نشر موقع "هيروين" الروسي تقريرًا تحدث فيه عن ميل البعض إلى التحدث مع النفس بصوت عالٍ عند التواجد بمعزل عن الناس والتطرق إلى مواضيع تتناول جوانب من الحياة أو التعليق على الإنجازات.
ويعرض الموقع في تقريره، فوائد هذه العادة التي يراها البعض نامّة عن وجود مشاكل نفسية.. وفي أي وضع تصبح خطيرة.
لماذا يتحدث الناس إلى أنفسهم؟
وأضاف الموقع أن العديد من الأسباب تقف وراء ملازمة البعض لهذه العادة، من بينها الشعور بالوحدة وغياب شخص يتحدث إليه المرء جنبًا إلى جنب مع عدم القدرة على التطرق إلى مسائل مزعجة مع الأصدقاء أو الأقارب، إضافة إلى أنه عند التعرض لخيبة أمل أو مشاعر سلبية أخرى يصبح التحدث إلى النفس متنفسًا عند البعض. وبينما يساعد طرح الأفكار بصوت عال في التحسن؛ يرى آخرون أن التحدث عن أعمالهم والتعليق عليها بصوت عال يسهل إنجاز المهام الصعبة.
ما هي فوائد التحدث مع النفس؟
بالإضافة إلى الشعور بالتحسن، يذكر الموقع عدة فوائد للتحدث مع النفس، منها:
تحسين القدرات المعرفية
أثبتت دراسة أُجريت في عام 2012 من قبل علماء من المملكة المتحدة أن التحدث إلى النفس طريقة رائعة لتطوير القدرات المعرفية، فخلال الدراسة طُلب من المشاركين قراءة التعليمات ثم إنجاز المهمة المطلوبة منهم، وبينما اختار جزء من المشاركين القراءة بصوت عالٍ، لزم الآخرون القراءة في صمت.
بعد ذلك، توصل العلماء إلى أن أداء المشاركين الذين عبروا عن أفعالهم المستقبلية كان أفضل بالمقارنة مع غيرهم، ويعود ذلك إلى زيادة مستوى تركيزهم وإنتاجيتهم، العامل الذي كان له الفضل في تحقيق نتائج ممتازة.
في هذا الصدد؛ تقول بالوما ماري بيف باعتبارها أحد مؤلفي هذه الدراسة: "تعكس الصورة النمطية للعالم الخارق الذي يتحدث إلى نفسه وينغمس في عالمه الداخلي حقيقة شخص فائق الذكاء يستخدم كل الوسائل المتاحة له لزيادة قدراته العقلية".
تأثير مهدئ
خلال التعرض لتوتر انفعالي غالبا ما يميل البعض للتحدث مع أنفسهم. من الناحية العلمية؛ تعتبر هذه الاستراتيجية فعالة للتغلب على المشاعر السلبية. وبحسب دراسة أمريكية أجريت عام 2017، فإنه يعتبر التحدث إلى النفس بصيغة الغائب أفضل طريقة للتهدئة والتعامل مع التوتر.
وأفاد الموقع بأنه وفق جيسون موسر، المؤلف الرئيسي للدراسة، تدفع هذه الاستراتيجية الشخص إلى النظر إلى نفسه بالطريقة التي ينظر بها إلى الآخرين، ما يجنبه نقد أو توبيخ نفسه بطريقة قاسية.
تعزيز الذاكرة
من أجل حفظ القصائد؛ يُطلب من الأطفال في المدرسة قراءتها بصوت عالٍ العديد من المرات. في المقابل؛ يقترح عالم النفس الأمريكي كولين ماكليود، استخدام هذه الإستراتيجية لتذكر المعلومات المهمة، فخلال دراسة أجريت من قبله عام 2017؛ طلب ماكليود من الناس القراءة بعدة طرق، بصمت وبصوت عالٍ أو الاستماع إلى كتاب صوتي أو الاستماع إلى تسجيل صوتهم، وكشفت الدراسة أن الذين قرأوا بصوت عالٍ كانوا أكثر قدرة على إعادة سرد المعلومات التي تلقوها بدقة أكبر.
ويشرح ماكليود ذلك قائلًا: "عند إرفاق بعض الأفعال بالكلمات تصبح أكثر تميزًا وفهمًا، مما يسمح لنا بتخزينها بشكل أفضل في الذاكرة على المدى الطويل".
التدرب على ضبط النفس
وأفاد الموقع أن ضبط النفس يساعد الشخص على التعامل مع المشاعر السلبية على غرار الغضب أو الانزعاج، كما يعود الفضل في التحكم في الاندفاع والرغبة في التحرر من الآخرين أو إلحاق ضرر بالنفس إلى ضبط النفس. في هذا الصدد؛ أظهرت دراسة أجراها علماء أمريكيون عام 2010 كيفية تأثير الحديث مع النفس على مدى ضبط النفس، فقد طُلب خلالها من المشاركين أداء مهمة بسيطة على الكمبيوتر تتمثل في الضغط على زر عند ظهور رمز معين على الشاشة. وبينما طلب العلماء من إحدى المجموعات مناداتهم بصوت عالٍ باستمرار، طُلب من الأخرى إكمال المهمة في صمت. وأثبتت الدراسة أن الذين تحدثوا عن الرمز أظهروا قدرة أكبر على ضبط النفس، بحيث كانوا أقل اندفاعًا وغضبًا من أولئك الذين التزموا الصمت أثناء الاختبار.
متى يتجاوز التحدث مع النفس المستوى المطلوب؟
أوضح الموقع أن الحديث مع النفس قد يتحول إلى مشكلة بمجرد عدم الوعي بخروج النفس عن السيطرة وعدم القدرة على التوقف رغم إدراك أوان ذلك. ناهيك عن ذلك؛ يمكن أن يكون الحديث مع النفس عادة سيئة إذا كان قائمًا على جلد الذات أو الانتقاص من النفس، مما يعزز التفكير السلبي ويقلل من احترام الذات ويقتل الثقة في النفس.
وبناء عليه، ينبغي الانتباه لا فقط إلى الغرض من التحدث إلى النفس، بل إلى الكلمات والعبارات التي تستخدم خلال ذلك.
وفي نهاية التقرير نقل الموقع عن جيفري نيفيد، وهو دكتور في الفلسفة من الولايات المتحدة، أن الحديث مع النفس أحد أعراض المعاناة من مشاكل نفسية. فعلى سبيل المثال؛ عند الاصابة بالانفصام في الشخصية ينفصل الشخص عن العالم الخارجي ويتحدث مع الأوهام أو الصور التي يراها.