تستمر استطلاعات الرأي في إسرائيل بشكل شبه يومي، حيث تُعطي المُستطلعة آراءهم نتائج لا تسمح لأي طرف من المتنافسين بتشكيل حكومة في الكيان، وإن كانت فرص نتانياهو في التشكيل أعلى وأفضل من خصمه لابيد، لكن لعبة الانتخابات في الكيان دائماً متقلبة وغير مستقرة والتحالفات فيها كذلك متغيرة، لأن الانتخابات في السنوات الأخيرة لا تتم من الناحية العملية على برامج سياسية، بقدر ما تتجه بوصلتها نحو شخص نتانياهو، وعنوانها الحقيقي: هل أنت مع نتانياهو؟ فتقوم الأحزاب والتحالفات في إسرائيل على هذه الأرضية، وهناك خيارات عديدة في إمكانية تشكيل حكومة تتراوح بين القوة والضعف، منها/
أن يحصل نتانياهو على 61 مقعد، وهو خيار ممكن وصعب، لكن إذا تجاوزت شاكيد نسبة الحسم، وحظها في ذلك يكاد يكون مستحيل، لأن نتانياهو لا يزال يتحفظ على دعمها، وأغلب استطلاعات الرأي تُعطيه ككتلة ما بين 59-60 مقعد.
أن يحصل نتانياهو على 60 مقعد وينجح في شراء ذمة عضو كنيست من كتلة جدعون ساعر، وحينها يُشكل حكومة، وهو معتاد على هذه الألعاب لكن هذه المرة الأمور أكثر صعوبة.
أن يحصل لابيد على 57 مقعد ويحظى بدعم من بقايا المشتركة (الطيبي وعودة)، وهذا فيه احتمالية التحقق، بدرجة متوسطة، أن يعطوا لابيد شبكة أمان، ودعم في اختيار رئيس الحكومة، على قاعدة عدم جلب نتانياهو للحكم، ولو حصل ذلك ستكون حكومة هشة مفككة وقدرتها على الاستمرار أمر غير سهل.
عدم حصول الطرفين ما يجعلهم يشكلون حكومة، وهذا هو الخيار الأقوى والذهاب نحو انتخابات جديدة، وهذا الخيار إذا حصل قد تتحرك شخصيات داخل الليكود ضد نتانياهو على قاعدة رفض استمرار الشلل في الدولة ويؤدي ذلك إلى انقسامات داخل الليكود، وبالتالي تتحطم كتلة اليمين التي تدعم نتانياهو إذا ابتعد نتانياهو عن المشهد.
وهناك خيار أخير وهو أن يتفكك تحالف نتانياهو، ويتحالف الحريديم مع غانتس وحينها يمكن تشكيل حكومة من غانتس، وهو ممكن وضعيف، لأكثر من سبب، منها: رفض ليبرمان للتحالف مع الحريديم والعكس، بالإضافة أن التكليف بعد نتانياهو بالتشكيل يأتي لمن بعده وهو لابيد، وليس غانتس، وهذا يجعل لابيد يتشدد ويرفض لأنه رئيس حكومة تسيير أعمال.
لا شك أن المجتمع الإسرائيلي يسير نحو التفكك التدريجي، ومآله إلى الفوضى السياسية أقرب، لأن ما يجري هو مؤشر على هشاشة النظام السياسي، وبروز التنافسية العالية لدى السياسيين، الي تعزز روح الأنانية والبحث عن الذات، التي هي الخطوة الأولى في الانهيار، فإسرائيل نظام مستنسخ عن الغرب الليبرالي، ولكنه مصاب بعدوى الشرق في دكتاتورية الفرد.