21.91°القدس
21.57°رام الله
20.53°الخليل
24.95°غزة
21.91° القدس
رام الله21.57°
الخليل20.53°
غزة24.95°
الأحد 13 أكتوبر 2024
4.91جنيه إسترليني
5.31دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.12يورو
3.76دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.91
دينار أردني5.31
جنيه مصري0.08
يورو4.12
دولار أمريكي3.76

خبر: إعادة "تدوير" ثورات الربيع العربي

تصدت الأنظمة الشمولية العربية بشراسة لثورات الربيع العربي، ونجحت في إفشالها ولو مرحليا، وفي البعد الاستراتيجي، كأن ما حصل شيئا طبيعيا، أو قل في حدود المتوقع، لأن أي محلل يتمتع بالعمق والبصيرة لا يمكنه أن يتوقع أن تفرش هذه الأنظمة الاستبدادية السجادة الحمراء أمام الجماهير الغاضبة، خاصة من قبل من شعروا أن هذه الثورات تهدد وجودهم، فقد تحركت غريزة حب البقاء في دماء هؤلاء فاستنفروا كل قواهم كي يلطخوا هذه الثورات وتشويه صورتها بكل من أوتوا من قوة، كي لا تمضي إلى مبتغاها، وكان لهم ما أرادوا، حتى بات تعبير «الربيع العربي» يثير تقززا ورعبا ورفضا عاما لدى من يسمعه، أو يقرأه! لقد نظرت كثير من البلاد العربية المحافظة للربيع العربي كتهديد استراتيجي، وكإرهاصات تنذر بزوالها على المدى البعيد، ومن أجل ذلك تحركت باستراتيجية مركبة يمكن رسم ملامحها بالآتي: - على الصعيد الداخلي أقرت بعض الحكومات رزما مالية سخية لشراء الولاء الشعبي، أرفقتها بهز الهراوة الأمنية للجهات الفاعلة في المجتمع وخصت الإسلاميين بذلك، وعلى وجه الخصوص الإخوان. - كان لها حصة الأسد في الإطاحة بالرئيس مرسي، وتحملت كلفة مالية عالية من أجل ذلك وصلت في بعض التقديرات إلى عشرات المليارات من الدولارات، كما أنها قدمت دعماً سياسيا لقادة الانقلاب المصري. - تعمل على هندسة حملة إقليمية منسقة لمحاربة الإسلاميين وخاصة الإخوان المسلمون باعتبارهم العمود الفقري للربيع العربي. والحقيقة أن أمام الأنظمة التي خرجت «قوية» أو «نجت» من تحت غبار الربيع فرصة ذهبية لإعادة «تدوير» الربيع لمصلحتها، بحيث تأخذ بيدها إجراء ما يلزم في بنية أنظمتها من تغييرات، بإرادتها ووفق «المقاسات» التي ترغبها، بعقل بارد ودون ضغط من جماهير هادرة قد تملأ الشوارع والميادين، وفي هذا فائدة عظيمة لها في البعد الاستراتيجي، حيث تضمن لها هذه التغييرات ديمومة استقرارها، ويمكنها «بيعها» لدى جماهيرها باعتبارها منتجا ذاتيا، ناهيك عن أنها توفر لها مدى غير منظور من الهدوء، والاستقرار، وتمنحها شيئا من «الشرعية» التي تآكلت على مر الزمن! إن مثل هذه المبادرات «الرسمية» ضرورية في هذا الوقت بالذات، كي لا تفاجأ هذه الأنظمة مرة أخرى بخروج طائر الفينيق من تحت الرماد، فالفشل الذي أصيبت به ثورات الربيع لم تدفنه، بل بدا أنه في حالة كمون، أو أنه يعيد ترتيب أوراقه وأولوياته، وخير لهذه الأنظمة أن تقطع على الربيع «صحوته» المفاجئة، بالاستجابة الطوعية لبعض مطالبه، أو جلها، لتكتسب عمرا مديدا واستقرارا مطلوبا. إن إعادة تدوير ثورات الربيع العربي، وإخراجها بصورة أخرى، تجعل عودة الربيع بشكله المعروف عودة ملتبسة، وبوسع من نجا منه أن يصنع ربيعه بنفسه وعلى مقاسه ووفق ما تقتضي مصالحه، وهذا يبعد شبح أي مفاجآت مستقبلية، خاصة وأن بعض الأنظمة شاخت واهترأت وأصبحت بحاجة لعملية تلميع أو تجديد كي تستمر! ربيع الأنظمة بطبعته المصنوعة بخبرات رجال الأمن والاقتصاد والاستراتيجيا، ضمان لاجهاض أي ربيع شعبي جديد لا يبقي ولا يذر، سواء جاء اليوم أو غدا، طال غيابه أم لم يطل