بعد مرور 48 عاما على اندلاع حرب أكتوبر 1973، وما أسفرت عنه من هزيمة نكراء أمام الجيشين المصري والسوري، يبحث الإسرائيليون في هذه الأيام نتائج لجنة التحقيق التي شكلتها الحكومة الإسرائيلية في حينه، وعرفت في حينه باسم "لجنة أغرانات"، وما أصدرته حينها من توصيات باتت محل تطبيق لدى الجيش بمختلف مكوناته العسكرية.
وفي مثل هذا الأسبوع قبل 48 عامًا، وتحديدا في 21 نوفمبر 1973، تم إنشاء لجنة أغرانات؛ بسبب الضغط الشعبي المتزايد الذي شهدته دولة الاحتلال، حيث قررت الحكومة تشكيل لجنة تحقيق رسمية لدراسة الاستعدادات والمراحل الأولى لما باتت تعرف باسم "حرب الغفران"، وقد ترأس اللجنة شمعون أغرانات، رئيس المحكمة العليا، ورافقه القاضي موشيه لانداو، ومراقب الدولة يتسحاق نيفينزال، ورئيسا الأركان السابقين يغئال يادين وحاييم لاسكو.
غدعون ميتشنيك كتب في صحيفة "معاريف"، أن "اللجنة اقتصرت تحقيقاتها على الأيام التي سبقت الحرب، والأيام الثلاثة الأولى منها، وتحديدا بين أيام 6-8 تشرين الأول/ أكتوبر، حيث بدأت اللجنة عملها بسرعة قياسية، وفي 25 نوفمبر خلال أربعة أيام، وأدلى 90 شاهداً بشهاداتهم أمام اللجنة في أكثر من 150 جلسة، وتم جمع 188 شهادة أخرى من مختلف الموظفين، خاصة في الجيش، من قبل فريق كبير من ضباط الاحتياط".
وأضاف أنه "تم جمع مئات الوثائق للجنة، وفي الأول من نيسان عام 1974 قدمت اللجنة تقريرا مؤقتا، تضمّن توصيات شخصية لضباط شعبة المخابرات، وعلى رأسها إقالة رئيس شعبة المخابرات إيلي زعيرا، الذي أنهى ولايته في اليوم الذي نُشر فيه التقرير، وحل محله شلومو غازيت، الذي شغل منصب منسق العمليات الحكومية في المناطق الفلسطينية، وكان سابقًا رئيسًا لقسم الأبحاث، لكنه وضع يده على تصدع كبير في دائرة المخابرات".
كما قررت اللجنة أن رئيس أركان الجيش دافيد أليعازر كان مسؤولا عن الإخفاقات العملياتية والاستخبارية حتى اندلاع الحرب، ما أدى إلى عواقبها "الوخيمة"، من وجهة النظر الإسرائيلية، وبعد نشر التقرير، أعلن رئيس الأركان استقالته، وطرده من الخدمة الفعلية في الجيش الإسرائيلي، لكن اللجنة لم تجد أي خطأ في سلوك وزير الحرب آنذاك موشيه ديان، وأثنى على سلوك رئيسة الوزراء غولدا مائير.
وتم انتقاد اللجنة بشكل رئيسي في نقطتين، أولاهما قرار التحقيق الذي اقتصر حتى يوم 8 أكتوبر، وليس حتى نهاية الحرب يوم 24 أكتوبر، وثانيهما تركيز اللوم على رئيس الأركان، وتجاهل اللجنة لما حدث من مسؤولية على المستوى السياسي، وعلى وجه الخصوص وزير الحرب موشيه ديان.
بجانب عرض حالات الفشل، تم تقديم جملة من التوصيات، بما فيها تعيين مستشار استخباراتي لرئيس الوزراء، على ألا يكون بالضرورة عسكريا نظاميا، والسماح لرئيس الوزراء بقدرة تقييم مستقلة، وتشكيل مجلس الأمن القومي في وقت لاحق، وتعزيز قسم الأبحاث في وزارة الخارجية، وتنظيمه كإطار عمل مستقل يكون مسؤولاً عن البحث السياسي، فضلا عن تغييرات في هيكلية شعبة المخابرات، بحيث تكون معظم الأبحاث والتقييمات في الأمور العسكرية.
في الوقت ذاته، قررت اللجنة إنشاء وحدة داخلية لتقويم المواد التي يجمعها جهاز الموساد، وتشكيل لجنة وزارية صغيرة للأمور الأمنية، وهي توصية مطبقة حتى يومنا هذا مثل مجلس الوزراء السياسي الأمني، مع العلم أن رئيس الوزراء السابق، إسحاق رابين، عيّن في حينه رحبعام زئيفي مستشارًا للشؤون الاستخباراتية، تلاه يهوشافات هركابي، ولم يعد رؤساء الوزراء من بعده يعينون أي مستشارين في شؤون المخابرات.
وتركت نتائج حرب 1973 آثارها على المنظومة الأمنية والعسكرية لدى دولة الاحتلال، بسبب إخفاقها العملياتي والقتالي، وما أحدثته من هزة أرضية طوت صورة ما عرف عقب حرب 1967 بـ"الجيش الذي لا يقهر".