19.68°القدس
19.41°رام الله
18.3°الخليل
25.46°غزة
19.68° القدس
رام الله19.41°
الخليل18.3°
غزة25.46°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

خبر: مدونات .. لماذا فشل " نيو كوك"

المنافسة ما بين أشهر مشروبين غازيين في العالم: كوكا و بيبسي لهي أشهر من أفلام مطاردة القط توم للفأر جيري، على أن وضع شركة كوكا كولا في السوق في مطلع فترة الثمانينات من القرن الماضي كان ينذر بعواقب وخيمة، إذ جرت العادة قبلها على أن تتقدم مبيعات كوكا على بيبسي بنسبة خمسة إلى واحد، أو بصيغة أخرى: مقابل كل عبوة بيبسي مباعة، كانت كوكا تبيع خمسة، وكان ذلك الحال في الخمسينيات، إلا أن بيبسي أخذت تتبع سياسات تسويقية وإعلانية جديدة تمكنت من تقليل الفارق بينها وبين منافستها وجعلت حصة كوكا تتارجع من 60% إلى 24% في 1983، وبدأت الاحصائيات الرياضية تشير إلى أن بيبسي ستتقدم على قائد السوق – كوكا كولا. سبب الزيادة في حصة بيبسي من السوق عاد إلى تطبيق بيبسي لسياسة جديدة تقوم على التسويق والترويج لمنتجاتها على أنها العلامة التجارية الأمثل للشباب. كانت هذه الساسة خطيرة جدا، إذ كانت مخاطرة قد تنتهي بخسارة قطاع عريض من مستهلكي بيبسي، على أنها أعطت ثمارها فيما بعد وتبين أنها كانت الخيار الصحيح. ضمن منافستها الشرسة، أطلقت ’تحدي بيبسي‘ حيث وضعت الناس العاديين أمام اختبار بسيط: شرب مياه غازية بدون وضع أسماء عليها، ثم الطلب من هؤلاء الناس اختيار أفضل طعم ومذاق، وكانت أغلب الاختيارات من نصيب مشروبات بيبسي. كانت الحقيقة بسيطة ومؤلمة: مشروب بيبسي أفضل مذاقا وأكثر حلاوة، وكان الناس يفضلونه أكثر من مشروب كوكا. لم تقف بيبسي عند هذا الحد في المنافسة، إذ بدأت ولأول مرة (وقتها) تدخل في شراكات إعلانية مع مشاهير الفنانين مثل مايكل جاكسون وقتها ليكون الوجه الفني للمشروب الشبابي. مع مقدم مدير تنفيذي جديد لشركة كوكا كولا في عام 1980، كان الوضع الحالي لا يسر على الإطلاق: تراجع مستمر في مبيعات الشركة، نصيب المشروب الأول كوك يتراجع ويخسر لصالح منافسين ولصالح مشروب كوكا كولا الجديد: دايت كوك، وكانت الدراسات توضح أن سبب نجاح مشروب دايت هو أن طعمه قريب من طعم مشروب بيبسي، وكان أكثر حلاوة. قرر المدير الجديد أن الوضع خطير، يوجب على الجميع مراجعة كل الثوابت في الشركة، ومنها الطعم الأصلي الذي بسببه اشتهر مشروب كوكا كولا، ولذا أطلق مشروعا جديدا غرضه تحسين مركبات مشروب كوكا لتقديم مذاق أفضل. توصلت الشركة لطعم جديد، أكثر حلاوة من مشروب كوكا، وبدأ فريق التسويق في تنفيذ إجراءات أبحاث التسويق, والطلب من الناس أن يجربوا الطعم الجديد، ويقارنوا بينه وبين طعم كوكا و بيبسي. كانت النتائج الأولية عارمة، قطاع كبير جدا أحب الطعم الجديد، أكثر من طعم كوكا الأصلي، ومن بيبسي كذلك. أما النسبة القليلة (12% من العينة) فأعلنت عن غضبها من هذا الطعم الجديد، وقالت أنه طعم غريب وغير معتاد على محبي كوكا. الملحوظة الأكثر أهمية، هو أن وجود هذه النسبة الغاضبة من المستخدمين، كانت تؤثر سلبا على تقييم بقية أفراد مجموعات العينة، ما جعلهم يعطون تقييمات أقل مما كان يريدون. بناء على هذه النتائج الإيجابية المشجعة، وتزامنا مع الاحتفال بمرور 100 عام على إطلاق مشروب كوكا كولا في عام 1985، قررت الشركة طرح المشروب الجديد ذي المذاق الحلو، نيو كوك أو كوك الجديدة. أرسلت شركة كوكا الخبر الصحفي الذي نوهت فيه أن خبرا هاما للغاية سيجري الإعلان عنه قريبا جدا. بعدها تسربت صورة لشكل المشروب الجديد، والذي علمت به شركة بيبسي. هنا نفذت بيبسي خطوة إعلانية ذات أهمية كبيرة، رغم أن البعض قد يراها من أدوات الحرب القذرة، إذ نشرت إعلانا في صفحة كاملة في جريدة شهيرة أنها قد فازت في حرب مشروب الكوكا، ولفرط ثقتها أعطت جميع العاملين فيها إجازة لمدة يوم، كل هذا في اليوم الذي سبق إعلان شركة كوكا. بشكل أو بآخر، ساهمت بيبسي في تغيير مزاج جمهور كوكا ليكون متشائما، وهو ما أثبت جدواه فيما بعد. الأمر الثاني الذي وجده البعض قرارا خاطئا، كان أن شركة كوكا أوقفت إنتاج مشروبها القديم، وبدأت في توزيع المشروب الجديد، في يوم الإعلان عنه (23 أبريل 1985). بعدها لم يعد بالإمكان العثور على مشروب كوكا القديم التقليدي المعتاد، حتى أن البعض في أمريكا استورده من الخارج من البلاد التي استمر إنتاج الطعم القديم فيها. رغم ذلك، ارتفعت أسهم كوكا في البورصة الأمريكية في يوم الإعلان، وأشارت الدراسات إلى أن 80% من الشعب الأمريكي عرف بخبر إطلاق المشروب الجديد في يوم الإطلاق، بفضل جهود تسويقية وإعلانية جبارة (قدر البعض إجمالي تكلفتها بقيمة 10 مليون دولار في هذا الوقت). جاءت المبيعات الأولية إيجابية في معظمها، نال الطعم الجديد إعجاب الناس، وأعلن الكثيرون منهم أنهم سيعودون لشراء الطعم الجديد في المستقبل. كان كل شيء يسير على ما يرام، سوى مبيعات الولايات الجنوبية، المكان الذي شهد انطلاق مشروب كوكا كولا الأول. ما حدث بعدها هو أن عدد قليل من الجمهور الوفي لكوكا كولا بدأ في إعلان رفضه وتذمره من الطعم الجديد، أغلبهم جاء من الولايات الجنوبية، معقل كوكا كولا. بدأت الانتقادات تزيد حدة، وبدأ الهجوم العام يزيد على إدارة كوكا كولا، باعتبارها من أغبي الشركات في العالم. مر وقت قصير ثم بدأ الصحفيون يشاركون في الهجوم والانتقاد والذم، وبدأت إعلانات نيو كوك المصورة تحصل على أصوات الاستهجان والقذف حين عرضها، حتى أن فيدل كاسترو اشترك في انتقاد المذاق الجديد. حاولت عندها بيبسي الصيد في الماء العكر، بإعلانات تشجع الناس على ترك كوكا إلى مشروبها، لكنها عادت بخـُـفيّ حـُـنين، إذ أن الجمهور الوفي رفض المذاق الجديد، وكذلك رفض الانتقال إلى معسكر الأعداء. رغم هذه المقاومة في الجنوب، كانت الولايات الشمالية تحقق مبيعات جيدة! بدأت الإدارة تتلمس رد الفعل خارج الولايات المتحدة، وكانت ردود الفعل الأولية سلبية أيضا. ثم بدأت دعوات المقاطعة تعلو وتزداد قوتها، وبدأت المبيعات تتوقف عن الزيادة، ثم بدأت شركة تعبئة الزجاجات تشكو من غضب الناس منهم، وبدأ البائعون يشكون من حاجتهم للدعاية والتسويق لبيع مشروبات كانت تبيع بأقل مجهود. ثم اجتمع مجلس الإدارة لدراسة الموقف، وبدا واضحا من أن حملات المقاطعة كانت جادة ويجب معالجتها قبل أن يكون الوقت قد فات. بعد مرور أقل من 3 شهور، قررت شركة كوكاكولا العودة للطعم القديم، الأمر الذي استقبله الجميع بالحفاوة والسعادة. رغم كل المال والجهد والدقة في دراسات السوق والتسويق، لم تعرف كوكا كولا شيئا صغيرا، وهو أن الارتباط العاطفي عند الناس بمشروب كوكا كولا التقليدي كان قويا للغاية، قويا بدرجة جعلت أي تغيير على هذا المشروب دربا من دروب الانتحار التجاري. بعدها أطلقت الشركة اسم كوكا كولا 2 على الطعم الجديد واستمرت في بيعه لفترة من الزمن حتى تراجعت مبيعاته وأوقفته تماما في عام 2002، أما الطعم الأصلي – كوك كلاسيك، فعاد لتزيد مبيعاته بشكل مريح. درست كوكا كولا كل الجوانب لمحاولة فهم سبب ما حدث، وتوصلت إلى أنها لم تقدر القيمة العاطفية لمشروبها، ومدى ارتباط الناس بمشروب كوكا كولا، الرفيق الذي استمر معهم منذ الصغر، وشاركهم أفراحهم وأحزانهم… لو كان الحكم للمذاق فقط لفاز المشروب الجديد، لكن الأمر لم يكن كذلك. الدروس: مهما كانت أبحاث السوق التي تجريها قوية واحترافية، فقد يفوتها أشياء لم تكن في الحسبان. لا تخش التراجع عن قرار كبير طالما ثبت أنه خطأ. ليست علامة تجارية، بل علامة الحب أو Lovemarks بمعنى أن العلامة التجارية حين تشتهر بشدة، فإنها تدخل القلوب، وتكون العلاقة بين المنتج ومشتريه عاطفية في المقام الأول. ظهرت بعض نظريات المؤامرة والتي قالت أن الشركة فعلت ذلك عن عمد، لكن لم يثبت ذلك بأدلة قطعية وبقيت كلها توقعات.