ثبت بالأدلة اليقينية أن الاستبداد أخطر على العباد والبلاد من الاستعمار نفسه . نعم الاستعمار يتقاطع مع الاستبداد وبينهما قواسم مشتركة ، ولكن الاستبداد الوطني أكثر خطورة من الاستبداد الاستعماري ، لأن الاستبداد الاستعماري عاقل ويعمل بذكاء ، بينما الاستبداد الوطني أو قل الداخلي يعمل بجنون ، وبلا عقل ، وهو أجرأ على القتل والدم من الأجنبي ، وقديما قالوا في المثل ( الدم بين الأقارب جسور ) . هذه نظرة صحيحة، فأنت تجد عند الظالمين من فنون البغي والقتل والإغواء ما لا تجده عند الشيطان نفسه ، بل إن الشيطان نفسه يستعيذ من عمل ابن آدم . (1600) قتيل من كافة الأعمار و الفئات اليوم في الغوطة الشرقية والغربية لدمشق ، قتلوا بحسب المعلومات الراجحة بغاز السارين الكيماوي القاتل . المشاهد التي نقلتها الصور من خلال وسائل الإعلام هزت الضمير العالمي ، وأفجعته، وجعلته يدور حول نفسه بحثاً عن الحقيقة وهو في حالة ذهول. القتل الذريع هذا صادم للإنسانية ، وكل الاتهامات تتجه إلى السلطة الحاكمة في دمشق. مجلس الأمن ينعقد على عجل للبحث في التفاصيل والمعلومات ،لكي يحدد المسئوليات ، و يعد بمواجهة المسئولين بحزم . من يمتلك السلاح الكيماوي وله مصلحة سيكون على رأس قائمة الاتهام . المتهم الرئيس هو النظام الحاكم في دمشق ، ولكن البحث سيتسع لفحص معلومات أخرى ، ولكن ما أودّ قوله إن القوى الدولية الكبرى ، وخاصة الدول دائمة العضوية تتحمل مسئولية المشاركة في الجريمة لأنها فشلت في معالجة الأزمة السورية بشكل إنساني وعادل ، وجعلت سورياً ميداناً لصراعات بالوكالة. وربما شجع الواقع المأساوي الدموي الذي يجري في مصر ، والعدوان الصهيوني على وقوع هذه الجريمة الصادمة بشكل أو بآخر ، لأن الاستبداد لا دين له ولا جغرافيا تحده ، ولا قانون يقوى عليه حين يقف العالم القوي موقف الساكت أو المتشفي ، أو الباحث عن متهمين آخرين من الأبرياء . الجريمة التي لم نشاهد لها مثيلاً وقعت ، وصورها الصادمة ، تهاجم العقل والوجدان ، و تؤرق المسلمين وغير المسلمين ، والأطراف تتبرأ من المسئولية عنها ، وكأن عالماً من الجن فعلها . هذا النوع من الاستبداد القاتل هو تخصص المنطقة العربية والإسلامية فقط ، ولا تعرفه المناطق الأخرى في العالم حيث تعيش الدول الأخرى بأمن وأمان ، وكأن الاستبداد الدولي تواطأ مع الاستبداد الوطني الداخلي على إقصاء المسلمين من المشهد بكل الوسائل الممكنة ، ولا مانع من استخدام غاز السارين وغيره من الأسلحة الكيماوية . من قتل أهل الغوطة هو الاستبداد الوطني ، ففرعون كان وطنيا، ونيرون كان وطنيا.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.