نشرت صحيفة "واشنطن بوست" مقالا، للصحفيين، ستيف هندريكس، وجون هدسون، قالا فيه، إنه بعد مرور ثمانية أشهر على حرب دولة الاحتلال الإسرائيلي على غزة، أدّت سلسلة من المواجهات والانقسامات والإنذارات إلى دفع حكومة الطوارئ التي شكّلها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى حافة الانهيار، وزادت من احتمال أن يتبع ذلك ائتلافه، ممّا قد يؤدي إلى انتخابات جديدة.
خارجيا، يتعرض رئيس الوزراء المحاصر لضغوط متزايدة من الجمهور لإعادة الأسرى الإسرائيليين المتبقين، ومن إدارة بايدن للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس. وداخل حكومة الوحدة التي شكلها بعد أقل من أسبوع من عملية "طوفان الأقصى" التي أطلقتها حركة حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، فهو يواجه تمرّدات من قبل الحلفاء والمعارضين على حد سواء.
وتعهّد المحافظون المتشددون علنا خلال عطلة نهاية الأسبوع بالانسحاب من الحكومة إذا وافق نتنياهو على الصفقة التي روج لها الرئيس بايدن، الجمعة، على أنها "اقتراح إسرائيلي".
وهدّدت الأحزاب الدينية بسحب دعمها من الائتلاف بشأن أحكام المحكمة، المتوقّع صدورها خلال أيام، والتي قد تلغي الإعفاء من الخدمة العسكرية الممنوح للشباب اليهود المتشددين منذ فترة طويلة.
وطالب يوآف غالانت، وهو وزير الحرب من حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو، رئيس الوزراء، بالالتزام علنا بتجنب الاحتلال الإسرائيلي لغزة إلى أجل غير مسمى.
التحدي الأكثر إلحاحا يأتي من بيني غانتس، وهو زعيم المعارضة الذي يعد، إلى جانب نتنياهو وغالانت، أحد الأعضاء الثلاثة الذين لهم حق التصويت في حكومة الحرب. وأمهل غانتس نتنياهو حتى يوم السبت للخروج بخطة استراتيجية طويلة المدى لغزة أو يقول إنه سيتنحى عن حكومة الحرب ويسحب حزبه من الحكومة.
إن رحيل المنافس السياسي الرئيسي لنتنياهو، غانتس، لن يؤدّي إلى إسقاط الحكومة نفسها. كما أن اقتراح سحب الثقة الذي قدمه حزب الوحدة الوطنية في البرلمان الإسرائيلي، الأسبوع الماضي، لا يحظى بفرصة النجاح. لكن المحللين السياسيين يتساءلون: متى سيتمكن نتنياهو من الحفاظ على تماسك الحكومة؟.
وقالت أستاذة العلوم السياسية في الجامعة العبرية، غايل تالشير: "لقد بدأت كرة الثلج تتدحرج، خطوة غانتس لن تضع حدا مباشرا لهذا الائتلاف، لكن الائتلاف بدأ ينهار على نفسه".
أصبحت مشاكل نتنياهو أكثر وضوحا، الجمعة، بعد أن أعلن بايدن عن اقتراح قدمه مجلس الوزراء الحربي الإسرائيلي مؤخرا، لوقف الحرب لمدة ستة أسابيع وتبادل الأسرى مع السجناء الفلسطينيين، والذي يهدف إلى تمهيد الطريق لإنهاء نهائي للصراع. وفي مكالمة هاتفية مع أمير قطر، الاثنين، أكّد بايدن "استعداد إسرائيل للمضي قدما في الشروط" المقدمة لحماس، وفقا لبيان البيت الأبيض.
لكن نتنياهو سعى إلى النأي بنفسه عن الاقتراح، وكان شُركاؤه من اليمين المتطرف واضحين بشكل لا لبس فيه في أنهم إذا تم التوصل إلى اتفاق، فسوف يحاولون إسقاط ائتلافه.
وقال وزير المالية، بتسلئيل سموتريش، الاثنين، إنّه إذا قبلت الحكومة "عرض الاستسلام هذا، فلن نكون جزءا منه، وسنعمل على استبدال القيادة الفاشلة بقيادة جديدة"؛ فيما قال وزير الأمن القومي، يتمار بن غفير، إنه مستعد لـ"تفكيك الحكومة".
وقال المقربون من نتنياهو، إنه يأمل في تأخير أي تفكّك لأطول فترة ممكنة، خوفا من أن يؤدي الغضب الشعبي بسبب فشله في منع عملية 7 تشرين الأول/ أكتوبر وإطلاق سراح المزيد من الأسرى إلى الفشل التام في الانتخابات.
ويشير البعض إلى أن رئيس الوزراء يريد الاستمرار في منصبه حتى الانتخابات الأمريكية في تشرين الثاني/ نوفمبر، على أمل أن يحل الرئيس السابق، دونالد ترامب، محل بايدن، في البيت الأبيض.
لكن رئيس الوزراء يشعر بالارتياح إزّاء تسارع وتيرة التطورات السياسية ومستعد لتحقيق أقصى استفادة من الظروف، وفقا لمسؤول إسرائيلي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لمناقشة المداولات الداخلية.
وقال المسؤول إنه ليس لديه أي نية للتنحي، وإذا جرت انتخابات، فسوف يقوم بحملته على نفس المواضيع اليمينية التي جعلت منه الزعيم الأطول خدمة في دولة الاحتلال الإسرائيلي، حيث وصف غانتس وغالانت ومنافسين آخرين بأنهم متهاونون في الحرب ضد حماس ونفسه باعتباره حصنا ضد الدولة الفلسطينية.
وقال المسؤول: "قد لا يتفوق في الاستراتيجية العسكرية، لكنه يتفوق في المناورة السياسية، لا يمكنك توقع خروجه". والواقع أن احتمالات بقاء نتنياهو في الائتلاف قد ازدادت خلال الأسابيع الأخيرة.
وبعد تأخره في استطلاعات الرأي لعدة أشهر، تقدّم نتنياهو بفارق ضئيل على غانتس في استطلاع حديث حول تفضيل الإسرائيليين لمنصب رئيس الوزراء، على الرغم من أن أيا من السياسيين لم يحصل على أكثر من 36 في المئة وما زال نتنياهو لا يحظى بشعبية على نطاق واسع.
وبالاستشهاد بهذه الأرقام المحسنة في استطلاعات الرأي، يشكّك المسؤولون الأمريكيون بشدة في أن الإنذار النهائي الذي وجهه غانتس وحده سوف يؤدي إلى رضوخ رئيس الوزراء لمطالبه.
وبغض النظر عن ذلك، يأخذ المسؤولون تهديد غانتس بالخروج من حكومة الحرب على محمل الجد، ويتوقعون أن يؤدّي ذلك إلى جعل ديناميكيتها المنقسمة أكثر صعوبة. وفي ظل أحد السيناريوهات، يمكن أن يُترك نتنياهو ليحكم مع ائتلافه من الوزراء المحافظين، مما يؤدّي إلى ميل عملية صنع القرار نحو اليمين.
وقال المسؤولون الأمريكيون، إنهم خلال زياراتهم المتكررة إلى تل أبيب، شهدوا عرضا شبه مستمر من مغيبة السياسيين لبعضهم البعض والخلاف بين نتنياهو وخصومه السياسيين. يفضّل وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، عادة عقد اجتماعات خاصة وسرية مع مجموعة من السياسيين الإسرائيليين لتسهيل إجراء مناقشات أكثر صراحة.
عندما تجتمع الفصائل المتنافسة في غرفة معا، غالبا ما تكون تعليقاتها حذرة، نظرا لتكرار التسريبات إلى وسائل الإعلام الإسرائيلية من قبل وزراء يسعون إلى تصوير المعارضين السياسيين في ضوء سلبي، حسبما قال مسؤولان أمريكيان، تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما لمناقشة البيئة السياسية الحساسة.
وشكّك مستشار الأمن القومي السابق، لنتنياهو، ياكوف عميدرور، في التوصيف الأمريكي. وقال إن حكومة الحرب حققت إجماعا إلى حد كبير على القضايا الرئيسية، بما في ذلك عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأخير على مدينة رفح جنوب غزة. وقال إن إنذار غانتس لن يكون له أي تأثير على مواصلة الحرب.
وقال عميدرور: "سيقومون بتعيين حكومة حرب أخرى، ما يفعله لا يتعلق بالحرب، بل يتعلق بالسياسة". غير أن محللين إسرائيليين يقولون إن خطوة غانتس قد تدفع منافسي نتنياهو الآخرين داخل حزبه إلى السعي للحصول على السلطة.
وقد تآكل الدعم الأساسي لرئيس الوزراء، وفقا لاستطلاع أجرته الجامعة العبرية صدر هذا الشهر، وأظهر أن 17 في المئة من ناخبي الليكود مستعدون لحجب أصواتهم إذا قاد نتنياهو الحزب في انتخابات جديدة.
وقالت تالشير، إن مرشحا يمينيا غير نتنياهو سيكون له جاذبية أكبر لدى غالبية الإسرائيليين من شخصية يمين الوسط أو يسار الوسط مثل غانتس أو زعيم المعارضة يائير لابيد.
وأضافت: "لن تكون المواجهة بين نتنياهو وغانتس؛ سيكون شخصا آخر يمثل الجناح اليميني"، فيما يراقب نشطاء الليكود عن كثب أي إشارات تشير إلى أن غالانت قد يستعد لتحدي رئيس الوزراء بشكل مباشر أكثر.
إلى ذلك رفض مكتب غالانت التعليق، بينما قال المسؤول الإسرائيلي، في إشارة إلى نتنياهو بلقبه: "مفتاح إسقاط بيبي موجود داخل الليكود، ومفتاح الليكود هو غالانت".