بجانب أحد بائعي الذرة المشوية على حافة أحد الطرقات الرئيسية قرب شارع الرشيد على بحر غزة يقف رجل كبير البطن ممتلأ الأوداج بين يديه "كُوُزٌ" كبير من الذرة تتناوب عليه أسنانه وحوافره من شدة ضخامته "كالبلدوزر"، ملابسه ممتلئة بالمياه والرمل معاً... يقول " الحكومة السبب في كل عمليات القتل في غزة؟". نظر إليه أحد المشترين قائلاً: وما دخل الحكومة في طفل وقع من الطابق السابع، أو حماة قتلت زوجة ابنها، أو سارق أطلق النار على صاحب محل... ". قهقه الرجل السمين وأعاد الكرًّة مرَّة أخرى قائلاً: "ما يدفع الناس لفعل ذلك هو وضعهم المادي الصعب، وحالتهم النفسية التي يمرون بها، "فيشتغلون ببعضهم البعض، قتلاً وضرباً..". رد عليه الشاب: وهل تعني أيها السمين أن الذين قتلوا هم من أفقر الناس، بالعكس، حالات القتل الأخيرة حدثت في بيوت ما بين متوسطة الحال وسعيدة، والحق أن تقول السبب في ذلك "ضعف الدين أيها السمين، طمع النَّاس وحسدهم وحقدهم" ... ثم وخز بإصبعه بطن السَّمين. ثم أضاف الشاب: الله يرحم أيام زمان، حين كان ابن العائلة الفلانية يحمل سلاحه مع مجموعة من "الشَّلَط" فيغلق الطرقات، ويطلق آلاف الطلقات، ولا أحد يستطيع أن يفتح فمه معه، هل تتذكر تلك المرحلة اللعينة التي سبقت، حين كان القتل يومياً, والبلد مقطعة لشرائح وأقاليم، ومناطق، هنا منطقة العائلة الفلانية لا أحد يدخلها, وهناك لعائلة أخرى... هنا مقر لجهاز أمني، وهناك لآخر... كانت البلد "مافيا" وقتها، كنا نريد ذرة من الأمن ... شوف اليوم كم من جريمة أصبح الكل يطالب بالأمن، فعلاً كنَّا عايشيين بنعمة". وهذا لا يعني يا خفيف الدم أن الحكومة غير مسؤولة، عليها أن تدرس حالات القتل الأخيرة، وأن تفرض القانون، وتنفذ القصاص وفق القانون، مش فقر وحصار وقلة أمان... الأمن والغذاء أهم شيء.