18.34°القدس
18.06°رام الله
17.19°الخليل
23.84°غزة
18.34° القدس
رام الله18.06°
الخليل17.19°
غزة23.84°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: العقيدة القتالية الإسرائيلية في ضوء توظيف الفضاء الإلكتروني

كشفت بعض المواد المتعلقة بموازنة الأمن الإسرائيلية توجهاً واضحاً لدى دوائر صنع القرار في تل أبيب لإعادة بناء الجيش الإسرائيلي عبر تبني عدد من التغييرات التي تأخذ بعين الاعتبار التحول الذي طرأ على العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلي، إلى جانب التحول في طابع التحديات التي تواجهها "إسرائيل" في الوقت الحالي. ويتضح من خلال الجدل الدائر في تل أبيب حالياً إنّ "إسرائيل" تعتمد في إدخال هذه التحولات على الطفرة التي حققتها في مجال صناعة التقنيات المتقدمة. وقد بات واضحاً أنّ أهم تحوّل على العقيدة القتالية للجيش الإسرائيلي يتمثل في توظيف الفضاء الإلكتروني في الجهد الحربي الإسرائيلي. صحيح إنّه سبق لـ"إسرائيل" أن وظّفت منذ العام 2009 هذا الفضاء في جهدها الحربي والاستخباري، لكن الجديد الآن يتمثّل في توافق النخب السياسية والقيادات العسكرية على منح أفضلية للحرب الإلكترونية ضد الأطراف «المعادية». هجمات بدون أثر لقد تبيّن أنّ «إسرائيل» توظّف على نطاق واسع الفضاء الإلكتروني في محاولة تحقيق أهداف إستراتيجية في محاولتها تحقيق أهداف تكتيكية وإستراتيجية، فلم يعد سراً أنّ «إسرائيل» تمكّنت بالتعاون مع الولايات المتحدة من إعطاب أجهزة الطرد المركزي التي تعتمد عليها إيران في تخصيب اليورانيوم، وذلك عام 2009؛ وذلك عبر استخدام فيروس «Stuxnet». ولم يتردد وزير الحرب الإسرائيلي الحالي موشيه يعلون في الاعتراف بأنّ «إسرائيل» هي المسؤولة عن الهجمة الإلكترونية التي تعرّضت لها منظومات حواسيب إيرانية حساسة في حزيران 2012، وذلك عبر استخدام فايروس «Flame». في الوقت ذاته، فقد أقدمت «إسرائيل» على التسلل إلكترونياً إلى منظومات التحكم المسؤولة عن توجيه الدفاعات الجوية السورية عشية الغارة التي نفّذتها الطائرات الإسرائيلية على المنشأة النووية السورية بالقرب من «دير الزور»، شمال شرق سوريا في أيلول 2006، وأبطلت عمل هذه المنظومات حتى تقلِّص فرص تعرُّض الطائرات المغيرة لنيران الدفاعات الجوية السورية. وفي كل هذه الحالات، لم يكن من السهولة أن يتم تقديم أدلة قطعية تثبت مسؤولية تل أبيب عن تنفيذ مثل هذه الهجمات، لكن ممّا لا شك فيه إنّ الحرب الإلكترونية غدت جزءاً لا يتجزأ من إستراتيجية «إسرائيل» الهجومية، حيث يتم توظيف الفضاء الإلكتروني في الجهد الحربي ضمن إستراتيجية شاملة اعتمدتها تل أبيب. لقد أقدم الجيش الإسرائيلي على خطوة مهمة جداً عندما أعلن عام 2009 أنّ الفضاء الإلكتروني بات يمثّل إحدى المجالات الإستراتيجية العملياتية. واستناداً إلى ذلك أقام الجيش «هيئة الحرب الإلكترونية»، والتي تتبع هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، بحيث أنّ مهمة هذه الهيئة تتمثّل في تنسيق وتخطيط العمليات الحربية في الفضاء الإلكتروني، وهي في ذلك تقتفي أثر الولايات المتحدة التي دشنت «هيئة الحرب الإلكترونية»، التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية. الخشية من رد القوة بالقوة إنّ «إسرائيل» تنطلق من افتراض مفاده أنّه كلما تعاظمت درجة توظيف التقنيات المتقدمة في تشغيل مرافق البنى التحتية والمؤسسات العسكرية والمدنية الحساسة، كلما زادت فرص انكشافها أمام الهجمات الإلكترونية «المعادية» التي قد لا تؤدي فقط إلى توقف عمل هذه المرافق وتلك المؤسسات ممّا ينتج عنه شلل الحياة في الكيان الصهيوني، بل يمكن أن تؤدي أيضاً إلى سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف المدنيين والعسكريين. ومن الأهمية بمكان أن نشير هنا إلى مثال بسيط يوضح حجم الأضرار التي تخشى «إسرائيل» تكبُّدها جراء هجوم إلكتروني يستهدف مرافق البنى التحتية لديها، ألا وهي الأضرار الناجمة عن مهاجمة هيئة التحكم المحوسبة التي تشغل نظام الإشارات المرورية فيها. فقد حذّر أكثر من مسؤول إسرائيلي أنّ أيّ طرف معاد بإمكانه الولوج إلى وحدات التحكم الإلكتروني في نظام الإشارات المرورية يمكنه أن يتسبب في موت مئات الإسرائيليين في دقائق، حيث بإمكان هذا الطرف تغيير إعدادات هذه الوحدات، بحيث يتم تشغيل الأضواء الخضراء في نظام الإشارات المرورية في الاتجاهات المتعاكسة في الوقت نفسه، ممّا يعني سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى في حوادث طرق مؤكدة. إنّ الأضرار الناجمة عن مهاجمة هيئة التحكم المحوسبة التي تشغل نظام الإشارات المرورية تعتبر بسيطة مقارنة بالأضرار الناجمة عن استهداف مرافق أكثر حيوية، فعلى سبيل المثال تخشى «إسرائيل» أن تتمكن أطراف «معادية» من الولوج إلى هيئات التحكم المحوسبة في مطار بن غوريون والتسبب في حوادث تصادم بين الطائرات المقلعة أو الهابطة، أو التشويش على النظم التي تتحكم في مستوى ارتفاع الطائرات أثناء اقتلاعها أو طيرانها حتى تصطدم ببعضها البعض، أو جعلها تصطدم بعوائق طبيعية. وبوساطة الآلية ذاتها، بالإمكان المسّ بشكل جدي بتزويد الإسرائيليين بالكهرباء والماء وخدمات الاتصال المختلفة. وما ينطبق على المرافق المدنية يمكن أن ينطبق على المرافق العسكرية المختلفة التي توجّه عبر هيئات تحكم محوسبة، وتحديداً مجمعات الصناعة العسكرية المختلفة، فعلى سبيل المثال تخشى «إسرائيل» أن يتم التشويش على نظام رقابة وتحكم في مصنع ينتج وسائل قتالية بشكل يؤدي إلى تفجيره، علاوة على التأثير على هيئات التحكم المرتبطة بوسائل الدفاع الجوي كي تستهدف طائرات عسكرية أو مدنية تعود لـ»إسرائيل» نفسها. ويبلغ الفزع الصهيوني من النتائج «الكارثية» لحرب إلكترونية إلى حد الخوف من إمكانية أن تتمكن «الأطراف المعادية» من الوصول إلى النظم المحوسبة التي تشغل مصانع البتركيماويات، والتي يمكن أن تؤدي إلى حدوث تفاعلات غير مرغوب فيها ينتج عنها سحب من الغازات السامة التي تؤدي إلى عدد كبير من القتلى، فضلاً عن الكوارث البيئية التي يمكن أن تنتج عن ذلك. آليات دفاعية إنّ «إسرائيل» التي تولي كل هذا الاهتمام في توظيف الحرب الإلكترونية في جهدها الحربي، تعي أنّه من الممكن أن يتم استهدافها في يوم من الأيام بنفس الآليات التي تتبعها في الفضاء الإلكتروني. ولتلافي سيناريو الرعب، الذي تخشاه «إسرائيل»، والذي تمّت الإشارة إليه سابقاً، فقد بلور الكيان الصهيوني إستراتيجية دفاعية شاملة في الفضاء الإلكتروني. ففي 18 أيار 2011 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تدشين ما يعرف بـ»الهيئة القومية للحرب الإلكترونية»، وهدفها الأساس اتخاذ الاستعدادات الدفاعية التي تمكّن من حماية الفضاء الإلكتروني وحماية البنى التحتية والمرافق المدنية والعسكرية المرتبطة به. وحسب الإعلان، فإنّ الهدف من إقامة هذه الهيئة هو توسيع قدرات الدفاع في مواجهة حرب إلكترونية سواء التي تشنّ من قبل دول، أو منظمات. وتعتبر الهيئة مسؤولة عن جميع الأذرع العسكرية والمدنية المشاركة في هذا الجهد، وتعمل بتنسيق مع «السلطة الرسمية لحماية المعلومات»، التابعة لجهاز المخابرات الداخلية «الشاباك»، وشركة «تهيلا»، التي توفر خدمة تصفح للوزارات والمؤسسات التابعة لها. إنّ القائمين على الهيئة يدركون أنّ التحدي الأبرز أمامهم يتمثّل في تصميم منظومة دفاع إلكترونية متكاملة، مع العلم أنّ بلورة مثل هذه المنظومة يتطلّب تنسيق وتعاون كامل بين المؤسسات المدنية والعسكرية، وذلك بخلاف ما يتعلق بالمجال الحربي التقليدي، الذي تنفرد بإدارته المؤسسة الأمنية. وتنطلق الهيئة الجديدة من افتراض مفاده أنّ التنسيق والتعاون بين المؤسسات الأمنية والمدنية أمر بالغ الأهمية لأنه من الصعب التمييز والتفريق في الفضاء الإلكتروني بين البنى التحتية العسكرية والمدنية. في الوقت ذاته، فإنّه على الرغم من أنّ المؤسسة الأمنية هي التي توجّه الحرب الإلكترونية ضد الأطراف الخارجية، إلاّ أنّها تدرك أنّ تحسين القدرات الدفاعية يتطلّب تعاون وتنسيق مع القطاع الخاص، لا سيما شركات التقنية المتقدمة، على اعتبار أنّ لديها قدرات وكفاءات كبيرة في مجال التعامل مع الفضاء الإلكتروني. لقد وصل الاهتمام بالحرب الإلكترونية في «إسرائيل» لدرجة أنّ هناك دعوات داخل المؤسسة الأمنية ولجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست إلى إعادة صياغة العقيدة الأمنية الإسرائيلية التي بلورت في مطلع خمسينيات القرن الماضي كي تتلائم مع الحرب في الفضاء الإلكتروني