جهة أخرى، حدَّت من قدرة هذه المؤسسات على الوصول إلى الشرائح المهمشة والضعيفة خاصة من المرضى والمسنين، وتقديم المساعدات والمساهمة في تحسين حياتهم وفي خلق فرص عمل".
وأسهم ارتفاع معدلات الفقر في المساس بجملة حقوق الإنسان بالنسبة للفقراء ولاسيما الحصول على المياه والرعاية الطبية المناسبة والسكن المناسب والوصول إلى المياه وغيرها من الخدمات الأساسية كالطاقة الكهربائية. كما ذكر المركز
وأكد مركز الميزان لحقوق الإنسان، على أن الفقر يفضي إلى المساس بجملة الحقوق الأساسية الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مشددًا على أن الاحتلال الإسرائيلي وسلوكه يقوّض الجهود التي من شأنها التخفيف من مشكلة الفقر في قطاع غزة.
وطالب المجتمع الدولي بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، ورفع القيود المفروضة على حرية حركة وتنقل البضائع والأفراد من وإلى قطاع غزة، وضمان استيراد المواد الخام ومستلزمات الإنتاج التي يعتبر تدفقها بحرّية من الشروط الضرورية لتنمية القطاعات الإنتاجية، وضمان تصدير المنتجات الصناعية والزراعية، ودوران عجلة الانتاج وتوفير فرص عمل.
كما طالب المجتمع الدولي بدفع عملية إعادة إعمار وتطوير البنية التحتية في قطاع غزة، ولاسيما إصلاح المرافق الاقتصادية والإنتاجية ومرافق البنية التحتية، وإعادة بناء المساكن وترميم وتطوير الطرق وشبكات تغذية المياه والكهرباء والصرف الصحي.
ودعا المجتمع الدولي إلى تعزيز دعمه للمؤسسات الإغاثية وخاصة (الأونروا) لتمكينها من الاستجابة للضغوط الإنسانية المتعاظمة في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وانتشار جائحة كورونا، وتقديم الدعم للمؤسسات الإغاثية العاملة في المجال الإنساني.
كما دعا إلى إعادة النظر في كافة الإجراءات المتعلقة بالمؤسسات الأهلية والقيود المفروضة على التحويلات المالية، واستئناف صرف المستحقات النقدية للأسر الفقيرة والحرص على صرفها بشكل دوري ومنتظم لضمان الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم، داعيًا الجهات الرسمية إلى اتخاذ التدابير كافة، بما فيها ووضع البرامج والموازنات الهادفة إلى مكافحة الفقر في قطاع غزة والأراضي الفلسطينية عمومًا.