لا تزال عقلية الاحتلال المشبعة بالإرهاب والعنف تسعى عبر ممارساتها الوحشية إلى تفجير الأوضاع داخل الضفة الغربية، من خلال التجرؤ على المقدسات والأقصى والانسان الفلسطيني، معتقدة أنها بذلك تستطيع ترسيم واقع جديد في الضفة الغربية، لكن روح المقاومة التي تسري في أوصال الشعب الفلسطيني لم تخبو، ولم تنطفئ، رغم الويلات التي مَرَّروا شعبنا في الضفة الغربية بها، من سجون وتعذيب واعتقالات وإذلال، يكفي شعبنا في الضفة الغربية وجود سلطة التنسيق الأمني التي تحارب إلى جانب الاحتلال كل أشكال المقاومة، وتعتقل خيرة الشباب المقاوم في سجونها، وهذا جعل جرذان المستوطنين يتجرؤون على أهلنا في الضفة الغربية والقدس بحماية من قوات الاحتلال، فيما الفلسطيني ظهره مكشوف لا يحظى بحماية من أحد، وكان من المفترض أن تحمي ظهر الشعب الفلسطيني السلطة، ولكنها رهنت وجودها بالاحتلال عبر اتفاقات هزيلة، وباتت يداً للاحتلال ضد شعبنا الفلسطيني.
واليوم شعبنا أخذ القرار بالدفاع عن نفسه وعن مقدساته، وبات واضحاً من سياق الأحداث أننا ذاهبون نحو انتفاضة جديدة ولكن بثوب جديد، يطرز وشاحه المناضل الفلسطيني، الذي أبى أن يُسلم لسلطة التنسيق بالتخلي عن المقاومة، كما أبى الترويض، وقرر حمل عبء المواجهة والتصدي لزعران المستوطنين وقوات الاحتلال التي تحميهم، فلا يكاد يُغادرنا يوم دون أن نسمع أزيز الرصاص وزغاريد العزة من بنادق المناضلين الفلسطينيين، وعادت الضفة الغربية ضفة العياش ومحمد عزيز رشدي وطوالبة والكرمي بحلتها الجديدة في مشهد ثوري رائع، تعبر عن الواقع الحقيقي الذي ينبغي أن يكون، وهو وجود احتلال صهيوني جاثم على أرضنا المقدسة، ومقاوم فلسطيني يقاتله ويُحَول حياته إلى جحيم، وبدأت الصورة القبيحة والمضلِلة التي أرادتها سلطة التنسيق الأمني تتلاشى لشعب ساكن وديع مسالم لا يُدافع عن حقوقه وعن انسانيته.
هي أرادت لنا الإذلال والخنوع للإسرائيلي، مقابل انتفاع شريحة متواطئة معه على حساب قضيتنا، أرادت السلطة أن تقنعنا أن الاحتلال سيذهب لوحده عبر المعانقات معه والابتسامات ورسم صور غير حقيقية للواقع، لكن الحقيقة مهما حاول المُطَبِّعون والمُنَسِّقون من أبواق السلطة اخفائها عادت لتظهر من جديد، حيث توحد شعبنا في الميدان بعد أن فرقته أوسلو والتنسيق الأمني، والتصق ببندقية المقاتل، لأنه أدرك أنها الطريق.
لقد عادت مفردات الثورة والثوار والمقاومة التي هي من مخرجات الانتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية، واندثرت مفاهيم التطبيع والتعايش وسلام الأرانب، الذي جلبتها لنا مسيرة العار أوسلو، وخرج الفلسطيني من بين الأنقاض، وركام العلاقات مع الاحتلال إلى مساره الطبيعي ومنهجه الاستراتيجي، ليعلن وحدة الميدان بالمقاومة بين فتح الثورة والعاصفة و(ح م اس) و(ج ه اد) والجبهة وكل قوى شعبنا التي تدعم المقاومة واستمرار الثورة حتى التحرير.
لقد بات واضحاً أن الوحدة تتم في الميدان على قاعدة المقاومة، والالتفاف حول البندقية، وأن التحرير لا يأتي لوحده دون سواعد الرجال، أما مصطلح المصالحة مع جماعة التنسيق الأمني هو خيار من لا خيار له، وفقدوا الرؤى، وضلوا الطريق، الذين يريدون لنا المزيد من الضياع والتضليل، فالطريق باتت واضحة والخيارات معروفة والعنوان لقضيتنا أوضح من الشمس، نحن شعب تحت الاحتلال ومن حقنا النضال حتى كنس الاحتلال.