حذر ضابط إسرائيلي رفيع المستوى من تطورات جديدة حاصلة تساهم في تغيير النظام العالمي، وهي تأتي في غير صالح الاحتلال الإسرائيلي.
ونبه جنرال احتياط تمير هايمن، مدير "معهد بحوث الأمن القومي"، في مقاله بصحيفة "إسرائيل اليوم"، إلى أن "إسرائيل توجد في تطور جغرافي سياسي آثاره هامة للغاية؛ وهي المنافسة بين الشرق والغرب على تغيير النظام العالمي".
وذكر أن "الحلف الروسي – الإيراني، وتطور المعركة في أوكرانيا، والنشر المحدث لاستراتيجية الأمن القومي الأمريكية؛ هي ثلاث تطورات مركزية، من شأنها عمليا أن تتحدى الأمن القومي الإسرائيلي، ويجب الاستعداد لها".
تطورات كبيرة
وأوضح أن "التطور الأول هو دعم طهران لموسكو، حيث تزود روسيا بمنظومات سلاح دقيقة، وحسب البيت الأبيض تشارك بشكل مباشر من خلال مهاجمة أوكرانيا بمسيرات إيرانية ترابط في شبه جزيرة القرم، وفي الساحة الداخلية، إيران تصدر أكثر من مليون برميل نفط في اليوم، كما أن النظام يتصدى بتصميم وبنجاعة للمظاهرات الداخلية".
وأما التطور الثاني، فهو "المعركة في أوكرانيا، فروسيا أعلنت عن وضع طوارئ في غرب الدولة، وهي تستأنف الضغط على كييف، وبالتالي تواصل التورط في حرب فاشلة، وهي مصممة على مواصلة المعركة حتى النصر، وبالتالي إلى جانب التجنيد المتعثر للاحتياط، تضطر لنقل قوات ووسائل قتالية من سوريا إلى الجبهة الأوكرانية، وهذا في الظاهر تطور ليس سلبيا، لكن سنشرح كيف من شأنه أن يصبح كذلك".
والتطور الثالث هو "وثيقة استراتيجية الأمن القومي للولايات المتحدة؛ فبحسب الوثيقة الأمريكية، فإن الصين هي العامل الأول المزعزع للنظام العالمي، والتهديد الأول في أهميته على الأمن القومي الأمريكي، ودول الشرق الأوسط يتعين عليها أن تعالج مشاكلها بنفسها، بينما واشنطن ستؤيد من بعيد، وستلتزم بمنع امتلاك إيران لأسلحة نووية، لكنها لن تستخدم القوة العسكرية لتغيير الأنظمة، علما أن التكنولوجيا هي مقدر من مقدرات الأمن القومي".
ونبه الجنرال، الذي شغل في السابق منصب رئيس شعبة الاستخبارات "أمان"، إلى أن "هذه التطورات تلزم إسرائيل بموقف، فهي تتضمن معاني سلبية، والخطر ليس في المدى القصير، وهو ليس ملموسا وصاخبا مثل تهديد العمليات، لكن بالذات لأن الخطر لا يستوجب ردا تكتيكيا فوريا، جدير بأن نبحث فيه، وينبغي تحليل المخاطر المحتملة في المدى البعيد، إلى جانب استخدام الفرص المختلفة كرافعة".
وأضاف: "من شأن التهديد التكتيكي أن يأتي من جهة سوريا، وروسيا لن تتخلى عن تواجدها في الساحة بسبب المخرج إلى البحر المتوسط وموطئ القدم في الشرق الأوسط، لكن تخفيف حجم القوات هناك والالتزام المتزايد لإيران من شأنهما أن يزيدا التعاون بين طهران وموسكو في سوريا، وبخلاف الماضي، هذه المرة من شأن روسيا أن تدعم بشكل فاعل جهود التموضع الإيراني هناك أو على الأقل أن تعطي ريح إسناد له، مثلا؛ عبر حماية الذخائر الإيرانية في سوريا بشكل يشوش حرية العمل الإسرائيلية، وبمساعدة غير مباشرة في نقل وسائل قتالية إيرانية متطورة لسوريا، ويحتمل حتى في اتخاذ رد فعل يتجاوز التنديدات المعروفة للهجمات المنسوبة لإسرائيل".
تهديد استراتيجي
ولفت هايمن إلى أن "التهديد الاستراتيجي من شأنه أن يأتي من جهة البرنامج النووي الإيراني، فكلما مر الوقت هكذا يتقلص الاحتمال للتوصل إلى اتفاق، وزعيم إيران يرفض إقرار مسودة الاتفاق التي عرضت عليه في صيغتها الحالية، طالما لا يتنازل الغرب تماما عن تحقيق "الملفات المفتوحة" (العثور على يورانيوم مخصب غير معلن عنه في ثلاثة مواقع)"، موضحا أنه "لا يوجد حافز لدى إيران للدخول في اتفاق".
وتابع: "سبب ذلك يكمن في التطورات الأخيرة؛ الدعم الإيراني العملي للحرب في أوكرانيا أدى إلى موجة عقوبات جديدة ضدها، وعدم الاستقرار في الشوارع الإيرانية وآنية الاتفاق النووي، حتى لو استؤنف، لن يشجعا المستثمرين الغربيين على الاستثمار في الدولة، وبالمقابل، إيران تنجو من العقوبات، والآن، في ضوء المساعدة لروسيا، ستتلقى تعزيزا هاما من الإسناد الروسي – الصيني، ما يمنحها شبكة أمان اقتصادية – أمنية حيال الغرب".
وأشار إلى أنه "في ضوء النظرة الأمريكية لإيران كمشكلة شرق أوسطية محلية، نشأ وضع خطير تواصل فيه إيران تسريع البرنامج النووي بلا عراقيل، ودون أي مانع من تأخيره أو تقييده، ومن شأن الزعيم الإيراني أن يستنتج بأن العقوبات غير ناجعة، وعملية عسكرية أمريكية ضد نظامه أقل معقولية في العهد الحالي، وفي مثل هذا الوضع، يمكن أن نجد أنفسنا أمام إيران نووية كجزء من حلف شرقي من القوى النووية".
تجارة التكنولوجيا
وبيّن الجنرال أن هناك "تهديدا استراتيجيا أبعد مدى، ينبع من المنافسة الأمريكية المتزايدة للصين، فربط موضوع التجارة بالتكنولوجيا والبحث والتطور كموضوع أمني حساس، يعرض للخطر القاطرة الاقتصادية المركزية في إسرائيل؛ وهي التجارة بالتكنولوجيا والعلم".
وتابع: "إسرائيل، من شأنها أن تحشر في حسم بالنسبة لسياسة تصدير التكنولوجيا والبحث لمنافسي الولايات المتحدة، وما يعتبر اليوم كتجارة وكأعمال تجارية شرعية من شأنه أن يعتبر في المستقبل القريب موقفا قيميا لا يستوي وينسجم مع مصالح الولايات المتحدة".
وأفاد مدير "معهد بحوث الأمن القومي"، بأن "تحولات النظام العالمي الجديد تدق باب الأمن القومي الإسرائيلي، وفي المنافسة العالمية الحالية توجد لإسرائيل مصلحة واضحة في انتصار الغرب، كما أن الجلوس على الجدار هو نوع من اتخاذ موقف، وينبغي إعادة النظر فيه".
وأكد أن نجاح روسيا كنتيجة لمساعدة إيرانية سيعزز العلاقة والالتزام الإيراني – الروسي، ومعنى هذا النجاح تعزيز قوة إيران بشكل يسمح لها بتحقيق هدفيها الاستراتيجيين؛ قدرات نووية وهيمنة إقليمية".