قال تقرير أممي، إن 16 تجمعّاً فلسطينياً يبلغ مجمل عدد سكانها 2500 شخص تقع في "جانب القدس" من الجدار، بالرغم من ان معظم سكانها يحملون هوية الضفة الغربية، تواجه سلسلة من القيود المفروضة على الوصول والتنقل تعزلهم عن بقية الضفة الغربية. وأورد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (اوتشا) مثالاً على ذلك وهو تجمعّ بير نبالا/تل العدسة الذي يتألف من تسع عائلات هي جزء من عشيرة الكعابنة التي هجُرّت أصلا مما يعرف الآن بجنوب إسرائيل إلى منطقة الخليل في العام 1948، حيث يعيش سكان هذا التجمعّ في المنطقة الواقعة بين رام الله والقدس منذ الخمسينيات بموجب ترتيب غير رسمي مع مالكي الأرض وهم من بلدة بيت حنينا البلد المجاورة. وقد استقر سكان التجمعّ في هذه المنطقة منذ منتصف التسعينيات في منطقة تل العدسة داخل ما يسمى حدود بلدية القدس في أعقاب عمليات هدم سابقة، ويحمل جميع سكان المنطقة هوية الضفة الغربية، وبالتالي، يعتبر وجودهم داخل ما يسمى حدود بلدية القدس غير قانوني بموجب القوانين الإسرائيلية، إلا في حال حصولهم على تصاريح من السلطات الإسرائيلية. وقال مكتب (اوتشا)، "اكتمل بناء الجدار في منطقة بير نبالا في أيلول 2007 وكان له أثر مدمر على تجمعّ تل العدسة البدوي، حيث وجد السكان أنفسهم في جانب "القدس" من الجدار ما فصلهم فصلاً مادياً عن مركز الخدمات في بير نبالا وبقية الضفة الغربية وجعلهم غير قادرين قانونياً على الوصول إلى القدس الشرقية". وتابع، "بالنسبة لتجمع تل العدسة أصبح هذا الخطر حقيقة واقعة: ففي عام 2011/ 2010 أجبرت بضع عائلات على المغادرة بسبب القيود الصارمة على التنقل والوصول. وبعد ذلك في آب 2013، هدمت السلطات الإسرائيلية بالقوة جميع المباني في التجمعّ ولم يترك ذلك للعائلات المتبقية من خيار سوى الانتقال إلى جانب "الضفة الغربية" من الجدار، بعد أن أمرتهم السلطات الإسرائيلية بذلك. وهجر هذا التجمعّ إلى ثلاث مناطق منفصلة في جانب "الضفة الغربية" من الجدار". وطوال معظم الفترة التي انقضت منذ اكتمال بناء الجدار لم تصدر السلطات الإسرائيلية تصاريح للسكان لمواصلة العيش في منازلهم بصورة قانونية ولم توفر لهم أي آلية تنسيق تتيح لهم العبور عبر أقرب حاجز، ونتيجة لذلك لم يغادر السكان التجمع إلا في حالات الضرورة خشية من أنّ السلطات الإسرائيلية لن تسمح لهم بالعودة إلى منازلهم، وقد تم عزل النساء على وجه الخصوص. [title]تشتت العائلات[/title] وتأثرت العائلات التي لها أطفال في سن الدراسة تأثرا خاصا بسبب القيود المفروضة على التنقل ووضع الإقامة الغامض، علما أنه يعيش في التجمعّ 27 طفلاً في سن الدراسة، وقد تم فصل بعض العائلات حيث يعيش الطلاب الذين يدرسون في قرية بير نبالا أو جبع في شقق مستأجرة ليتمكنوا من الوصول إلى مدارسهم بسهولة، علما أنّ المسافة التي تفصلهم عن المدرسة لا تستغرق سوى 15 دقيقة سيراً على الأقدام في السابق. وتقول آمنة، البالغة من العمر (45 عاما) وهي أم لثمانية أطفال اثر بناء الجدار على عائلتها وحياتهم اليومية، "بعد اكتمال بناء الجدار في 2007، تدهورت ظروفنا المعيشية وانقلبت حياتنا رأسا على عقب، لقد عزلنا وعلقنا بين القدس ورام الله غير قادرين على الوصول إلى أي منهما، أصبح أطفالي مجبرين على التسلل وأحيانا القفز فوق الجدار من أجل الوصول إلى مدارسهم. وفي النهاية أرسلت أبنائي وبناتي للعيش في جبع في بيت مستأجر للتسهيل عليهم. أردت لهم أن يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة دون أن يعانوا كل صباح او ان يستهدفوا أو تعتقلهم القوات الإسرائيلية. لقد عانينا طوال الوقت من المضايقة والتخويف من السلطات الإسرائيلية كي نغادر تجمعّنا". ويقول (اوتشا)، "واجه التجمعّ كذلك صعوبات في الوصول إلى الخدمات الصحية منذ 2007 وخصوصا بسبب عدم قدرتهم على التنقل في مناطق القدس الشرقية المجاورة بسبب عدم حصولهم على تصاريح. وفي هذا الصدد يقول علي، الذي يعاني من مرض السكري، "في الماضي حاولت الذهاب إلى مستشفى المقاصد لأنني كنت أعاني من آلام في رجلي لكن القوات الإسرائيلية ألقت القبض علي أثناء ركوبي حافلة كانت متجهة إلى المستشفى وأمرتني بالعودة". [title]شظف الحياة[/title] بالإضافة إلى ذلك، كان للقيود المفروضة على التنقل ولبناء الجدار اثر ملموس على مصادر عيش سكان التجمعّ، ففي عام 2007، كان سكان التجمعّ يمتلكون ما يزيد على 600 رأس من الماشية، وحاليا لا يملك التجمعّ سوى أقل من 300 رأس، وهي المصدر الأساسي للدخل للعائلة التي بقيت في التجمعّ. ويفيد السكان بأنهمّ استطاعوا في السابق بموجب اتفاقية مع مالك الأرض في المنطقة من رعي ماشيتهم وفلاحة قطعة أرض مجاورة. بالرغم من ذلك، يقول علي الذي تربى في المنطقة، إنهّ عندما بدئ العمل في بناء الجدار بدأ الوضع في التردي وتقوضت معه الكثير من آليات التكيف التي كانوا يلجؤون إليها، وأضاف، "بعد بناء الجدار أصبحت مناطق الرعي محدودة للغاية، وأصبح الوصول إلى رام الله مستحيلا، وأصبح الوصول إلى أسواقنا في القدس جريمة. في البداية حصلنا على عدد من التصاريح ولكنها توقفت لا أدري لماذا. أنا شخصيا بعت أكثر من نصف ماشيتي كي أدفع أتعاب المحامي وكي أدفع الغرامات التي فرضتها علي السلطات الإسرائيلية، ولكنهم في النهاية هدموا جميع مبانينا رغم ذلك". ويشير (اوتشا) الى أن السلطات الإسرائيلية أصدرت، منذ عامي 2002-2003، أوامر هدم ضد جميع مباني التجمعّ بحجة عدم حصولها على تراخيص بناء وقال، "لا يتوفر سوى 13 بالمائة من أراضي الضفة الغربية التي ضمتها إسرائيل وأدرجت ضمن حدود بلدية القدس للفلسطينيين للبناء، كما أن معظم هذه المنطقة مقام عليه البناء أصلا، أما في بقية هذه المنطقة فلا يستطيع الفلسطينيون استصدار تراخيص بناء إذ انّ هذه الأراضي خصصتها سلطات البلدية إما للمستوطنات الإسرائيلية (35 بالمائة)، أو أعلنت كأراض "خضراء" أو أراض عامة (22 بالمائة)، أو لم تعد سلطات البلدية مخططات لها قط (30 بالمائة). [title]تسلسل الأحداث[/title] وأضاف، "في أيار 2012، أفاد سكان التجمعّ بأن العديد من العائلات تسلمت غرامات تبلغ 30,000 شيكل إسرائيلي بسبب البناء بدون تراخيص. وبعد عام، في بداية حزيران 2013 أفاد السكان بأنهّم تلقوا أوامر شفهية من السلطات الإسرائيلية بمغادرة منازلهم بصورة دائمة والانتقال إلى جانب "الضفة الغربية "من الجدار". وتابع، "في 19 آب 2013، هدمت القوات الإسرائيلية بموجب أمر صادر عن وزارة الداخلية جميع مباني التجمع البالغ عددها 21 مبنى، من بينها 10 مبان سكنية. بالإضافة إلى ذلك ألحقت القوات الإسرائيلية أضراراً بثمانية معالف ومخزون العلف لكامل قطيع الماشية وخزانين للمياه وصادرتهما. ونتيجة ذلك تم تهجير 39 شخصاً من بينهم 18 طفلاً. ويفيد السكان بأنّ القوات الإسرائيلية أمرتهم بالانتقال بصورة دائمة إلى جانب "الضفة الغربية" من الجدار خلال عشرة أيام أو مواجهة الاعتقال والغرامات أو مصادرة ماشيتهم. ولم تقترح السلطات الإسرائيلية أي أرض بديلة يغادر إليها سكان التجمع". أما في 25 آب، فقد غادر من تبقى من سكان تجمعّ تل العدسة البدوي مع معظم قطيع ماشيتهم إلى جانب "الضفة الغربية" من الجدار، ونفق 13 رأساً من الماشية حديثة الولادة وتركت بدون مأوى في الأيام التي أعقبت عملية الهدم، وانتقل سكان التجمع إلى منطقتين. وتصف آمنة الأحداث التي أدت إلى رحيلهم بقولها، "تسلمنا أربعة أوامر هدم وغرامات أيضا، بعد الانتهاء من هدم المباني هددنا الإسرائيليون إن لم نغادر إلى الجانب الآخر من الجدار في الضفة الغربية فسوف يفرضون علينا غرامات باهظة وقد نتعرض للاعتقال، بصراحة، لا يمكننا أن ندفع أي غرامات فليس لدينا أي أموال. لدي ابنان في الجامعة ولم أستطع حتى الآن تسديد رسومهم. أي نقود أملكها يجب أن تصرف عليهما أولاً لا أن تعطى للسلطات الإسرائيلية. ولذلك قررنا أن نغادر على أمل أن نجد ظروف معيشة أفضل وألا نواجه تهديدات السلطات الإسرائيلية أكثر من ذلك".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.