كان الدواء قديماً عجيباً غريباً بالذات في فلسطين، خليط من بعض الاعتقادات والخُزَعْبَلَاتْ على بعض النصائح العلمية الصحيحة –هكذا أخبرتني جدتي- فقد كانت طبيبة الحارة تخلط بعضا من بر القمح تصنع منه جبيرة لتضعها على قدم أصابها ألم أو ساق تعاني من التواء ما... كان الدواء قديماً قائماً على رفع نفسية المريض فقط، فما يفيد كتابة آية الكرسي على خدِّ مريض مصاب بمرض "أبو داج" ثم يشفى المريض بعد أسبوع... فقد كانت الحقيقة العلمية التي يجهلها الناس وقتها أن "أبو داج" يشفى منه الانسان بعد أسبوع أو أسبوعين تلقائياً دون الحاجة لأية الكرسي التي يخطونها على الخدْ. حدثتني أيضا جدتي أن من كان يصاب بمرض في عينه، يصحبه ألم شديد، ولربما احمرار وصديد كانوا يضعون في عينه المصابة بعضا من فضلات الحَمَامْ فتفقع عينه من قوة هذا "الوَرَص"، ليرتاح من الألم.... هكذا الديمقراطية إذن ... بعض من فضلات الحَمَامْ وضعه الغرب في عيوننا ففقعت لنتخلص من ألمها، وحين فقدنا البصر ما عدنا نرى ديمقراطية ولا "سْخَامْ بين"... لقد كانت الديمقراطية لعنة علينا إذ لم تتخلص مجتمعاتنا بعد من براثن العسكر، ولا سطوة التوريث بعد. عزيزتي الديمقراطية: يا من أوْجعْتي رؤوسنا في القراءة عنك والحديث بك، والتملق لك سنوات طِوَال، لقد أثبتِّي لنا بأنك حمل كاذب في رحم الحرية والكرامة، ومسميات لعينة لا تشبه إلا السراب يحسبه الظمآن ماءً. ها نحن تَمَقْرَطْنَأ وفق مبادئك في غزة ومصر، وفاز تيار ما –بعيد عن الإيديولوجيات الدينية_ فقد اختارهم الشعب، ولكن الجميع رفضوا هذا الأمر، لتبقى الديمقراطية خيار كاذب لنا ما دامت مجتمعاتنا غير مؤهلة له، ونحن نقاتل من أجله... كلامي هذا لا يعني أن نرفض الديمقراطية بحجم ما يعني أن على الجميع تقبل نتائجها، فمن يرفض نتائجها اليوم يدعو لانتخابات جديدة وبنفس القواعد التي كانت عليها... إذن هم يرفضونها إن فاز تيار بعينه...