يوم الخميس 16 كانون الثاني/ يناير الحالي، دخل وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ.
منذ ذلك التاريخ، إلى يوم السبت 25 كانون الثاني/ يناير، عشرة أيام فقط، حصل فيها تنفيذ عمليتي تبادل للأسرى الإسرائيليين لدى حماس بالأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال.
عشرة أيام فقط، وعمليتي تبادل فقط، نجحت حماس وكتائب القسام في تقديم أداء إعلامي متميز، أبهر العالم، وسيطرت رواية القسام على وسائل الإعلام العالمية، وهيمنت الرسائل التي بعثتها القسام على مواقع التواصل في العالم، وسادت الرأي العام العالمي.
بعد 15 شهراً من مواجهة القسام لعدوان إسرائيلي وحشي، خرجت القسام من مجتمع قدم عشرات آلاف الشهداء والجرحى والأسرى والمفقودين، مجتمع منازله وبنيته التحتية مدمرة، مجتمع بلا ماء ولا غذاء ولا دواء ولا كهرباء، ولا شبكة اتصالات، ولا ولا..
خرجت القسام لتقدم للعالم صورة إعلامية مشرقة، تليق بفلسطين وقضيتها، وتليق بحضارة وتاريخ الشعب الفلسطيني، وتليق بالتضحيات التي قدمها اهلنا في غزة.
قدمت حماس صورة حضارية إعلامية مشرقة، تعكس جوهر الإنسان الفلسطيني، وجوهر المقاومة، وحقيقة المقاوم الذي يتطلع للحرية، وتعكس قوة الحركة ورؤيتها وأهدافها.
نجحت حماس من حيث التخطيط والتنفيذ والسيطرة، في إظهار صورة إعلامية، أو مشهدية رائعة، تعكس وجود استراتيجية إعلامية متماسكة، من حيث الرؤية والأهداف والوسائل والمضامين، تترافق مع تفاصيل صغيرة تعكس اهتمام حماس والقسام والفريق الأمني والإعلامي بأدق التفاصيل، التي تصب كلها في إطار رسالة واضحة.
من اختيار التوقيت، إلى المكان، إلى موكب السيارات القسامي، إلى المسرح، إلى اليافطات والخلفيات باللغتين العربية والانكليزية وشعار الطوفان يتوسطها، إلى الألوان والطاولة وأعلام فلسطين، إلى لباس أسيرات الاحتلال وهدايا القسام لهن، إلى توقيع وثائق الاستلام و التسليم، إلى ختم الوثائق بختم رسمي، إلى الحشد الشعبي الذي يلتف حول المقاومة، إلى طبيعة مقاتلي القسام وبنيتهم الجسدية، وعصابات الرأس القسامية، والسلاح المحمول، وضبط الأعصاب والتصرف بهدوء وحكمة، إلى التساهل مع وسائل الإعلام التي تنقل الحدث.. وهناك الكثير مما يطول ذكره.
تهدف كتائب القسام إلى توجيه رسائل للشعب الفلسطيني تحمل الثقة والطمأنينة وحسن التصرف والثبات على النهج، وتأكيد القوة العسكرية والسياسية والأمنية لحماس، إضافة لقوة الحضور الشعبي وحجم التأييد والدعم والالتفاف والوحدة الوطنية الكاسحة حول المقاومة.
وتهدف ايضاً إلى توجيه رسائل للاحتلال الإسرائيلي، مفادها أن عدوانكم فشل وأن حماس قوية وثابتة، وأن أهداف العدو الصهيوني فشلت، وأن استراتيجية الاحتلال وجيشه فشلت وتحطمت، وأن حماس لا تزال قوية وفاعلة في قطاع غزة، وأن الاحتلال يحصل على أسراه من خلال التفاوض وعملية تبادل وازنة، وأن كل سلوك الاحتلال الإسرائيلي كان عبارة عن وهم وخداع للداخل الإسرائيلي.
كما توجه رسالة للعالم، تظهر أخلاقية حماس والقسام، وأن الأسيرات خرجن في وضع صحي سليم، وصورة طبيعية، من خلال اللباس والنظافة وتصفيف الشعر والضحكات ومضامين الحديث وتعبيرات الجسد، والحديث باللغة العربية، وشكر القسام على حسن المعاملة.
بينما كان الأسرى الفلسطينيين يخرجون في ظروف صحية وإنسانية صعبة ومأساوية للغاية، تظهر وحشية الاحتلال وعدوانيته وخرقه للمواثيق الدولية، وإرهاب جيشه وأجهزته وسجانيه.
رسائل حماس حطمت رواية الاحتلال، وأحدثت تصدعات في مجتمعه، وأظهرت حقيقة صورته البشعة أمام العالم، وبينما أظهرت القسام فلسطين وغزة في مظهر عز وفخر ورفعة، وحجزت مكانة راقية للرواية الفلسطينية في العالم، وكرست صورة المقاوم القسامي وصورة شعبنا، صورة الإنسان صاحب الحق المطالب بالحرية.