21.11°القدس
20.82°رام الله
19.97°الخليل
24.69°غزة
21.11° القدس
رام الله20.82°
الخليل19.97°
غزة24.69°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: مقتل البوطي(2)

[title]- مدخل[/title] بإيجاز بينت في حلقة سابقة المكانة العلمية التي يتمتع بها البوطي، وذكرت بعض منجزه العلمي والفكري والثقافي واللغوي، إن في السيرة أو الفقه أو علوم القرآن أو أصول الفقه أو الدفاع عن الإسلام ضد العلمانيين والعلمانية، وهو ما لا يفهم أن يقف في وجههم فكرياً وعلمياً، ويقف معهم عملياً تنفيذياً. فالذين فندهم نظرياً بكل قوة هم من ناصرهم بكل قوة في حكمهم العلماني ظاهرياً الباطني باطنياً، فكيف نفسر هذا؟ وقد حاولت أن أقف على بعض الأسباب التي حملت الشيخ على موقفه المستهجن من حكم آل الأسد الذي يقف في وجهه الشعب السوري كله. حتى إن الشيخ تمنى لو أنه استطاع أن يقاتل بالفعل لا بمجرد القول، وأخشى أن تكون الكلمة حمّلته دماء لم تسفكها يده، ولكن تحمل تبعتها بمجرد الرضا بوقوعها. وكيف أرضى عن قتل مسلم بريء أو ذبح أطفال أو اغتصاب آلاف النساء؟ والحديث الشريف يحذر أشد التحذير من الرضا: "ولكن من رضي وتابع..!" [title]2- من قتل البوطي؟[/title] لا جريمة كاملة، إلا نادراً جداً؛ لأن الله أراد أن يفضح المجرمين. وجريمة قتل البوطي فضحت أصحابها، فأولاً بانتهاج نهج تفكير وإثارة أسئلة عن المستفيد يتبين أن المستفيد الأول إن لم يكن الأوحد هو النظام السوري. وأول فوائده خلط الأوراق وقلب الطاولة على الجميع، وتخليص نفسه من تهمة الإرهاب والقتل والاغتيال، وإلصاقها بالمعارضة المسلحة كما يطلقون. وبهذه الطريقة إن نجح في تمرير الجريمة وإلصاقها بغيره وتحديداً بالمعارضة، فإن كثيراً من الجرائم التي تاهت فيها العقول: مَن فعلها، يمكن أن تلصق تلقائياً بهذا العدو الذي كان مجهولاً، فهذه العملية كفيلة بجعل المجهول معلوماً ومعقولاً. ومن شأن هذا الاتهام إذا نجحوا في إلصاقه بخصومهم، وأشهد أن عندهم ماكينة إعلام ضخمة فعالة، أقول من شأنه أن يصرف الناس عن المعارضة سواء في الداخل أم الخارج، فالشيخ البوطي له تلاميذه، وله في الخارج تلاميذه، والقوى العربية والدولية ستكون محرجة إن دعمت المعارضة وهي تفعل هكذا أفعال. أمر آخر إن البوطي إذا تحول فسيكون صاعقة على النظام، وقد تحول من قبله أكثر من شخصية، لعل من أبرزهم الدكتور محمد حبش وقد كان محسوباً –بحق أو بباطل- على النظام. أقول إن النظام يحسب، أن البوطي إن تحول ستزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وليته فعلها ورزق الشهادة بعدها، لكان أروع ختام يمحو السيئات ويكفر الخطيئات، لكن النظام فعلها والشيخ ما فعلها، فضرب النظام ضربته الاستباقية. وأمر آخر في هذا الاتجاه أن النظام له سوابق في قتل محسوبين عليه، فقد قتل ابن الشيخ حسون، وقاتله من رجال النظام معروف ومعروفة رتبته، وحسون يعلم هذا، ولكنه لا يملك خيار الكلام. وأمر آخر هل يستغرب على من يضرب شعبه بصواريخ سكود التي ما استعملها يوماً ضد العدو المفترض، إذ به يمطر بها شعبه مطراً محرقاً مدمراً، أفمثل هذا العدو يتورع عن فعل أي شيء؟ وأمر آخر يروي لي بعض أهل الشام العارفين الشيخ جيداً، أنه طلب الإذن بالخروج من البلد لحضور مؤتمر في ماليزيا، فظن النظام أنه يتعلل ليهرب فقتله في اليوم التالي. وفي الاتجاه الآخر من القضية، أعني بالنظر إلى ملابسات الحادث، فالصور القليلة التي بثها التلفزيون الرسمي لا يظهر منها أي آثار لانفجار حتى قال بعض الظرفاء: ما هذا الانفجار الصديق للبيئة؟! ثم إن التفجير الانتحاري لا يقتل قرابة الخمسين كما فعل التفجير المزعوم، اللهم إلا إذا كانت كمية التفجير كافية لنقض المسجد من أسسه، وهذا ما لم يحصل. ثم من هو القاتل؟ وما اسمه وما صورة هويته؟ وأين جثمانه؟ وما الفصيل الذي ينتمي إليه؟ وأين صور البوطي وآثار الانفجار عليه؟ وما الذي تسبب في مقتله؟ هل بترت بعض أعضائه كما حصل لرياض الأسعد على يد النظام؟ هل تمزق الجسد؟ هل مات فوراً؟ هل نقل إلى مستشفى؟ وهل وصل ميتاً أم مات بعد حين؟ الرواية ملفوفة ملفقة مغلقة يحفها ألف إشكال وألف سؤال. ولماذا نقل من نقل من القتلى معه وهم يلبسون الأحذية أو البساطير، فكيف يدخلون بأحذيتهم؟ ثم إن هذا المسجد مسجد خاصة الخاصة وبمدخله نقطة تفتيش، فكيف لم تكتشف العبوة؟ الرواية مهلهلة ركيكة لا تقنع طفلاً. [title]3- التشنيع على البوطي تغطية على النظام[/title] بعض من يخالفون البوطي في العقيدة والتوجه، وهو صوفي كما هو معلوم وقد تكلم بحقه بعض علماء الحرمين، وبعض علماء الشام ولم يكن موفقاً كل من تكلم بنقد عقيدة الشيخ في هذا التوقيت! إن هذا النقاش –لو تعلمون- قد استغله العلمانيون واليساريون من أتباع النظام وصوارييه بلصق التهمة بالمسلمين، مستغلين ما قال فلان وما قال فلان. ولو يعلم هؤلاء أن لكل مقام مقالاً، وأن التوقيت مهم جداً فيما يقال أو لا يقال، فالآن لا شماتة، فقد مضى الرجل، والآن لا مناقشة لفكره ومعتقده فلن يغير عقيدته الآن. وإنما يكون مثل هذا الجدل أفضل غطاء لمن ذكرت، وقد تكلمت إحداهن بهذا الاتجاه وأفتت وهي علمانية صريحة مجاهرة مجاهدة أن من أفتى بقتل الشيخ قاتل، ومن جهتها لم تقل لنا: ألم يفت الشيخ بجواز قتل من يخرج على أمير المؤمنين (لا المدمنين!)، ألا يسمى هذا تحريضاً على القتل؟ لماذا الحول أو العمى؟ وكاتب يساري آخر يهزئ ممن يقول إن النظام قتل البوطي، واعتبر بعض التصريحات فتوى بالقتل وهي صنعت مناخاً قضى نحبه فيه الشيخ. [title]4- وبعد[/title] فقد مضى البوطي إلى ربه، وهو سبحانه الحكم العدل الذي لا يظلم مثقال ذرة، فليتوقف مثل هذا الجدل العقيم، ولكن ليحلل الموقف من ناحية العبرة، من الناحية السياسية وموضوع الولاء، وأين وكيف ينبغي أن يقف العلماء، وبعض العلماء الذين وقفوا ضد الشيخ هم والشيخ سواء في المواقف السياسية وإن اختلفت التوجهات العقدية، وهل تظنون أن موضوع الولاء والبراء، الذي أسمعتمونا إياه ألف مرة يقل خطورة عن أشعرية الرجل وصوفيته؟ ما لكم كيف تحكمون؟ وكما أن بعض اليساريين والعلمانيين مصاب بالحول، فإن بعض المتدينين مصاب بالآفة نفسها، فهو يرى الجريمة في عقيدته الأشعرية، وهي وجهة نظر تتسع لها سماحة الدين، وكثير من علماء الأمة على مثل هذا، ولست أناقش أو أوافق أو أخطئ إنما أنا بصدد أمر آخر أخطر. لا تقل لي العقيدة أولاً، فإني أعلم هذا ولا أحتاج إلى تذكير به بفضل الله، ولكن سؤالي: لم غض الطرف عن المناطق المتعلقة بالولاء؟ ألأنكم تقفون الموقف ذاته مع أنظمتكم التي كانت إلى وقت قريب تغطي على جرائمه وجرائم أبيه؟ ألم يكن أبوه في خندقكم في عملية تدمير العراق؟ أليس مؤامرة تدمير بلد وتسليمه إلى الشيعة الذين تخالفونهم نظرياً وتدعمهم أنظمتكم عملياً أليس هذا مهدداً للعقيدة؟ ألا يهدد العقيدة إلا الخلافات النظرية؟ مضى البوطي إلى ربه، وعبرتنا ألا يكون العلماء يوماً مع المجرمين كما قال موسى الكليم عليه الصلوات والتسليم: (قال رب بما أنعمت عليّ فلن أكون ظهيراً للمجرمين)، هنا مربط الفرس يا من تناقشون القضايا النظرية وتخوضون المعارك الدون كيشوتية.