ركزت الصحف العبرية، الصادرة اليوم الثلاثاء، على النتائج النهائية للتحقيق الذي نشره الجيش الإسرائيلي بشأن قضية اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة أمس.
وبينما حاولت صحف توصف باليمينية مثل يديعوت أحرونوت، ومعاريف، ويسرائيل هيوم، اعتبار ما نشر بأنه كان مهمًا لصورة الاحتلال أمام العالم، وأنه جزء من حملة يخوضها الجيش الإسرائيلي من أجل شرعية عملياته، ركزت صحيفة هآرتس التي توصف أنها يسارية، على قتل الفلسطينيين الأبرياء، وتغيير الرواية الإسرائيلية باستمرار في قضية أبو عاقلة.
وقال رون بن يشاي المحلل العسكري والأمني لصحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، في مقال له، إن العشرات من الصحفيين حول العالم قتلوا في السنوات الأخيرة، في ظروف مماثلة لتلك التي قتلت فيها شيرين أبو عاقلة.
وأشار إلى أن قضية أبو عاقلة تحولت إلى قضية دولية لسببين، الأول مسارعة الفلسطينيين لاتهام الجيش الإسرائيلي بقتلها وهو ما أثار زوبعة في العالم، والثاني أن أبو عاقلة تحمل الجنسية الأميركية، ما جعل الرئيس جو بايدن في موقف حرج أمام الأصوات التي نادت من داخل الكونغرس وغيره بوقف تقديم الدعم لـ"إسرائيل" والمطالبة بإجراء تحقيق في القضية.واعتبر أن الجيش الإسرائيلي أحسن التصرف بإجراء التحقيق، وهو جزء من الحملة التي يخوضها من أجل الشرعية الدولية وتحسين صورته أمام العالم، رغم أن التحقيق لم يكن في صالحه. كما يقول بن يشاي.
ودأبت صحف يسرائيل هيوم، ومعاريف، على نشر العديد من المقالات الخاصة بالمحللين والمراسلين العسكريين والأمنيين الخاصين بها الذين حاولوا إظهار أن الجيش الإسرائيلي، هو "الأكثر أخلاقية"، وأن النتائج نشرت بالفعل تحت ضغوط أميركية، لكنها كانت مهمة.
من جهتها نشرت صحيفة هآرتس العبرية، تقريرًا يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي غير رواياته عدة مرات، وقد أعلن بعد مقتل أبو عاقلة في الحادي عشر من مايو/ أيار من العام الجاري، أنها قتلت برصاص مسلحين فلسطينيين، لكنه بعد يومين قال ربما تكون أصيبت برصاصة إسرائيلية، إلى جانب رفضه لعدة مرات متفاوتة لتقارير فلسطينية ودولية تشير لمقتلها برصاص قواته، قبل أن يعلن أمس أنه قد يكون هناك احتمال فعلي لإصابتها من قبل قواته عن "طريق الخطأ".
وفي تقرير تحليلي لمحرر الشؤون الفلسطينية في هآرتس، جاكي خوري، قال: "إن نتائج التحقيق محاولة واضحة من إسرائيل لإمساك الحبل من الطرفين، حيث كان هناك نصف اعتراف بالموقف الفلسطيني من أن أبو عاقلة أصيبت برصاص جندي إسرائيلي، ومن ناحية أخرى لا يقبل تحمل المسؤولية وفتح تحقيق جنائي ضد مطلق النار".
ويضيف: "ربما يقدم هذا الموقف إجابة للإدارة الأميركية التي ضغطت للحصول على إجابات بشأن ما جرى، إلى جانب بعض الجهات الدولية التي طالبت بإجراء تحقيق معمق، ولكن من الناحية العملية لا يوجد تغيير في نهج إسرائيل فيما يتعلق بإيذاء الفلسطينيين الأبرياء، سواء كانوا مواطنين عاديين أو صحفيين مثل أبو عاقلة".
ويشير إلى أن نتائج التحقيق والتراجع عن التقارير الأولية والإيجازات التي قدمت للصحفيين حول الحادثة، يعني أن أي إنكار فوري من الجيش الإسرائيلي لأي حادثة مماثلة يتطلب فحصًا شاملًا وموقفًا متشككًا، حتى لو عادت آلة الدعاية للجيش لنقل ذات الرسائل مرارًا وتكرارًا، كما أن الإعلان عن إغلاق التحقيق يغلق الباب أمام فرصة أن العدالة يمكن أن تتحقق هنا، كما أثبت أن ما جرى يظهر أن إسرائيل لا تخشى الانتقادات الدولية وغيرها، وأن ردود الفعل الفلسطينية والعالمية لم يكن لها أي وزن بعد قتل أبو عاقلة.
فيما كتبت عميرة هاس الكاتبة الإسرائيلية اليسارية، مقالًا في هآرتس، قالت فيه: "يريدنا الجيش الإسرائيلي أن نصدق أن هناك احتمالًا كبيرًا أن يكون جنديًا إسرائيليًا من وحدة النخبة في دوفدفان مرتبكًا، واعتقد أن الصحفية شيرين أبو عاقلة كانت مسلحًا فلسطينيًا (بسبب الخوذة على رأسها)، ولهذا السبب أطلق عليها من خلال منظار تلسكوبي، يكبر هوية الشخص أربع مرات، من الجيب المحمي الذي كان يجلس فيه".
واعتبرت أن هذه النتيجة للتحقيق الإسرائيلي، الذي وصفته بأنه "تستر جديد"، بأن إحد الجنود في حال خلط بين الصحفيين والمسلحين فإن قادته يسمحون له بإطلاق الرصاص من منطلق التشويش على الصحفيين، وأن مثل هذا الالتباس ممكن فقط لأن الجيش الإسرائيلي وقادته وجنوده يحصلون على دعم متزايد من الداخل لقتل الفلسطينيين، ولذلك الجنود مبرمجون ليكونوا مرتبكين ويفشلون مهنيًا لأنه تم تصميمهم على الاعتقاد بأنهم الضحية، بينما السكان الفلسطينيون الخاضعون لحكمنا الأجنبي هم المجرمون. كما تقول.
وأشارت إلى أن التحقيق تجاهل، أن الجندي أو أي جندي آخر، أنه أطلق في نفس الحادثة النار على الصحفي علي سمودي وأصابه، كما تخطى حقيقة أنه قبل بدقائق من الحدث، مرت مجموعة من الصحفيين وهم يرتدون الخوذات والسترات الواقية، من عند الجنود الذين كانوا داخل مركباتهم المدرعة.
ولفتت هاس، إلى تقرير لمنظمة بتسيلم يشير إلى شهادات سمودي وصحفيين آخرين كانوا في المكان، حول تعرضهم لإطلاق نار بنحو 20 رصاصة منها 10 تجاه المكان الذي كانت فيه شيرين، والباقي نحو سمودي وآخرين، مشككةً بأن من أطلقها جندي واحد.
وسردت هاس العديد من الأسباب التي دفعت الجيش الإسرائيلي للتستر على الجريمة، أن الجمهور الإسرائيلي لا يصدق روايات الفلسطينيين والمنظمات الحقوقية، وشعوره بالحماية من الداخل في ظل ازدراء الفلسطينيين، والتجاهل التام لقائمة طويلة من الفلسطينيين ممن قتلوا ضمن تساهل تعليمات فتح النار، وعمل الجيش الإسرائيلي لخدمة المشروع الاستيطاني ما يحظى بمزيد من الدعم داخليًا، وأنه لا قيمة للفلسطيني، وما جرى في قضية أبو عاقلة فقط لأنها تحمل الجنسية الأميركية.